عندما تذكر اسواق النخاسة يتبادر الى الذهن تلك المشاهد التي رسمتها كتب التاريخ العربي وجسدتها الكثير من المسلسلات والافلام التاريخية لاناس جلبو قسرا ليباعو في تلك الاسواق لافرق بينهم وبين النعاج او الحمير، ليفقد الانسان آدميته وكرامته ويصبح أداة في خدمة سيده دون ان يكون له الخيرة من امره باعتباره متاعا يمكن ان يؤل الى ورثة السيد. هذه الصورة النمطية لأسواق النخاسة لم تعد موجودة لكن النخاسة تبدو اليوم في أوج مجدها، فعبيد هذا الزمن يكتبون صكوك رقهم بايديهم ويختارون سادتهم بانفسهم ويقومون بكل الخدمات التي كان يقدمها العبد لسيده بل ويتسابقون على خطب وده بكل مايقربهم اليه زلفى، غير مكترثين بوضاعة مايقومون به ومآلات ذلك عند الله وعند الناس. فيا عبيد القرن الحادي والعشرين، يامن تعرضون أنفسكم في أسواق النخاسة الالكترونية، نقول لكم ان وضعكم أسوأ من وضع عبيد العصور الجاهلية، ولن تغرنا مسمياتكم، فسواء قلتم أنكم كتاباً أو صحفيين أومحللين سياسيين أو باحثين أكاديميين، فان روائح العبودية تفوح من حبر أقلامكم التي تنصر الظالم وتجلد المظلوم وتنكئ جراحنا الغائرة بهمجية لاتقل فتكا عن حربة وحشي لكن مع فارق في الثمن. فاذا كان وحشي قد اشترى بتلك الهمجية حريته. فليت شعري ماذا تشترون؟.