قالت قوات الحكومة الليبية يوم الثلاثاء انها ربما تحاصر أحد أبناء معمر القذافي في وسط مدينة سرت مسقط رأس الزعيم المخلوع لكن المقاومة الشرسة تمنعها من الاطباق عليه. وبعد اسابيع من القتال سيطرت قوات المجلس الوطني الانتقالي على معظم سرت وطردت الموالين للقذافي الى اثنين من احياء شمال المدينة بالقرب من ساحل البحر المتوسط.
والسيطرة على المدينة التي حولها القذافي الى عاصمة ثانية ستعزز سيطرة المجلس الانتقالي على ليبيا وتسمح له بالتركيز على اعادة بناء البلاد لكن القلق الدولي بشأن المدنيين الذين يحاصرهم القتال يتصاعد.
وقال أحد قادة قوات المجلس الانتقالي ان مقاتلي القذافي يدافعون عن اخر منطقتين في سرت بشراسة لان المعتصم القذافي مستشار الامن القومي لوالده معهم.
وقال العقيد محمد الجسير ان هناك قليل من الجيوب التي تسيطر عليها قوات القذافي وتتركز بصفة اساسية في حي الدولار وانه وفقا للمعلومات المتوافرة لديهم فان هذا هو مكان المعتصم القذافي مع مجموعة اخرى.
ومع احتدام القتال في الشوارع خرجت عائلات مذعورة من منازلها في محاولة للمغادرة. وحاصر مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي عرباتهم وفتشوها بحثا عن اسلحة في مؤشر على انعدام الثقة في سرت حيث ينتمي كثيرون الى قبيلة القذافي ويعارضون الاطاحة به.
وقالت امرأة كانت في عربة فان بيضاء مع سبعة أطفال "توجد انفجارات طوال الوقت." وأضافت قائلة وهي تبكي "لا توجد مياه. لا يوجد شيء."
وقال رجل انه واسرته حاولوا مغادرة المدينة مرتين من قبل لكنهم اضطروا للعودة لانهم لم يكن لديهم وقود للسيارة وكان القتال شرسا للغاية.
وقال بينما كانت زوجته تجلس الى جواره في السيارة تبكي مع أطفالها الثلاثة "لم نكن نعرف كيف ننام بسبب الانفجارات. لم نتمكن حتى من مغادرة المنزل. لا يوجد طعام. لدينا فقط طحين وملح وخبز."
وعلى المشارف الغربية لسرت كانت شاحنة تتحرك وعلى متنها نحو 30 شخصا بينهم اطفال يرتعدون بعد أن بلل المطر ثيابهم.
وقال هؤلاء انهم جاءوا في الاصل من المغرب والسودان وانهم حوصروا في سرت لان ميليشيا القذافي لم تكن تسمح لهم بالمغادرة.
وقال أحدهم ويدعى عبد المنعم أحمد من ام درمان في السودان انه كان يعمل محاسبا في ليبيا منذ 14 عاما. وقال "ميليشيا القذافي تقول ان كل شيء على مايرام ثم بعد نحو عشر دقائق يبدأ القصف. لا يوجد طعام أو مياه ولا أدوية."
وتركز القتال يوم الثلاثاء في شارع عمر المختار. وقال مراسل لرويترز ان مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي اختبأوا في شوارع جانبية للاحتماء من رصاص القناصة الموالين للقذافي الذين يختبئون في مبان عالية. وكانوا يطلقون النار وهم يكبرون ثم يعودون الى أماكنهم مسرعين. وقال مراسل رويترز انه شاهد مقاتلا سحب الى شارع جانبي وهو ينزف بغزارة من جرح في الظهر بعد ان كان يطلق النار من مدفع رشاش روسي الصنع.
ووفقا لمسؤولي المجلس الانتقالي الذين ينسقون عملية البحث عن الزعيم المخلوع فان القذافي نفسه ليس في سرت لكنهم يعتقدون انه في منطقة بعيدة الى الجنوب في الصحراء.
ومع تركيز الحكام الجدد في ليبيا على معارك السيطرة على سرت وبني وليد وهي بلدة اخرى موالية للقذافي ظهر فراغ سياسي في ظل عدم وجود حكومة رسمية.
وتتنافس جماعات مسلحة مناهضة للقذافي من مناطق مختلفة على السلطة مما يعقد مهمة المجلس الانتقالي لبسط السيطرة على البلاد.
ولسرت أهمية رمزية نظرا لتحويل القذافي لها من قرية للصيد الى عاصمة ثانية. فقد أقام منازل وفنادق فاخرة وقاعات للمؤتمرات لاستضافة القمم الدولية التي كان يحب عقدها هناك.
وقال قائد بحلف شمال الاطلسي الذي تحلق طائراته في سماء سرت وتقوم احيانا بقصف اهداف يسيطر عليها الموالون للقذافي ان قوات الزعيم المخلوع في المدينة تبدي قدرة مدهشة على المناورة.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الجنرال رالف جيه. جوديس قوله "الشراسة التي أبدوها والقدرة على المناورة أمر مثير للغاية."
وقال "لقد دهشنا جميعا لتصميم القوت الموالية للقذافي. في هذه المرحلة ربما لا يرون طريقا للخروج." وقال المتحدث العسكري باسم حلف الاطلسي الكولونيل رولاند لافوي ان المقاومة التي يبديها أنصار القذافي عقيمة.
وقال في مؤتمر صحفي "من الواضح انهم لا يمكنهم ان يغيرا أو يؤثروا على نتيجة هذا الصراع." وأضاف "لقد اختاروا بصفة أساسية الحاق الضرر ببقية السكان في ليبيا. ومن هذا المنظور لا معنى لما نرى مما تفعله هذه القلة من القوات الباقية."
من ناحية اخرى قال علي الترهوني وزير النفط والمالية الليبي يوم الثلاثاء ان ليبيا ستشكل لجنة لفحص كل عقود النفط الموقعة في عهد الزعيم المخلوع معمر القذافي للكشف عن حجم الفساد الذي مارسه النظام السابق.
وقال الترهوني في مؤتمر صحفي ان اللجنة ستدرس جميع العقود والمشروعات وسيجري الاعلان عن أي واقعة فساد تكتشف والتحقيق فيها. من رانيا الجمل وتيم جينور