تعيش الجالية اليمنية في العاصمة السعودية الرياض أوضاعاً لا تؤهلها للقيام بواجباتها في رعاية المغتربين اليمنيين هناك والاهتمام بمشاكلهم وقضاياهم. ويقول حسين باهميل (أبو علي) أمين عام الجالية هناك إن القائمين على الجالية غير مؤهلين لإدارة شئون الجالية وليس لديهم ما يقدمونه.
وفي هذا الحوار يرى باهميل أن بعض القائمين على شئون الجالية يقومون بأنشطة ترفع شعار اليمن بهدف الاسترزاق وتحقيق مصالح شخصية.
ويتحدث عن العلاقة المفقودة بين المغتربين وجالياتهم وعن كثير من القضايا التي تكشف واقع الحال لحياة المغتربين اليمنيين في الخارج.
حاوره/ رياض السامعي
* ما الجديد لدى الجالية بالرياض؟ وكيف هي علاقتكم بالجاليات الأخرى في بقية المدن؟ - أولا يسعدني أن أتحدث معكم في هذا اللقاء الذي أرجو أن يكون في خير وصالح أبناء وطني في داخل الوطن وخارجه. أما بالنسبة للجديد لدى الجالية بالرياض، لا يوجد جديد سوى نفس الوجوه القديمة التي لا تريد أن تتجدد ولا تترك التجديد يحصل. أما علاقتنا بالجاليات الأخرى في بقية المدن، جميع القائمين على الجاليات في جميع المناطق أناس لا يعرفون ما هي مهام ودور الجالية، وليس لديهم ما يقدمونه، وحتى مفهوم التواصل والتنسيق الذي تقصده لا يفهمونه.. كل قيادات الجاليات أناس جعلوا أنفسهم أوصياء على الجاليات وكأنه لا يوجد من أبناء اليمن إلا هؤلاء.. الجالية فيها من الكوادر المؤهلة من الدكتور والصحفي وجميع التخصصات.. هل تريد من هذه الكوادر أن تدار من قبل أناس لا يعرفون شيئاً عن العمل المجتمعي؟ الجالية يجب أن يكون لها نظاماً قائماً على أسسٍ مجتمعية وعصرية باعتبارها منظمة مجتمع مدني وتمثل المغتربين أنفسهم ويجب أن تعبر عنهم.
* هناك من يعتب على الجالية عدم فعاليتها في أوساط المغتربين ويصفها بأنها جالية للاستقبال والتوديع وعزائم المسئولين والزائرين.. ما رأيكم في ذلك؟ - من يعتب على الجالية هو يشرع لوجود جالية ويعترف بها.. ليس هناك جالية بالمفهوم الذي تفهمه.. فقط الجالية موجودة لأن المسئولين هم من شرع لها لكي تقوم باستقبالهم وتوديعهم ويريدوننا جالية مناسبات فقط أما نحن نعاني كما تعانون بالداخل. وعلى من يعتب أن لا يتكلم لأنه وغيره هم الذين أعطوا الفرصة لأن تكون الجالية كما هي عليه الآن.. وعليهم بدل الكلام أن يلتفوا ويٌنظموا أنفسهم ويغيروا هذا الوضع القائم لأنهم إن لم يغيروا فلا يمكن أن ينتظروا أحداً يأتي ليقول لهم "ها قد غيرنا ".
* ما هي الآلية التي تنتهجها الجالية في متابعة وحل قضايا المغتربين، وخاصة ما يخص متابعة السجناء وقضايا الإعسار والإشكاليات الأخرى مثل الكفيل وغيرها من القضايا؟ - أنت بسؤالك هذا كأنك تقول إن عندنا حكومة وليس جالية. الجالية تقوم بشكل شخصي بحل بعض القضايا والإشكاليات بين المغتربين أنفسهم، أما ما يخص السجناء والقضايا التي لدى الجهات الرسمية فليس من شأن الجالية متابعتها وهي مسؤولية الجهات الرسمية المعنية.. والسفارة هي من يقوم بمتابعتها وهناك فريق من السفارة لهذا الغرض، وجهودها مشكورة لكنها غير كافية أو ليست بالشكل المطلوب.
اليمني في المملكة كان يتميز عن غيره قبل غزو العراق للكويت، ونتيجة لموقف الحكومة في ذلك الوقت تحول هذا التميز في اتجاهٍ آخر، وسحبت منه كل الامتيازات وعلى الحكومة أن تتحمل مسئوليتها في هذا الجانب، ويمكنها عن طريق مجلس التنسيق والعلاقات الثنائية أن تضع هذه المشكلة على الطاولة، خاصة مشكلة الكفيل.
* ما هو تقييمكم لتفاعل وزارة المغتربين مع قضايا المغتربين خاصة وأن هناك من يقول إن التواصل بين الجالية وقيادة الوزارة يقتصر على أمور شكلية فقط؟ - في أسئلتك تقول إن "هناك من يقول" وهذه رواية عن مجهول.. لكن إجابة على سؤالك، أولاً: وزارة المغتربين من الوزارات المتأرجحة.. ففي تشكيلة الحكومة هذه توجد وزارة للمغتربين، وفي التشكيل القادم ممكن أن تدمج مع وزارة أخرى، وفي تشكيل آخر تكون غير موجودة أصلاً, وهذا في اعتقادي هو ما جعل عمل الوزارة شكلي.
في الزيارة الأخيرة لوزير المغتربين والتي أعطي فيها انطباعاً فوق الممتاز، شعرنا أنه كان موضوعي وشفافاً وقال إن الوزارة سوف تقوم بمهامها وأنه حريص على أن تقوم بواجباتها، وقد شعر الجميع بصدق الرجل.. لكن هذا مرهون بمستقبل وعمل الوزارة لأنه قد سبق هذا الكلام كلام كثير.
* هل ما تزال الجالية في الرياض تعاني من الانقسام كما هو ملاحظ من بعض الكتابات التي تنتقد أداء الجالية وانقسامها؟ وكيف تم حل هذا الانقسام؟ وما هي الوسيلة المناسبة برأيك لحل الإشكالية؟ - يمكن القول إن النقد شيء والانقسام شيء آخر.. نحن عندما ننتقد ليس بالضرورة أن يكون هناك انقسام، فمثلاً من هو في السلطة ينتقد مثلما فعل البعض.
أما الانقسام فلا يوجد انقسام. وكلامي هنا أن الجالية في الرياض شرعية بتكليف رئيس الجمهورية، وأنا فقط أطالبها أن تقوم بواجباتها بموجب هذا التكليف، وأن تضم عناصر جديدة من أبناء الجالية لا أن تجعل هذا التكليف فقط لاحتكار الجالية اليمنية في أشخاص لا يستطيعون أن يقدموا شيئاً للجالية..
أنا قلت طالما أن الجالية قائمة على التكليف لا يُنتظر منها شيء.. لابد من إيجاد جاليات بمفهوم عمل منظمات المجتمع المدني الحديث وأظن أن كلامي واضح.
* من أين تصرف الجالية على الأنشطة التي تقيمها رغم قلتها، وكيف هو تفاعل المغتربين مع أنشطة الجالية؟ - قلت في مقابله سابقة أن الجالية لا تملك شيئاً وليس هناك أي نشاط للجالية.. هناك أشخاص يقومون بأنشطة باسم الجالية هنا وهناك.. لكن طالما ترفع شعار اليمن "خلي من يترزق يترزق" وهذا شعار.. حتى السفارة عندما تقول لهم هذه الأنشطة تقوم على أي أساس ومن أين التمويل يقولون طالما رفع شعار اليمن ماعليش حتى بالاسترزاق ماعليش. يا أخي الكل يبحث عن مصلحته حتى ولو على حساب أهم شعار وهو شعار الوطن.
* ما هي العلاقة القائمة بين الجالية والمغتربين؟ المغتربون هم الجالية أو العكس.. لكن من نُصِّبوا لتمثيل الجالية أو المغتربين فلا توجد أي علاقة قائمة.. هناك علاقة أشخاص مع بعضهم.. أنا منذ البداية أقول لك إننا نسعى لإيجاد من يمثل الجالية أو المغتربين تمثيلاً صحيحاً.. والوضع القائم في قيادة الجالية أنه لا يوجد من يقول لهم ما هو واجب هذه المنظمة.
* مؤتمر المغتربين سيعقد قريباً ,ماذا لديكم في الجالية التي تعتبر أكبر الجاليات اليمنية في المنطقة لتقدموه في هذا المؤتمر؟ وماذا لو خرج المؤتمر مثل المرة السابقة بتوصيات فقط دون وضع آليات لتنفيذها؟ - المؤتمر فرصة أولاً لأن يجتمع المغتربون من أقطار العالم ليعرضوا مشاكلهم، وكذلك ليحدد الفرص الموجودة داخل الوطن. لكن المؤتمر سينعقد دون إشراك المغتربين في لجانه التحضيرية، ودون مناقشة توصيات وقرارات المؤتمر السابق، ولكن عندما وصل الأخ أحمد مساعد حسين وزير المغتربين أكد بأنه سوف يكون هناك ورش عمل قبل المؤتمر للمغتربين، وورش عمل لرجال الأعمال، وورش عمل للمثقفين، ليقدموا مقترحاتهم ومطالبهم، وقال هذه العبارة: "عليهم أن يقولوا هذا ما نطلبه من الحكومة وهذا ما سنقوم به وأنا سوف أتبنى هذا بنفسي". وهذه الورش بنظرنا ليست كافية ويمكن أن لا تخرج بالنتائج المرجوة التي تستطيع حل مشاكل المغتربين.
لدينا في الجالية كثير من المواضيع التي سوف نوضحها في المؤتمر، ويمكن القول إن مشاكل الجاليات والمغتربين سببها في البدء عدم قيام الدولة بالاستفادة من هذا الجزء من المجتمع في عملية التنمية. المغترب اليمني يعتبر نفسه مغترباً خارج الوطن وداخله.. الدولة لم تقم بواجبها بتوعية المغتربين والتوضيح لهم ما معنى الاغتراب. هل هو اغتراب مؤقت من أجل مصلحة أو هدف يعود بالخير والمنفعة لصالح التنمية في الوطن، أم هو اغتراب دائم بمعنى الهجرة؟ وهذه أول النقاط التي سوف نطرحها في المؤتمر، والتي تتلخص في كيفية الاستفادة من المغتربين في عملية التنمية، وما هي الواجبات التي يجب على المغترب الالتزام بها من أجل تنمية الوطن.
* علاقة الجالية مع الجهات ذات العلاقة في المملكة كيف هي؟ وما هي رؤيتكم لهذا التعاون والتفاعل؟ ومدى انعكاساتها على قضايا المغتربين؟ - علاقة المواطن السعودي بالمواطن اليمني علاقة متميزة جداً.. ذلك أن الثقافة المجتمعية واحدة، والعادات والتقاليد واحدة، ولا يشعر المواطن اليمني بفرق كبير في العلاقة.. أما العلاقة الرسمية، ففي المملكة أنظمة تحدد هذه العلاقة ويمكن التعاون في بعض القضايا التي لا تضر بالنظام العام.
وكما قلت العلاقة بين المواطنين اليمنيين والسعوديين مثل علاقة المواطن اليمني بالمواطن اليمني الآخر حسب تقديري. بعد غزو الكويت أصبح المغترب اليمني خاضع للأنظمة مثله مثل أي مقيم آخر وذلك ليس سببه المغتربين ولا المملكة بل سببه سياسة الحكومة اليمنية التي لا تنظر لمصالح شعبها في المواقف على أقل تقدير ولأن السياسة مصالح.
وعندما عادت العلاقات، وبعد توقيع اتفاقية الحدود، ظن المغتربون أن الحكومة سوف تراعي مصالح المغتربين ولكن لم نلمس شيئاً ونحن في الانتظار وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.