بعد أنْ شاعت صيحات اليأس والتأئيس الهجينة وأصبحت تدوي كأصوات الأواني الفارغة أصبح التغني والترتيل لأناجيل الثورة واجبة بل مُلزمة، سأغنيها وأرتُلها وأنشدها وأنثرُ عطرها العابق ليصل إلى كل الناس، مؤيدهم ومعارضهم، فقيرهم وغنيهم، صالحهم وفاسدهم، فلا بارك الله بقلم خائف خائر يذبُل وقت الحاجة، ويهرب وقت الشدائد، ويجبُن وقت المواجهة. الثورة لحنٌ رحيمٌ يتغنى به الفقراء ليجعلوه قوتا يفرون به من تجبر الخلق التُعساء وصَلفهم إلى رحاب أوسع، إلى رحاب الرحمة والعالم الأنيق، الثورة ألوانُ طيفٍ بديعةِ الجمالِ تُزينُ السماءَ ولا تزيد الرائي الا فرحا وابتسامة وسرورا، هي جميلة بجمال تنوع ألوانها، وهي إبداعية لتناسق ألوانها واجتماع كل الألوان في لوحة واحدة شامخة في السماء لا تُطال، عزيزةً على السقوط، و رائعةَ المنظر، بهية الجمال، تنحني للفقراء كأنها تؤدي تحية الفخر والولاء والاعتزاز. الثورة إبداعُ ابتسامة طالب مغترب، وهيبة ضحكة أكاديمي ناجح حاملٍ همَ الناس، وصادقة كصدق تلك المرأة الريفية التي تعمل وتجهد وتُكابد لِتُعَلِمَ صغارها وتُرسلهم ليكونوا دكاترة ومهندسين ومتعلمين، وحالمةٌ مُفعمة بالأمل كترديد أخي الصغير الذي لم يبلغ من العمر سنتين وهو يردد بلغته الجنوية الملائكية «ارحل» ويُتبعُها بضحكته المتقطعة ولكأنه -لعمري- واثق من النصر لا يشك فيه طرفة عين ولا أدنى من ذلك ولا أكثر. وأتلو عليهم، نعم سأتلو وأُشنف آذانكم، سأسترسل في التلاوة وأُبدع، أن بسم الله الرحمن الرحيم، يا ثورة الشعب والفقراء والبسطاء تحية طيبة لك من الله مُباركة عظيمة كعظمكِ، و مُخلصة من الظلم كما أنتِ، سلامٌ عليك لأنك إنجاز نبيل، ولا أنبل من إنجاز جاء ليُخلص الناس من الظلم من الاستعباد من التهميش، سلامٌ عليك أتلوه بلغة الفقراء البسطاء ذوي الإيمان الواثق والمعانات القاهرة، سلامٌ عليك أتلوه بلغة أبناء اليمن كلهم، أقول اليمن ولا غير، وأقول اليمن فلا شمال ولا جنوب ولا وسط، وأقول اليمن بشعابه وجباله وكهوفه وسواحله، بكل جماله وروعة قاطنيه حكمةً وكرما وأخلاقا وشهامة. سأتغنى بالثورة وإنجازها، سأُغني بكل المقامات وبكل طبقات الصوت، سأشدو بما أعرف وأخترع آخر، لو لم يكن للثورة إنجازٌ غير استشعار الحق في العيش الكريم لكفى، ألم نقلها في وجهه أن يا ظالم يا فاسد ارحل، ألم نصم أذنه ونحن نطالب بحقوقنا، ألم نجتمع سويا لنقول من حقنا أن نعيش حياة كريمة، حياة بشر تليق، ألم نتعلم أن الوطن أغلى ولا بد علينا ان ندافع على قضاياه المصيرية، صدحنا بها قوية تارة وحنونة تارات أُخر، من حقنا أنْ نعيش، لسنا عبيدا لعلي عبدالله صالح وصغاره وعيال أخوته وأصهاره الحمقى، نحن شعبٌ يمنيٌ عريق وعظيم، شعبٌ ذو حضارة، لا يُمكن لأحد أنْ يُركع شعبا ذا حضارة. من يقول أنْ الثورة لم تُحقق شيئا فهو شيطانٌ أخرس، ترك الحق كُلًه و ذهب لأوهامه الباطلة، ومن يقول أن الثورة لم تنجح فهو جماد لا يُفكر الا بنظام الصفر والواحد والأبيض والأسود كالآلات الحديثة يحتاج إلى برنامج ليُعيد برمجته، ومن يقلْ أن الثورة أفسدت أكثر ما أصلحت فهو جاهل لم يعِ بعد أن الثورة تغيير في نمط التفكير وصياغة الأولويات وتمهيد الطريق ليُفكر الإنسان بشكل راقي ويُصيغ أحلامه وآماله على أساس منطقي، الثورة رسالة لتقول للمواطن لا تطالب بحقوقك فحقوقك لا بُد أن تُكفل و تؤدى إليك، بل طالب بأحلامك بآمالك التي لم تُحًقق بعد. الثورة بنت وشيدت عقولا وطُرق منطقية في بناء الذات والتطلعات تجاه الوطن، الوطن كشفت جوانب كثيرة من فشلنا في بناء مجتمع إنساني حقيقي طيلة 33 سنه أو يزيد، الثورة فضحت كل من لا يُريد خيرا بالوطن والناس، الثورة كشفت كل ما كان مُستتر وكان عائقا أمام تطور البلاد وتحسين الحالة المعيشية للناس، رأينا الحميري وعصابته رأي العين، رأينا علي محسن وشلته حقيقة لا شك فيها، رأينا الزنداني وأولاد الشيخ والمُشترك ومواقفهم، رأينا الشباب وطموحاتهم وبراءتهم، رأينا الشباب والكهول والأطفال والنساء، باختصار رأينا قوة اليمن وضعفه، رأينا الصالح والطالح مما يُمهد لرؤية واضحة لمن يُريد رسم سياسات اليمن القادم على خلفية منطقية واضحة فيتطور اليمن والناس. سأنشدُ على موسيقى صاخبة لأقول: لقد تجرعنا كل معاني الذل طيلة 33 سنة، لا تعليم يرتقي، لا فرص عمل تُشبع الجائع، تدهور على المستوى الثقافي والأخلاقي للمجتمع، جُرع كانت تتوالى كالسيل الهادر، اقتصاد لا يُذكر، الحروب انتشرت كالسرطان الغير حميد، الجوع والفقر بات يُهدد كل الناس، كل شيء لا يسر ولا يُفرح والأوضاع كانت تتجه للأسوأ، لم يُبنى وطن بمعنى وطن بل حضيرة يملكها علي عبدالله صالح الحميري! وسأنشد على موسيقى أصخب لأقول: الثورة جاءت لتقول لكل هذا العبث كفى، لتقول لعلي عبدالله صالح الحميري لسنا بهائم في حضيرتك العفنة، لنقول له اليمن أغلى مننا ومنك ومن حقها ان ترتقي، من حقها ان تكون في مكان يليق، من حق الفقراء المساكين ان يحلموا بمستقبل واضح المعالم لعيالهم، من حقهم ان يعيشوا في مجتمع متساوي، تعليم وامن وصحة، جاءت الثورة لتقول لكل ذي ظالم إن من حق الناس ان يعيشوا كبقية الخلق، جاءت لتقول أيها الفاشلون تنحوا لتفسحوا الطريق للناجحين ليبنوا بلدا ووطنا وإنسانا. أقسمُ أني لن أتوقف عن غنائي وترتيلي ونشيدي حتى تنتصر الثورة، ولا أظن ذلك بعيدا، فقد لاحت بشائر النصر في الأفق، لن أتوقف وأنى لي أن أتوقف والفقراء مرابطون في أماكنهم، والله حيٌ قيوم يسمع نجوانا ويعلم سرنا وعلانيتنا، لن أتوقف حتى تنتصر الثورة أو نهلك دونها.