استطاعت الثورة الشبابية اليمنية أن تحقق نجاحاً لافتاً في الحفاظ على أولويات واضحة تحدد مسارات الحدث، حتى الآن على الأقل. المهمة تبدو صعبة للغاية ، واستمرار المحافظة عليها أصعب.. وربما لا أبالغ إذا قلت أنها التحدي الأبرز أمام شباب الثورة. فالضغوط المتزايدة لتحويل مسارات الاهتمام لا تقتصر فقط على الضغط الدعائي المستميت الذي مارسته وتمارسه الآلة الإعلامية المساندة للنظام المتهالك. بل إن ما يحدث داخل ساحات الحرية والتغيير هو الأكثر تأثيراً . والمتابع للنقاش الإلكتروني اليمني عبر الشبكات الاجتماعية (فيس بوك ، تويتر ، يوتيوب) لن يجد عناء كبيراً في التوصل لتلك النتيجة. الآلة الدعائية للنظام بدأ تأثيرها يضعف، بل وينهار.. آخر تجليات ذلك الانهيار.. محاولة المستشار الإعلامي للرئيس الإيقاع بقناة الجزيرة، عبر انتحال شخصية أحد شباب الثورة، في لحظة تذاكي وغباء أصبحت مثار تندّر. يبدو أن تلك الآلة لم تعد قادرة على إنتاج (فرقعات أسبوعية) من قبيل قصة الرجل المسن ، وقطع لسان الشاعر، كمادة دعائية مركزة لتحويل مسار الانتباه. ما يهدد مسار الترتيب السليم للأولويات يأتي في تقديري من الساحات ذاتها.. وبالأخص من نقاشات الأعزاء من الناشطين والناشطات في مجالات العمل السياسي والإعلامي والحقوقي. وفي هذا المربع على وجه التحديد أتوقع أن ينشط المطبخ الإعلامي للنظام المتهالك. وفي هذا المربع أيضا تكمن أهم سلبيات طول أمد الثورة. النقاش في معظمه صحي ومفيد، والإجماع منعقد على أن الثورة وما يصدر عن لجانها التنظيمية ليس مقدساً، ولا بد أن تخضع للنقد والمساءلة المستمرة. أيها الأعزاء الرائعون: ربما نكون جميعا بحاجة إلى توافق سريع على (ميثاق شرف ثوري) يضمن أن نحافظ على خلافاتنا من خلال الاتفاق على أولويات الاهتمام، حتى لا نخدم النظام المتهالك من حيث لا ندري في نقاشات قد لا تكون هذه اللحظة هي التوقيت المناسب لطرحها أو التركيز عليها.