في بداية رمضان. لقد فتحنا أعيننا فرأينا إخواننا الشهداء يقبلون من كل صوب في السموات العلى، يحملون معهم البرد والوهج والقلوب الثائرة، هل تعبتم؟ يسألوننا ويرشون حمولتهم على الخيام والنيام تحت حرارة الشمس وجوع الصوم وعطشه، فينتفضون بروح جديد، إنها روح الثورة التي لا تموت وانتفاضة الشجرة التي تصارع خريف عمرها لتستعيد ربيعه، فكيف بنا يا ثورة وقد روت شجرتنا دماء زكية نقية! صباح الخير أيها الشهداء المنثورون كالعطر في آفاقنا الرحبة.. آفاقنا التي أصبحت رحبة لأنكم حلقتم في سمائها.. صباح الخير أيها الشهداء المنذورون للحياة المورقون بالحب والأمنيات.. صباحكم حرية وكرامة ورجاء، صباحكم عدالة وأخوة ومواساة.. صباحكم لون ملائكي يهبط على قلوبنا فيحيينا.. إننا لا نموت وأنتم تحلقون حولنا، ولا نموت وأنتم تلقحون أحلامنا لتصبح حقيقة ولا نموت يا أحباءنا وانتم تستعيدون بنا وبثورتنا الدائمة حياتكم الطويلة الهائلة.. كم صباحات لكم فيما ليس لنا إلا كل صباح فتحتم لنا من خلاله دروبا للحياة والانعتاق! وكم صباح لكم وانتم تنتشرون كأشعة الذهب لتضيؤا الأماكن الصدئة والموحلة من قلوبنا وعقولنا وأرواحنا وحيواتنا التي لم تعرف معنى الكينونة إلا بكم وبتضحياتكم! أيها الشهداء الملوحون لنا من خلف السحابات البيضاء بأيديكم الملبدة بالدم، نقول لكم قروا عينا، لازلنا نتبع خطاكم ونغذ السير نحو الحلم الذي لا تملك رصاصه ولا قنبلة ولا دبابة أن تقتله.. إنكم تحمونه بأجسادكم وأرواحكم مرة بعد أخرى لتعود الرصاصة القاتلة إلى قلوب القتلة والقناصين الذين قتلوكم لمرة واحد بينما امتلكتم الحياة بصورة خالدة.. إننا لننحني لتضحياتكم ونتعهد لكم بأن نواصل المسير، و لن نتخلف عن الركب.. لازلنا نرابط في الساحات.. ونناضل في سبيل وطن عظيم سيلملم أحلامنا وجراحنا وأرواحنا المبعثرة. ذاكرة الثورة أنا لا ذاكرة لي سوى ذاكرة الثورة، لقد محيت ذاكرتي الخاصة وأحزاني وأفراحي.. آمالي وأحلامي.. طفولتي ومستقبلي، اليوم ذاكرة الثورة هي التي تجمعنا لذا نفرح سويا ونحزن سويا وتجمعنا لحظات الأمل وعمر من الأحلام، ونغيب في طفولة الثورة لنغادر الى مستقبلنا جميعا في وطن حالم ورغد، ما أروع هذه الذاكرة التي تلملمنا جميعا في صورة واحدة.