عندما تتحرك الأنظمة عكس الاجماع الشعبي يستحيل الانسجام مع مصير الامة وتحقيق اهدافها وهذه الاستحالة تنتج اولا رفض الامة لهذه السياسات وهذا الرفض يفصل النظام معنويا عن الوطن وثانيا تعجز هذه الأنظمة في التاثير على نشاط كل فرد وبالتالي تعجز عن تحريك الطاقات الاجتماعية الموجودة في اتجاه معين نحو هدف يدركه اغلبية الناس. هذا الافتراق بين النظام والشعب ومايلحقه من صعوبات هو المحرض على الخروج والمولد للثورات التي تعتبر منقوصة مالم يلم قادتها بشروط نجاحها ومنها: - العمل على تحديد الاهداف السياسيه للثورة باكثر ما يمكن من وضوح. - تصور وسائل تنفيذ الاهداف ووضع برنامج عمل ومشاريع حتى لا يبقى حبرا على ورق. - تجسيد الأفكار الثورية في واقع الناس كنماذج تشي بماسيفضي اليه التغيير.
استوقفني المنهج الذي تبناه المفكرالتركي فتح الله كولن وادع نفسي وغيري لاستحضاره لنأخذ منه ماينفع وهو يقرر ان كلَّ هدم لا ينتهي بالبناء لايعول عليه وهويفرق بين الأمواج الغائرة العميقة والأمواج الطافحة ويوجه مصطلح الثورة فلايسلبه معناه الأصيل بل يوسع المدلول "ارْفَعْ شعار الثورة ضدَّ كلِّ مألوف، واهتِف كما هتف الرومي "هلمَّ إليَّ يا إنسان!"، ثم ادفِن نفسك في غياهب النسيان... نادِ كما نادى بديع الزمان "وا إنسانيتاه!"، ثم امضِ ولا تفكِّر بسعادتك الشخصية... أجل، اِنْسَ رغد الحياة، انْس البيت والولد، واسلك درب أهل السموِّ الواصِلين لتكونَ من الناجين"... إلى أن يقول: "مجانينَ أريد، حفنةً من المجانين... يثورون على كل المعايير المألوفة، يتجاوزون كلَّ المقاييس المعروفة". وله أيضاً الاعتراض على كلِّ شيء، ونقدُ كلِّ شيء حركةٌ تخريبية. والإنسانُ عندما لا يعجب بشيء، عليه أن يأتي وينجز الأحسنَ منه. فمِن النقد والهدم نحصل على خرائب، ومن البناء نحصل على عمار".
وبالعودة الي ملهم هذا المقال مالك بن نبي الذي صاغ في كتابه بين الرشاد والتيه أساس علم "فهم الثورات"، وكذا "وعي الاستقلال" وحيثياته في الجزائر وغيرها من البلاد العربيه وابدع فيه غاية الابداع.
مالك بن نبي الذي ساند الاطراد الثوري وشهدالتغييرات في عصرجديد اراه يندب ويحرض مفكرينا ومثقفينا للتذكير بمايمكن ان نسميه فقه الثورات.
والكتابة عن الاخلاق والثورة لتكون بديهيا تهافي مقدمة الذهن من مثل :( الثورات ليست كالحروب تدور رحاها بين العدو والعتاد بل انها تعتمد على الروح والعقيدة واذا لم تعني الثورة تغير الانسان فهي لاتعني شيئا بل لاتستطيع الوصول الى اهدافها اذا هي لم تحدث هذا التغيير وان ممارسة السياسة دون اخلاق ماهي الا خراب للامة وفي زمن غابر كتب لينين اذا وجب علينا ان نسير الي النصر زحفا على البطون فليكن ولكنه بنظرة مستبصرة وضع يده على الوجع بقوله ان كل الاحزاب الثورية التي اخفقت حتى الان قد اخفقت لان الغرور قد استولى عليها ولم تكن تقدر ما تكون قدرتها كما كانت تخشى الحديث عن جوانب الضعف فيها اما نحن فاننا لن نخفق لاننا لا نخش الحديث عن ضعفنا ونتعلم كيف نتغلب عليه.
هذه مقدمات ومسلمات في الثورات مالم تحفظ في عقولنا وقلوبنا فسوف لن نفقدعقالا فقط كماقال ابوبكرالصديق رضي الله عنه لومنعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه، بل سنفقد الروح الثورية ذاتها وقد تتغير الثورة الي "لاثورة" وربماتصبح "ضدالثورة" بطريقة واضحة خفيه.