قوبل الحادث المأساوي الذي راح ضحيته 87 شخصاً في منقطة "العادي" بمديرية حرف سفيان، محافظة عمران، بإدانة محلية ودولية واسعة فيما بدا الاهتمام الإعلامي خاصة من قبل الفضائيات العربية دون مستوى الحادث. وفي بيان لها عبرت أحزاب المشترك عن إستنكارها وإدانتها الشديدة للقصف، كما استنكرت "الصمت الإعلامي" إزاء ماحدث، وطالبت بسرعة التحقيق العادل والشفاف لما حدث. وقالت في البيان ان "مثل هذا العمل لا يعفى مرتكبه من أي طرف كان مهما كانت الأسباب والمبررات".
وطالب المشترك بدخول فرق الإغاثة والمعونات الى أماكن تواجد النازحين، وحذر من تفاقم محنتهم التي أصبحت "تؤرق الضمير الوطني والإنساني".
من جانبها دانت الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) هذا الحادث الذي وصفته ب"الإجرامي الشنيع"، وطالبت بالتحقيق الفوري ومحاكمة من تسبب فيها ومعالجة الجرحى وتعويض أهالي الضحايا.
وإذ ناشدت "هود" الحكومة توفير ملاجئ آمنة للنازحين خارج مناطق القتال، أكدت أن السكوت والمماطلة من قبل الحكومة عن التحقيق في الحادث ومعالجة الجرحى وتعويض أهالي الضحايا من شأنه أن يعرض الحكومة اليمنية للمساءلة الدولية باعتبار أن السكوت سيفسر ما جرى على أنه عملاً متعمداً يشكل جريمة حرب بل جريمة ضد الإنسانية.
إلى ذلك دانت منظمة صحفيات بلاقيود "المجزرة" وإذ أبدت حزنها وأسفها الشديدين إزاء تزايد سقوط الضحايا وسط المدنيين جراء الحرب، طالبت بتحقيق شفاف وعاجل ومحاسبة ومعاقبة المتورطين في "المجزرة البشعة".
وذكرت المنظمة طرفي الصراع بأن هذه المجزرة وغيرها من الجرائم التي تخلفها الحرب بحق المدنيين تعد من الجرائم ضد الإنسانية ومخالفة صريحة للاتفاقيات الدولية، وأكدت أن هناك عواقب وخيمة لكل تلك الجرائم، وأن مرتكبي هذه الجرائم لا سبيل للعفو عنهم أو إفلاتهم من العقاب.
وفي السياق دانت "حملة معاً ضد حرب صعدة" "الحادثة البشعة"، وطالبت بالتحقيق السريع فيها، وتحديد ومعاقبة المسئولين على هذه الجريمة، وقالت الحملة في بيان لها إن هذه الحادثة تشير تماماً إلى أن الكلفة الإنسانية لحرب صعدة تتصاعد بشكل مستمر مع استمرار الحرب، وهو الشأن الذي لا يمكن وقفه إلا بإعلان وقف الحرب.
على ذات الصعيد عبرت منظمة سياج لحماية الطفولة عن عظيم الحزن والأسف لنبأ "استشهاد" أكثر من 80 مواطناً يمنياً الذين تشير المعلومات إلى أن غالبيتهم أطفال ونساء. وأبدت قلقها إزاء الوضع الإنساني الذي وصفته ب"السيء" للأطفال والنساء في مناطق المواجهات المسلحة، داعية الحكومة اليمنية إلى فتح تحقيق عاجل مع المسئولين عن هذه المجزرة وإحالتهم إلى القضاء وتعويض أسر الضحايا والمصابين التعويض العادل.
من جهتها أعربت اللجنة التحضيرية لحراك أبناء الهضبة الوسطى عن استنكارها و إدانتها الشديدة للحادث، ولوح رئيس اللجنة سلطان السامعي بإيصال قضية ضحايا الحادث بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني إلى محكمة الجنايات الدولية في حال تواطأت السلطات في محاسبة المتورطين كما جاء في تصريح على لسانه أورده التغيير.
دولياً دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومة اليمنية إلى التحقيق على الفور وبنزاهة في أي هجمات استهدفت المدنيين، ودعت جميع الأطراف في النزاع المسلح في المنطقة إلى احترام حظر القانون الدولي لاستهداف المدنيين.
من جانبها نددت المفوضية العليا للأمم المتحدة لللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر بما أسمتاه "الضريبة الباهظة" التي يدفعها المدنيون بسبب المعارك بين الجيش والتمرد الحوثي في شمال اليمن. وحضت المنظمتان أطراف النزاع على ضمان أمن المدنيين بموجب القانون الدولي.
وقالت المفوضية العليا في بيان إن هذا الحادث يجعل "الدعوات المتكررة للأمم المتحدة أكثر إلحاحا". وطالبت بفتح ممرات انسانية تتيح الوصول إلى آلاف من سكان منطقة صعدة الذين تحاصرهم المعارك منذ شهر.
دعوات لوقف الحرب وقلق للوضع الإنساني على صعيد متصل جددت أحزاب المعارضة في بيانها دعوتها لطرفي الصراع لوقف الحرب وتحكيم العقل والمنطق واللجوء الى الحوار الوطني، مشيرة إلى أنه بدون ذلك لن تحل هذه القضايا وإنما ستزداد تعقيداً.
وأعربت "هيومن رايتس ووتش" عن عميق قلقها إزاء تبعات القتال الدائر على الوضع الإنساني في تلك المنطقة، بناء على تقارير للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية في اليمن، وكذلك تقارير إعلامية. وقالت ان التقارير الحالية تشير إلى أن ما يُقدر عددهم بمائة وخمسين ألف مدني قد تعرضوا للتشرد جراء جولة القتال الجديدة.
وترى الأممالمتحدة ان نحو 35 الف نازح يعيشون في منطقة صعدة. وقال اندرو كاميرون مسؤول اللجنة الدولية للصليب الاحمر في اليمن إن "التمكن من تقديم الرعاية الصحية للنازحين يزداد إلحاحا إذ أنهم يفتقرون إلى ابسط العناصر الاساسية للحياة".
من جانبها، شددت المفوضية العليا للاجئين على أن هؤلاء "يعيشون في ظروف رهيبة في مواجهة صعوبات بالغة نظرا لعدم وجود مياه أو كهرباء في صعدة منذ 12 اب/اغسطس الماضي".
وطلبت المفوضية ايضا من السلطات السعودية توفير أماكن إيواء ومساعدات للاجئين اليمنيين الذين يتمكنون من عبور الحدود. وفي السياق دعت منظمة "هود" في بيانها الأخير زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي في رسالة بعثتها له إلى إعلان أسماء الأسرى من الضباط والجنود "الذين أسروا خلال هذه المعارك من قبلكم كبادرة إنسانية ليطمئن أهاليهم على سلامتهم". وقالت في الرسالة: لقد دأبتما كطرفي حرب أن لا تعلنوا عن أسماء الأسرى والمعتقلين وهو أمر مؤسف يخالف قواعد الشرع والمواثيق والعهود الدولية بل وحتى الأعراف القبلية" وأضافت "هود"الأمل أن تبادروا بموقف شرعي وإنساني بإعلان أسماء الأسرى لديكم كأقل إجراء إذا لم تتمكنوا من اتخاذ قرار شجاع بالإفراج عنهم.
وقالت في رسالة للجهات الحكومية انه يفترض أن تكون الدولة أكثر حرصا على احترام حقوق الإنسان ومن ذلك احترام قواعد دستور الجمهورية اليمنية الذي يحرم الاعتقال خارج إطار القانون والإخفاء القسري وتعذيب المعتقلين ويوجب إعلام أهاليهم عن مكان احتجازهم وضمان محاكمة عادلة حال وجود تهم منسوبة لأي معتقل، وقالت هود أن المنظمات الحقوقية سجلت على هذه الحقوق للأسف غياب شبه كامل تحت ذريعة شبهة الانتماء إلى الحوثية أو إلى القاعدة، وقالت ان هذا الأمر يدفع عمل الأجهزة العسكرية والأمنية بعدم المشروعية بل ترقى بعضها إلى جرائم ضد الإنسانية .
وخاطبت "هود" رؤساء الأجهزة الأمنية " قائلة إن عدم احترام أجهزتكم للحقوق الدستورية للمعتقلين يفقدها مشروعية عملها بل ووجودها ويجعله عملا عبثيا مجرما وفقا للشرعية الدستورية والقانونية وللقوانين الوطنية وعملا يوجب المساءلة الدولية ولا يسقط بالتقادم ويحوله عمل مادي مجرد مثله مثل عمل أي خاطف أو قاطع طريق وإننا نربأ بأجهزة دولة تستمد مشروعية عملها من الدستوران تظل تمارس عملها خارج الشرعية الدستورية.
ودعت "صحفيات بلا قيود" إلى إيقاف حرب صعدة، وتأمين وصول المساعدات ولجان الإغاثة ، كما دعت منظمات المجتمع المدني ومراسلي وسائل الإعلام والصحفيين إلى تنظيم زيارات ميدانية لكافة المناطق التي طالتها الحرب والمخيمات، وكذلك دعت المجتمع الدولي إلى القيام "بدوره في حماية المدنيين و إيصال مواد الإغاثة ومتطلبات النازحين من الدواء والغذاء وكل ما يحتاجوه من مقومات الحياة الكريمة".
وأكدت حملة معاً ضد حرب صعدة على ضرورة تحييد وحماية المدنيين وتقييد الاستخدام المفرط للقوة من قبل القوات الحكومية خصوصاً وأن العمليات العسكرية تدور في مناطق مزدحمة بالسكان المدنيين مما يجعلهم عرضة للنيران ولمخاطر شديدة مع استمرار المعارك، كما طالبت بسرعة الاستجابة لمطالب وكالات الأممالمتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية بتأمين ممر إنساني في صعدة وتعليق العمليات العسكرية لتصل جهود الإغاثة للجرحى والنازحين في صعدة.
وجددت منظمة سياج تحذيراتها من تجنيد الأطفال كمقاتلين في المعارك واستخدام المدنيين دروعا بشرية أو إجبارهم على القيام بأعمال ذات صلة بالحرب لصالح هذا الطرف أو ذاك، كما حذرت من استخدام الوضع الإنساني للمدنيين في صعده لمجرد الاستقواء وتحقيق الغلبة السياسية وتوظيف معاناتهم كمادة للضغط الإعلامي أو الدولي بأي شكل من الأشكال. حسب قولها.
إهتمام إعلامي دون مستوى الحدث ولاحظ مراقبون أن الاهتمام الإعلامي من قبل الوسائل المحلية والخارجية كان دون مستوى الحدث مقارنة بأحداث أخرى سابقة سواء في اليمن أو خارجها.
ولفت هذا الضعف في التغطية الإعلامية أحزاب اللقاء المشترك التي استنكرت ما وصفته ب"الصمت الإعلامي" تجاه الجريمة.
وفي حين رأى إعلاميون أن الاهتمام الإعلامي بدا ضعيفاً لا سيما من قبل القنوات الفضائية، عزا آخرون ذلك إلى طول أمد الحرب بحيث صارت أخبارها غير جاذبة للاهتمام الإعلامي كما يحصل في أحداث العراق وغيرها.