من أراد أن يتأكد من أن قناة الجزيرة هي رئة العالم، فعليه أن يتخيل لو أن الجزيرة - لا سمح الله- توقفت عن بث الهواء النقي، والأوكسجين إلى صدر العالم المثقل بأعباء وسرطانات الإعلام الفاسد والمسيّر، فمن برأيك سيؤدي هذا الدور الرائد؟ أهي القوات الحكومية التي تسبح بحمد الحاكم صباح مساء؟ أم هي القنوات المسخ التي تدعي أنها "حرة" و"عربية" وهي مشغولة بأخبار المال والبورصة، وإذا تكلمت في السياسة فشغلها الشاغل الخطر الإيراني النووي وتزوير الانتخابات الإيرانية؟ الحقيقة الساطعة التي أزداد بها يقيناً كل يوم، هي أن "الجزيرة" هي الرئة التي يستنشق العالم من خلالها نسيم الحرية، وبالذات المظلومين والمضطهدين والمحرومين الذين مكثوا زمناً طويلاً وهم يتمنون أن يسمع أحد أنينهم وشكواهم غير الله سبحانه وتعالى، فبعث الله إليهم قناة الجزيرة لتكون الملجأ بعد الله فلو تألم اليوم مجروح في أطراف الصين لسمعت أنينه على شاشة الجزيرة، ولو شكا مظلوم في أطراف أمريكا الجنوبية لسمعت شكواه على قناة الجزيرة ، ولو صاح مكلوم في أطراف أفريقيا لسمعت صدى صوته على قناة الجزيرة، ولو استغاث ملهوف في أي بقعة من بقاع الأرض، أو من على سطح القمر لوجدت صدى استغاثته على الجزيرة. والشواهد على ذلك لا تعد ولا تحصى ، فعند ما صمت العالم كله أثناء غزو قوات التحالف أفغانستان ظلت الجزيرة وحدها تنقل للعالم ما يدور هناك من حرب طاحنة دمرت فيها قوات التحالف الأخضر واليابس، حتى أن أسطورة الإعلام الغربي ( CNN ) ظلت على مدى شهرين تقريباً تنقل أخبار أفغانستان وبركن شاشتها مكتوب "نقلاً عن الجزيرة". وعلى الرغم من الخسارة الكبيرة التي تعرضت لها الجزيرة أثناء بتغطيتها هذه الحرب من خلال تعمد قوات التحالف تدمير مكتبها في كابول، ثم احتجاز مصورها سامي الحاج وترحيلة إلى معتقل جوانتنامو، وملاحقة مدير مكتبها هناك تيسير علوني، بالرغم من كل ذلك إلا أن الجزيرة ظلت محافظة على نهجها الذي اختطته لنفسها، وقد تأكد ذلك في تغطيتها للغزو الأمريكي على العراق، وهل يغيب عنا للحظة تغطية معركة الفلوجة وتألق نجم الجزيرة أحمد منصور، حيث وصل الغيظ بالقيادة العسكرية الأمريكية أن تشتمه بالاسم، وكان الثمن الذي دفعته الجزيرة في هذه الحرب غالياً، فقد قصفت القوات الأمريكية مكتبها في بغداد ودمرته، وخسرت مراسلها طارق أيوب ليرتقي شهيداً في سبيل إيصال الحقيقة للناس، ولكي يستمر تدفق الأوكسجين إلى العالم، ثم تغطية الجزيرة للعدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، وكيف لعبت دوراً إعلامياً رائداً في تبيين الحقائق. ثم تغطيتها للعدوان الإسرائيلي على غزة، وكيف كانت اللاعب الإعلامي رقم واحد في هذه التغطية.
ومهما ذكرت من مناقب ومزايا هذه القناة فلن أفيها حقها وما أستطيع أن أقوله هو أني أسأل الله العلي القدير أن يحفظ قناة الجزيرة والقائمين عليها، وما ضرّ قطر ما فعلت بعد الجزيرة .. ولا نزكي على الله أحد.