استمعت كثيرا السنوات الماضية للقاء المشترك وهو يتوعد النظام بتهييج الشارع; ولما تقاطر ملايين الناس بعنفوان ثوري إلى الشوارع والساحات أذهل العالم, لا أدري ما حصل للمشترك; قد نسمع قريباً المشترك يهدد الثوار بالنظام !!!..إنها عجائب السياسة والساسة في اليمن!!. أنا هنا لا أقلل من شأن المشترك, لكن كمراقب يتفق معي كثير من اليمنيين وغيرهم أن أداء المشترك بحاجة إلى مراجعة شاملة.. أصبح المشترك في مربع المتلقي ورد الفعل سالكاً دروباً اختارها النظام له..ساعة يستجدون الحوار وساعة يتوسلون الخارج ليقنعوا النظام بالنظر اليهم من العين الرحيمة!!!! المشترك أمام لحظة تاريخية فاصلة يتحرك في ظروف صعبة, لذا لزم عليه أن يرتقي بأدائه الثوري, فقد أعطى النظام مساحة سياسية تحرك بها النظام وتفوق عليهم مستغلاً علاقته الشاذة التي تربطه بالخارج. المشترك حتى الأن لم يلتحم كلياً بشباب الثورة, ولعله يراهن على اندثار النظام ذاتيا..لكن يبدو أن هذا الخيار يحتاج إلى شعب بعمر نوح عليه السلام!.. اللقاء المشترك سيواجه الإندثار إن لم يلتقط هذه اللحظة التاريخية ويشرع في تكوين ائتلاف وطني واسع من الثوار, الجيش, الحراك الجنوبي, الحوثيين, وأحرار المؤتمر.. أنا أتفهم تخوفات المشترك من ابتزاز الخارج لهم والتلويح بعدم الدعم الإقتصادي والإعتراف السياسي; لكن عليهم أن يدركوا أن الغرب برجماتي وواقعي ومرن ويحترم من يحترم نفسه.. العالم يحترم ارادة الشعوب بل ويذعن لها.. في عام 2003 أجبرت أمريكا كل مشايخ النفط على القبول باستخدام أراضيها لتحطيم العراق..عدا تركيا الحرة رغم عضويتها في حلف شمال الأطلسي رفضت السماح لأمريكا باستخدام أراضيها, واحترمت أمريكا الأتراك لأن تركيا خاطبت الغرب باللغة التي يفهمها..قالت تركيا نحن دولة مؤسسات والبرلمان يرفض طلبكم..فكسبت تركيا احترام نفسها واحترام الآخرين لها, فهل من متعض ؟. الوعي المرحلي.. الثورات مراحل متزاحمة تتوالى تباعاً لتشكل زخماً لا قدرة لأحدٍ على الوقوف في وجهه..وهذا ما حصل في ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين.. الثورة لا تستجدي أحد..إذا وجبت الثورة في بلد ما فهي واجبة مرتين وأكثر في اليمن الذي تخلف في كل المجالات بسبب قيادة الرمز "المشير" إلى كل بؤر التخلف!!! .. إذاً فلماذا الإنتظار.. شباب الثورة لهم كل الإكبار ..وجدوا أنفسهم يثورون على نظام بالٍ أسري لا يرقى حتى إلى مستوى أمراء الطوائف; وعلى دول الجيران المتوجسة خيفةً من الثوار, وعلى المندوب الأمريكي السامي!!; وعلى رتابة أداء اللقاء المشترك. لكن شبابنا نسوا أن يثوروا ضد الذات وما تختزنه من موروث الإقصاء, والتهميش, وعدم التعايش مع الآخر, التفكك وترك الأمور للصدفة.. التاريخ يقول أنه لا توجد ثورة أو حركة تغيير دون وجود أعداء محليين وأجانب..ويجب علينا أن نتعامل مع هذه الحقيقة بمزيد من الإصرار والتحدي..ليس مطلوباً منكم تنقية سريرة السعودية وأمريكا..وليس مطلوب منا إصلاح شؤون الكون كي نواصل ثورتنا. , بل المطلوب منكم وضع الأمور في نصابها..هل تنتظرون مسيحاً يخلصكم من درن السلطة وآثامها.. ؟!! ..يجب أن تتقبلوا بعضكم البعض حزبيين ومستقلين. إن لم يكن لديكم جدول تصاعدي ثوري يومي فعليكم إعادة حساباتكم..ما يخيفني هو عامل الزمن الميت في اليمن..فأنا ما زلت أذكر مقولة الأستاذ المرحوم محمد علوان مفلح الملحق الثقافي في تسعينات القرن الماضي في الأردن عندما قال لأحد الطلاب المبتعثين " شوف يا ابني إسمك سقط سهواً, وقل لجماعتك في البلاد يتفرغوا لك سنة كي يعودوه" !!! . سنة لإرجاع اسم طالب سقط سهواً , ترى كم نحتاج لإعادة وطن سقط مع سبق الإصرار من سجلات العصر. ؟! شباب الثورة..صدقوني يدكم هي الأعلى بإذن الله; كل عوامل انتصار الثورة متوفرة. عليكم تجاوز كل الخلافات والتخطيط التصعيدي المربك لبقايا النظام فأنتم روح الشعب الذي لن يخذله الله سبحانه وتعالى.. عندما تتجردون تماماً للوطن والثورة وتنسون ألقابكم السياسية فلن يعلو صوتٌ فوق صوتكم.. ثورتا سبتمبر وأكتوبر خطط وقام بهما عدد محدود من الثوار لكنهم ثاروا أولاً على أنفسهم وانتصروا لقيم الإخاء والتسامح والإحترام المتبادل فكتب الله لهم النصر.
أستاذ مشارك, جامعة أدنبرة نابير- بريطانيا المصدر أونلاين