قبل خمسة أشهر وتحديداً في يونيو الماضي كتب الأستاذ جمال أنعم مقالاً نشرته صحيفة الصحوة الأسبوعية وعدد من المواقع الإخبارية تحت عنوان (تخديج الثورة) يحذر من الانجازات الغير مكتملة والنتائج الناقصة من خلال حوارات بلهاء ومبادرات الأحياء المتسفلة واطئة السقف باعتبار ذلك تخديجا للثورة وإجهاضا لروحها، وتشويه وجه الثورة الجميل حد قوله.. والطفل الخديج هو نتاج ولادة مبكرة، لها أسباب متعددة، وتخرج إلى الحياة مولوداً ناقص النمو لأنه لم يكمل تطوره في رحم الأم، ويكون عرضة للإصابة بعدة أمراض وغالباً لا يكتب له الحياة.. والأستاذ جمال كتب مقاله بعد مرور أربعة أشهر على إندلاع الثورة الشعبية في اليمن احتجاجاً على محاولات لإحياء المبادرة الخليجية وجلسات حوار عقدتها أحزاب المشترك مع نائب رئيس الجمهورية بعد أيام من حادثة تفجير جامع الرئاسة وسفر الرئيس صالح إلى السعودية للعلاج حيث اعتقدت المعارضة حينها أن عبدربه منصور صار قائماً بأعمال الرئيس فقط ينقصه قرار جمهوري بنقل الصلاحيات إليه، وأعتقد الثوار أيضاً أن النظام قد سقط، وأن صالح ذهب إلى غير رجعة..
اليوم وبعد مرور تسعة أشهر على الثورة اليمنية ينبغي الحديث عن "تهكيش" الثورة، وكلمة "هاكش" تطلق بالعامية في معظم مديريات محافظة تعز على الجنين الذي تأخر موعد ولادته بعد الشهر التاسع لسبب ما، ومعروف أن مدة الحمل الطبيعية هي أربعين أسبوعاً وإذا زادت يضطر الأطباء إلى التدخل لإحداث مخاض حفاظاً على صحة الأم والجنين عبر ما يسمى (الطلق الاصطناعي) بواسطة أدوية معينة تثير تقلصات الرحم ثم الولادة، وآخر الحلول لإخراج الطفل من بطن أمه عندما تتعسر الولادة بصورة طبيعية يلجأ الطبيب إلى عملية قيصرية، ولها مضاعفات محتملة..
ثوار اليمن أحيوا الأسبوع الماضي جمعة رقم أربعين وهي المدة الطبيعية لمولود الثورة، وصرنا بحاجة ماسة لتدخل أطباء الثورة لإحداث حسم ثوري حفاظاً على وحدة وأمن واستقرار البلد أياً كانت المضاعفات، إذ أن كل تأخير بعد اليوم صار إنذاراً خطيراً، وعلى الذين يقولون بأن الثورات لا تقاس بالزمن متعللين بأن الثورة الفرنسية استمرت عشر سنوات، عليهم أن يدركوا أن الثورة الفرنسية كانت في القرن الثامن عشر ولم يكن حينها "فيسبوك" أو انترنت، ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين..
أخفقت سلمية الثورة في الوصول إلى حسم ثوري، وفشلت العملية السياسية في إحداث انتقال سلمي للسلطة، وخاب الرهان على دور يقوم به النائب الذي يبدو أنه خائف على حقه "السامان" في صنعاء، والمجتمع الدولي يتحرك كالسلحفاة، وكل تأخير يهدد حياتنا كيمنيين، والمستفيد الوحيد هو صالح وعصابته وكل المؤشرات تؤكد أن الخبير يخزن الأسلحة استعداداً ليوم أسود، ويتحالف مع جماعات متطرفة وانفصالية لتدمير البلد، ويريد أن يأتي عام 2013م ونحن مازلنا نطالبه بتنفيذ بنود المبادرة الخليجية!!
صالح مش راضي يعذب إبليس خالص، ولا يريد أن يرحل بهدوء ويكتفي بما قد أحدثه من خراب ودمار وفساد خلال ثلاثة عقود، ولن يسلم الكرسي إلا بصميل أخضر حد تعبير الأستاذة رشيدة القيلي، والمشترك جالس يبايع الزياني وبن عمر ولا ندري ماذا ينتظر، هل ينتظر عملية اغتيال ناجحة للواء علي محسن، أم ينتظر إبادة أولاد الأحمر؟! قبل أيام التقى الشيخ صادق الأحمر المبعوث الأممي وقال له «لولا تمسكنا بالسلمية لحققت الثورة الشعبية أهدافها منذ وقت مبكر»، وهذا الأسبوع قال النائب محمد عبداللاه القاضي في حوار صحفي «لو أردنا الحسم العسكري لأسقطنا النظام خلال أسبوع"، والمثل الشعبي يقول "آخر العلاج الكي».. والحليم تكفيه الإشارة.