صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    حادث غامض جديد على متن حاملة الطائرات الأمريكية ترومان بالبحر الأحمر    باكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية حديثة وأسر جنود    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    إنتر ميلان إلى نهائى دورى ابطال اوروبا على حساب برشلونة    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    أكثر من 80 شهيداً وجريحاً جراء العدوان على صنعاء وعمران والحديدة    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    الخارجية الإيرانية تدين الهجوم الصهيوني على مطار صنعاء    صنعاء .. وزارة الصحة تصدر احصائية أولية بضحايا الغارات على ثلاث محافظات    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    المجلس الانتقالي وتكرار الفرص الضائعة    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    سلسلة غارات على صنعاء وعمران    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    حكومة مودرن    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين عبد الرحمن العولقي والقذافي
نشر في المصدر يوم 26 - 10 - 2011

هزت الصور التي التقطتها كاميرات التلفون المحمولة للقذافي وابنه المعتصم قبل وبعد مقتله وجدان الكثيرين, فرغم كل جرائم القذافي وأبناءه إلى أن التعاطف كان جلياً لدى الكثيرين. ورغم أن أنور العولقي ((المشتبه به)) في قضايا الإرهاب قتل قبل القذافي بحوالي عشرين يوماً ولحق به ابنه عبد الرحمن أنور العولقي (16 سنة) بأسبوعين, إلا أنهما لم يلقيا التعاطف نفسه, ليس لأن الناس يحبون القذافي وأبناءه أكثر من العولقي وابنه, لكن السبب يعود إلى الصورة وتأثيرها على المشاهد في كل مكان.
لن أقارن هنا بين القذافي الذي يعرفه القارئ جيدا ويعرف كل جرائمه وبين أنور العولقي الذي قد يجهل القارئ أنه لا توجد تهمة ضده إلا الاشتباه فقط, ولا بين المعتصم الذي كان يشغل منصب (مستشار الأمن القومي) و بين الطفل عبد الرحمن العولقي الذي كان يشغل قلوب من حوله بالحب.
بين القذافي صاحب أكبر حفلة إعدام في التاريخ العربي الحديث في 29/6/1996 في سجن ((ابو سليم)) حين تم تصفيه 1200سجين (( للأسف لم يكن لدى القتلة تلفونات محمولة لتوثيق الصراخ الجماعي للسجناء أثناء تصفيتهم)) وبين أنور العولقي الذي قال المحققون أنهم فقط وجدوا رقم تلفونه في منزل أحد منفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
بين المعتصم الولد المدلل لأبيه المعروف بحبه تعذيب خدمه الفلبينيين وبين عبد الرحمن الذي عرف بأخلاقه المرهفة والهادئة في أسرته.
بين المعتصم الذي إن بحثت في اليوتويب (قبل مقتله) ستجد حفلاته الباذخة بذخاً أسطوريا, وبين عبد الرحمن الذي إن بحثت عنه في فضاء الانترنت لوجدته يرتدي تي شرت وبنطلون جينز و نظارة توحي إليك بأن الله قد خلق هذا الطفل من كتلة تسامح وبراءة.
بين القذافي وابنه اللذين قتلهما ثوار عظام ثاروا على جبروته وطغيانه منذ 42 سنة, بهم من الغيظ على القذافي ما يعرفه الجميع جيداً, وبين العولقي وابنه اللذين قتلتهما طائرة بدون طيار, طائرة لم تتعرف على عبد الرحمن عن قرب, لم تر ابتسامته وهو يرتدي النظارة في وسامة طفولية. ولم تقرأ على أنور حقوقه المدنية قبل تفجيره كما تفعل الشرطة الأمريكية مع المقبوض عليهم بحكم جنسيته الأمريكية.
لن أقارن بينهم, لأن ما كتبت من أجله هذه المقالة هو عبد الرحمن, آخر جرح في كرامة هذا الوطن. لعلها آخر هدية قدمها نظام صالح لأوباما. وتساءلت لماذا لم يتأثر الجميع بمقتله بصاروخ تفجر في جسده النحيل. وكانت الإجابة تكمن في مقدرة الصورة على التأثير على المشاهد لتجعله يبكي على من لا يستحق البكاء ويصمت على من يستحق النواح. ففي الحادثتين (القذافي وابنه والعولقي وابنه) ظهرت قدرة الصورة على تغيير العواطف فرغم ما حدث لأنور وما حدث لعبد الرحمن إلا أن القليل تأثروا وأظهروا حزنهم على مقتلهم. أما الصور والمقاطع التي نشرت لمقتل القذافي وابنه فقد جعلت قلوب الكثيرين تهتز حتى لمن كان يكره القذافي. نجحت الصورة في سلب عاطفة المجلود و المقهور نحو الجلاد.
لم يثر مقتل عبد الرحمن أحداً في اليمن, لا الناقمين على النظام, ولا جمعيات حقوق الإنسان. بينما تحركت جمعيات أمريكية اعتبرت مقتله جريمة عظيمة, ولم يهتم اليمنيون لهذا الفتى الذي صرحت وسائل الإعلام الأمريكية بأن عمره 21 سنة, وتبرعت الواشنطن بوست بالرد على هذه الكذبة ونشرت شهادة ميلاده التي تثبت أن عمره 16 فقط.
مازلت أشاهد صوره الموزعة في الفيس بوك وأفكر في أسى : لماذا قتلوك يا عبد الرحمن ؟؟
ألأنك جعلت شعرك فوضوياً, أم لأنك لم تتشاجر مع أحدٍ طوال حياتك؟؟
ألأنك كنت تهوى - حين تلعب مع أصدقائك - إخافتهم ببعض الحشرات كالجراد والخنافس.
أم لأنك وضعت صورة الرايكاجي (raikage) بطل مسلسلات الأطفال كصورتك الشخصية في حائط الفيس بوك؟؟ هل أرعبتهم هذه الصورة لتجعلهم يطلبون دمك؟؟
تخيلوا معي الطفل عبد الرحمن وهو يعد الغداء مع مجموعة من أقاربه لا يدري أن هذه الوجبة التي لن يأكلها هي آخر ما سيربطه بالحياة, يأتيه الصاروخ ليمزقه, قد يكون شاهد الصاروخ وهو يتجه نحوهم وقد يكون ميزه أنه أداة نقل من الحياة إلى الموت. ربما رأى الموت في جزء من الثانية. ربما تساءل لماذا أغادر الحياة؟ ما تهمتي؟ ماذا اقترفت في الستة عشرة سنة التي عشتها على هذه الأرض؟.
ربما شاهد عبد الرحمن ذلك الصاروخ وربما أتاه من الخلف غدراً كما هي عادة القتلة الجبناء , فلم يعرف أنه سيغادر الحياة. ربما كان هناك من شاهد الصاروخ يتجه نحوهم, بيد إن سرعة الصاروخ لم تمهل الرجل فرصة لإخراج تلفونه و تسجيل هذه اللحظة التي لو سجلت, بالتأكيد لجعلت الشارع العربي يبكى عبد الرحمن كما بكى القذافي وابنه.
مات عبد الرحمن بصاروخ مزقه ولم يكتب أحدٌ في الفيس بوك أن قتل الملائكة من الكبائر. و أنه من المعيب سرقة روح هذا الطفل المتهم بحبه لمن حوله. لم يكتب أحد في الفيس بوك عن الصاروخ الذي احتضن عبد الرحمن ومزقه, لم يكتب أحد في هذا الفيس بوك ((الذي صار مسرحا لدموع الكثيرين عن القذافي الذي قتل برصاصة في الرأس)) لم يكتب أحد فيه عن أم عبد الرحمن التي كانت تريد أن تضم جسد ابنها في صدرها, تقبله على جبينه, تهمس في أذنيه بأنها راضية عنه وتحمله سلاما يوصله إلى أبيه.

المصدر أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.