عاد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الى بلاده بشكل غير متوقع يوم الجمعة بعد أن قضى ثلاثة اشهر في السعودية ودعا الى وقف اطلاق النار بين أنصاره ومعارضيه بعد خمسة أيام من القتال العنيف في العاصمة صنعاء. وتثير عودة صالح للظهور تساؤلات كبيرة بشأن مستقبل الخلافات في اليمن الذي اصابه الشلل بسبب الاحتجاجات ضد حكمه المستمر منذ 33 عاما والتي بدأت في يناير كانون الثاني.
وفي نيويورك قالت الولاياتالمتحدة انها تريد من صالح ان يستقيل ويرتب لنقل كامل للسلطة ويسمح لليمن "بالمضي قدما".
واندلعت اعمال العنف في العاصمة اليمنية هذا الاسبوع عندما تحولت الازمة المستمرة منذ شهور بين القوات الموالية لصالح وقوات منشقة عليه تدعم الاحتجاجات المطالبة بسقوطه الى مواجهة عسكرية مفتوحة اسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص في خمسة ايام.
كما يواجه اليمن تمردا متفاقما تشنه القاعدة وهدنة قلقة مع المتمردين الشيعة في الشمال الى جانب التيار الانفصالي في الجنوب.
وفي غضون دقائق من اعلان نبأ عودة صالح من السعودية حيث تلقى العلاج من حروق اصيب بها خلال محاولة لاغتياله دوي اطلاق نيران وألعاب نارية في شوارع العاصمة. كما تواصل القصف في حي الحصبة في صنعاء.
ودعا صالح الى وقف اطلاق النار حتى يمكن اجراء المحادثات.
ونقلت وزارة الدفاع عن صالح قوله ان الحل ليس في فوهات البنادق والاسلحة وانما في الحوار ووقف اراقة الدماء. لكن بعض اليمنيين يعتبرون عودة صالح الى اليمن ايذانا بالحرب ويتوقعون المزيد من اراقة الدماء.
وتسببت عودة صالح في انقسام حاد بين اليمنيين مع اعراب انصاره عن سعادتهم وتوقعهم ان يستعيد السيطرة على السلطة ويعيد النظام بينما يقول معارضوه انهم يخشون ان يؤدي وجوده الى اطلاق العنف من عقاله.
وقال اكرم الاغبري الذي يعمل بوابا "انا سعيد.. انه رجل شريف وعظيم. انا اعرف انه عائد ليوقف هذا العنف الفظيع. الناس هنا بدونه يعرفون فقط كيف يحكمون بالسلاح لكن بعودته شاهد بنفسك.. سيعيد البلاد الى سابق عهدها."
وقال عبد الغني الارياني المحلل السياسي والمشارك في تأسيس حركة الصحوة الديمقراطية ان العنف قادم.
وقال "هذه نذير شؤم. العودة في وقت كهذا على الارجح يعني انه ينوي استخدام العنف في حل الموقف. هذا خطير.
"مؤيدوه يشعرون انهم في موقف اقوى ولن يقبلوا الحل الوسط. وهذا بالاساس يعني ان العملية السياسية ماتت."
وانتشى انصار صالح وانطلقت محطات الاذاعة في بث أغنيات احتفالية وتجمع الالاف في مظاهرة مؤيدة لصالح ولوحوا بالاعلام وقرعوا الطبول وأطلقوا أبواق سياراتهم. وحذر التلفزيون اليمني الناس من اطلاق النار في الهواء احتفالا خوفا من اصابة المارة.
وفي ساحة السبعين مركز تجمع انصار صالح وصف الامام الذي القى خطبة الجمعة صالح بأنه نبض قلب اليمن والسعد والحب والعقل ورحب بعودته.
وتصور الكثير من اليمنيين انهم شهدوا نهاية صالح عندما سافر الى السعودية في يونيو حزيران لتلقي العلاج بعد انفجار قنبلة في قصره الرئاسي واصابته بحروق شديدة.
ويشارك صالح بالفعل في المحاثات التي يتوسط فيها مجلس التعاون الخليجي من اجل رحيله عن السلطة وسبق ان وعد اكثر من مرة بالتنحي لكنه تراجع عن وعوده.
وقالت الولاياتالمتحدة يوم الجمعة انها تريد من صالح توقيع الخطة التي قدمها مجلس التعاون الخليجي والتي تتضمن استقالة الرئيس.
وقال ياسر عامل التنظيف في احد الفنادق "لا اصدق انه عاد. ما كان يجب ان يعود... كأشخاص عاديين سئمناهم جميعا.. المعارضة والحكومة. الا يرون انهم سيدمرون هذا البلد.."
والجمت عودة صالح المفاجئة المعارضة السياسية والمحتجين والدبلوماسيين الذين يتوسلون اليه كي يرحل.
ونفى اثنان من اعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن ان تكون عودة صالح نهاية للخطة الخليجية لنقل السلطة والتي تتضمن تسليمه السلطة الى نائبة عبد ربه منصور هادي.
وقال ياسر اليماني لتلفزيون الجزيرة ان المبادرة ما زالت فعالة وان هادي سيواصل الحوار من اجل انشاء الية ملزمة لتحقيق المبادرة الخليجية.
وتنص الخطة الخليجية على تنحي صالح خلال ثلاثة اشهر من توقيعه اياها. ووافق صالح ثلاث مرات على التوقيع لكنه تراجع في المرات الثلاث في اللحظات الاخيرة.
وقال مفاوض رفيع لرويترز انه لم يتوقع عودة صالح لكنه قال ان التعامل مع الرئيس وجها لوجه ربما يجعل الامور اسهل.
وسئل أحد الدبلوماسيين السعوديين عن رأيه في عودة صالح فقال ان الامر سيء حقا.
وكان مساعدو صالح الذين صاحبوه ضمن حاشية ضخمة في قصر يكسوه الرخام في حي بوسط الرياض اكثر تفاؤلا بعودته هذا الاسبوع.
وقال احدهم عن امكانية الانزلاق الى العنف في حالة عودة الرئيس فقال "العنف موجود وهو سيعود ليحل المسألة."
ووصل الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني الى صنعاء الاسبوع الماضي لمحاولة بعث المبادرة الخليجية لكنه غادر بعد يومين دون نتيجة لمحاولته.
وقال سعد الدين طالب عضو البرلمان المعارض السابق ان عودة صالح سيئة للغاية لانها تعني على الارجح ان العنف سيستمر وان الموقف سيخرج عن السيطرة ولا احد يعرف الى أين ينتهي.