فارس الحميري تلوح في الافق ملامح انفراج الازمة اليمنية في الوقت الحالي اكثر من اي وقت مضى، حسب محللين ومتابعين، مع استمرار غياب الرئيس علي عبدالله صالح عن المشهد السياسي لاكثر من اسبوعين وفي ظل ما تردد عن ضغوط تمارس عليه لنقل السلطة الى نائبه عبدربه منصور هادي، الذي بات يحظى بقبول ودعم داخلي. ونقلت وكالة أنباء شينخوا عن مصدر دبلوماسي خليجي بصنعاء يوم الاثنين قوله "إن جهودا حثيثة تقوم بها دول الخليج والجانبان الأمريكي والأوروبي لحل الأزمة في اليمن". وتابع المصدر الذي رفض ذكر اسمه "ان اليمن سيخرج قريبا من المحنة التي يمر بها، خاصة في ظل تضافر الجهود العربية والدولية لذلك". وأكد "ان هناك تفهما كبيرا لدى الأطراف السياسية اليمنية لحل الأزمة أكثر من أي وقت مضى". ومنذ مغادرة صالح لتلقي العلاج في الرياض في الرابع من يونيو الجاري بعد إصابته بجروح مع عدد من كبار رجال الدولة في قصف على مسجد القصر الرئاسي خلال صلاة الجمعة، تعالت أصوات عدة في الداخل تطالبه بالتنحي وبدور ملموس لنائبه . فقد قال 108 من علماء اليمن ومشايخ قبائل يمنية كبرى في بيان السبت إن الرئيس صالح عجز عن القيام بمسؤولياته خلال الفترة الأخيرة، وعليه ان يتنحى عن السلطة، مطالبين نائبه بتشكيل حكومة مؤقتة لإدارة البلاد وإجراء انتخابات رئاسية خلال 60 يوما. وهو ما نصت عليه المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، التي وقعتها أحزاب (اللقاء المشترك) المعارضة في 21 مايو الماضي، فيما يعتبر "شباب ثورة التغيير" الرحلة العلاجية للرئيس صالح بمثابة "خروج نهائي" من السلطة. وقال المحل السياسي احمد الزرقة إن "غياب الرئيس صالح عن المشهد السياسي لاكثر من اسبوعين ولاول مرة منذ حكمه اليمن قبل 33 عاما اعطى دافعا كبيرا لكافة الاطراف في ايجاد حلول سياسية للخروج من الوضع القائم اليوم في اليمن". وأضاف "ان هناك مؤشرات مهمة تدل على ان افقا سياسيا يمكن ان يخرج البلاد مما هي فيه الان". واوضح "ان هناك ضغوطا دولية تمارس بشأن نقل السلطة من الرئيس اليمني". ونقلت شينخوا عن مصدر دبلوماسي يمني السبت الماضي قوله إن ضغوطا خليجية واوروبية وامريكية تمارس على الرئيس اليمني من اجل نقل السلطة. وتوقع ان يتم نقل السلطة رسميا الى النائب عبدربه منصور هادي خلال الايام القليلة القادمة. واوضح ان المقترحات المطروحة تتضمن ان يدير النائب البلاد لمدة 60 يوما تشكل خلالها حكومة وحدة وطنية ثم يتم الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية. وتحدثت مصادر صحفية كذلك عن ضغوط ومساع كثيفة دولية وإقليمية تمارس ضد الرئيس صالح، لإنجاز عملية نقل الصلاحيات، مشيرة الى ان اتصالات دولية على مستوى رفيع تضمنت مناقشته والضغط عليه من اجل إنجاح نقل صلاحياته الرئاسية الكاملة لنائبه عبدربه منصور هادي. ونقلت المصادر عن السفير الامريكي بصنعاء جيرالد فايرستاين تأكيده خلال لقاء سياسي مع المعارضة اليمنية الاربعاء الماضي، ان الرئيس اليمني سينقل صلاحياته الرئاسية كافة لنائبه خلال أسبوعين. ويتفق الجميع حاليا في اليمن على قيام نائب الرئيس بقيادة زمام المرحلة القادمة. ويحظى عبدربه منصور هادي بمباركة كافة الاطراف السياسية المحلية سواء في الحزب الحاكم او المعارضة وكذلك القيادات العسكرية المنشقة وغير المنشقة، بالاضافة الى كبار شيوخ القبائل اليمنية ذات التأثير الكبير في مسار الحياة السياسية اليمنية. وهو ما بدا جليا في ترحيب الشيخ صادق الاحمر زعيم قبيلة (حاشد) بدعوة نائب الرئيس اليمني في 5 يونيو الجاري الى انهاء المواجهات بين انصاره وقوات الامن في صنعاء، وملامح التهدئة القائمة اليوم بين السلطة والمعارضة ولقاءات عبدربه منصور هادي مع قوى المعارضة وشباب الثورة. ويقول الزرقة "إن اللقاءات المتكررة بين القائم باعمال الرئيس مع المعارضة والشباب والقيادات العسكرية تعد مؤشرا على تفهم كافة الاطراف لضرورة الخروج بحلول سياسية تخرج اليمن من المأزق الذي يعيشه".
كما يحظى النائب الحالي بدعم دولي، حسب محللين يمنيين. ويقول هؤلاء إن البيت الابيض على تواصل مستمر مع نائب الرئيس اليمني وانهم في الولاياتالمتحدة يشعرون بايجابية في تعاملهم معه. وكان البيت الابيض قد اعلن الاحد ان جون برينان كبير مساعدي الرئيس باراك اوباما لمكافحة الارهاب تحدث السبت مع عبد ربه منصور هادي. وقال القيادي في احزاب اللقاء المشترك عبد الملك المتوكل إن "الحزب الحاكم في اليمن اعترف ان السلطة قد انتقلت الى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي ولا يمكن الدخول معهم بخلاف، لكن الوضع يحتاج الى مزيد من التهدئة على كافة الجوانب"، حسب ما نقلت عنه صحيفة (عكاظ) السعودية. الا نائب رئيس الدائرة الإعلامية في حزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) في اليمن، عبدالحفيظ النهاري، يرى ان "ما يقوم به حاليا عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية هو الانتقال الدستوري الطبيعي للصلاحيات، هو تكريس للمرجعية الدستورية وتثبيت لمؤسسية الأداء، وليس كما يظنه الانقلابيون من أحزاب اللقاء المشترك فرصة لتطبيق أجندتهم التي خذلتها الأقدار". واكد النهاري ان هؤلاء "الانقلابيين يحاولون الآن ان يجعلوا من الأخ المناضل عبد ربه منصور هادي، عمر سليمان آخر"، في اشارة الى نائب الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي اطيح بالنظام كاملا بعد ايام من تعيينه. وشدد على ان "هذا ما لا يمكن السماح به .. لا من حيث الموضوع ولا من حيث الذات .. ذلك أن النائب قيادة وطنية فذة لا يمكن استدراجها إلى فخ مكشوف مثل ذلك".
واوضح النهاري ان "النموذج المصري المعشعش في رؤوس الانقلابيين لا يوجد إلا في رؤوسهم .. ليس له وجود على ارض الواقع ولا يمكن تطبيقه .. ولا يمكن إسقاط التجربة المصرية على اليمن". وكانت الرئاسة اليمنية قد اكدت يوم الجمعة الماضي ان الرئيس صالح "سيعود قريبا الى أرض الوطن"، ردا على ما تردد عن عدم عودته للبلاد. ووصف مصدر مسئول في رئاسة الجمهورية حينذاك ما نشر حول عدم عودة الرئيس اليمني للبلاد بانه "مزاعم كاذبة". وقال إن صحة الرئيس صالح، وحسب تأكيدات المصادر الطبية السعودية المشرفة على علاجه وكبير الأطباء المرافق له "جيدة وفي تحسن مستمر". والى جانب غياب صالح والحظوة التي يحوزها نائبه في اليمن، طغى العمل السياسي على العمل الثوري في الفترة الاخيرة لحل الازمة بالبلاد، ما يعزز الاعتقاد بان الامور تسير نحو الانفراج. وقال فؤاد يحيى علي النهاري الباحث في سيكولوجية الاعلام، إن "الحماس الثوري والروح الثورية الشبابية قد تراجعت كثيرا بفعل سيطرة النخب الحزبية على قرار الثوار.. وبالتالي لاحظنا تراجع الفعل الثوري كثيرا وتقهقره امام المفاوضات والحوارات السياسية التي دارت بين الحاكم واحزاب المشترك". وتابع "استطيع الجزم بأن الرئيس واحزاب المشترك تمكنت من اخماد جذوة الثورة وتحويلها الى ازمة سياسية بين الحاكم والمشترك". واوضح النهاري ان "نظرة الناس في اليمن تبدو متطلعة الى الخروج باي حل للازمة والوضع القائم، خاصة مع تدهور الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية".