وجه الزعيمان الجنوبيان علي ناصر محمد وعلي سالم البيض رسالتين منفصلتين إلى الشعب بمناسبة ذكرى 14 أكتوبر ال46 التي تصادف اليوم الأربعاء، وذيل ناصر رسالته باسم الرئيس، بينما ذيل البيض رسالته باسم رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية. وفي حين اتفقت الرسالتان على أن الجنوب أصبح "غنيمة وفيد" بعد حرب 94م، اختلفا في الأهداف التي يسعى لها كل منهما، ففي حين كرر البيض حديثه عن فك الارتباط، جدد ناصر دعوته للاصطفاف الوطني والحوار على قاعدة التغيير الكامل والشامل. وقال الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد ان ذكرى ثورة أكتوبر تأتي في ظروف عصيبة واستثنائية بكل المقاييس تعبر عن حجم الخيبة التي يمنى بها الشعب الذي قدم الشهداء الأحرار في سبيل قيام الثورة وبناء الدولة. وأضاف ناصر الذي يعيش في سوريا ان الشعب "وضع حلم الوحدة نصب عينه وقدم في سبيل تحقيقها جل تضحياته واصطدمت أمنياته في بناء دولة كبيرة واحدة موحدة بجدار الحرب في 94م الأمر الذي شكل منعطفاً خطيراً حَوَل الوحدة إلى فيد وضم وإلحاق وعنف وملاحقة وعبث وإقصاء ومصادرة للحقوق العامة والخاصة وعسكرة للحياة المدنية. وتابع قائلاً: منذ انطلاقة ملتقيات التصالح والتسامح ومن ثم الحراك السلمي الجنوبي واصل شعبنا المكافح تقديم الشهداء والتضحيات الجسام الأمر الذي لم يرق لدعاة الفرقة والفتن الذين وصل بهم الأمر إلى محاولة نبش القبور لعرقلة مسيرة التصالح والتسامح وفي مواجهة الحراك السلمي الجنوبي مارسوا كل أشكال القتل والقمع والتنكيل والملاحقة وتكميم الأفواه وملاحقة الصحفيين وإغلاق الصحف. وقال أيضاً: لعلنا نستمد من هذه المناسبة دلالات واضحة على حجم معاناة شعبنا وفداحة ما يتعرض له بصورة ممنهجة طاردة للسلم الأهلي والسلام الاجتماعي وباعثة على اليأس والإحباط والتذمر على كافة المستويات فها نحن اليوم نحيي ذكرى شهداء المنصة الذين سقطوا وهم يمارسون حقهم القانوني والإنساني في الاحتجاج والنضال السلمي، ولا يزال القتلة يسرحون ويمرحون وتتحفظ عليهم السلطات التي لا ترغب في وضع حد لممارسات القتل والتنكيل والملاحقة فهي ترى في هذه الوسائل طريقتها المثلى لإخماد النضال السلمي الحر الأمر الذي يعكس حالة الإفلاس السياسي الذي ليس أدل عليه التهرب من الاستحقاقات الوطنية والتنصل من لغة الحوار فلا نسمع إلا هدير الطائرات ودوي المدافع في سماء صعدة وعمران شمالاً ولا نرى إلا أرتال العسكر داخل وخارج المحافظات والمدن والقرى الجنوبية التي لا يُراد لها أن تسمع صوتها وتعبر عن رفضها للظلم ورغبتها في انتزاع الحقوق المشروعة. واختتم ناصر رسالته بالقول: إننا ننتهز مناسبة ذكرى ثورة 14 أكتوبر الخالدة لنترحم على شهدائنا منذ اندلاع الثورة على المستعمر البريطاني وفي مقدمتهم راجح بن غالب لبوزة إلى آخر شهيد سقط في مسيرة النضال السلمي، ونطالب السلطات بالإفراج الفوري عن المعتقلين من نشطاء الحراك الجنوبي والصحفيين والكف عن الملاحقات وإطلاق صحيفة "الأيام" وإعادة الاعتبار للحياة المدنية في طول وعرض البلاد وخاصة في المحافظات الجنوبية التي تستمد حيويتها من روح المدنية وتلفظ العسكرة وتسيء إليها العبثية والهمجية ونعتقد أنه بات من الحتمي لإنقاذ الوطن من مأزقه التاريخي أن يجري الاصطفاف الوطني باتجاه الحوار على قاعدة التغيير الشامل والكامل ودون ذلك فإن الوطن أمام خطر داهم وعلى من وضع البلاد والعباد في هذه الحالة المأساوية والكارثية أن يتحمل مسؤولياته التاريخية، والله على ما نقول وكيل. من جانبه هنأ نائب رئيس دولة الوحدة السابق علي سالم البيض "أهلنا في الجنوب"، بهذه المناسبة، وقال إننا " نقف كجنوبيين بإجلال وتقدير أمام ذكرى الشهداء الأبرار، رجال الواجب الجنوبي الذين سطروا أروع ملاحم البطولة والفخار، ورووا بدمائهم الزكية الطاهرة ارض جنوبنا الغالي، داعياً الله أن يسكنهم فسيح جناته". وأضاف: نحتفل اليوم بذكرى هذه المناسبة العزيزة إلى نفوسنا، ونحن أحوج ما نكون إلى استعادة معانيها الكبرى، واستذكار دروسها الغنية بالعبر, فشعبنا الذي طرد واحدة من أعتى الإمبراطوريات في الكون يرزح اليوم تحت الاحتلال من جديد. إنه احتلال من نوع مختلف، بعيد عن مفاهيم العصر وقوانينه التي تضع في الصدارة احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها. وتابع قائلاً: جاءنا الاحتلال البريطاني من وراء البحار، أما الاحتلال الحالي فقد كان نتيجة لانقلاب نظام صنعاء على مشروع الشراكة الوحدوية. واستطرد: لقد أردنا أن ننتقل بهذه المنطقة من حال التشرذم، إلى مجاراة الأمم المتحضرة التي تؤكد كل يوم على تعزيز الأواصر المشتركة في ما بينها، دون ان يلغي أي منها منطق الشراكة او مصالح الطرف الآخر، ولكن للأسف إن ما تعرضنا له هو محاولة الابتلاع وإلغائنا كشريك، وتحويلنا إلى غنيمة حرب، ومسح هويتنا وطمس تاريخنا. وقال: لقد رفضنا ذلك ونعيد اليوم ثباتنا على هذا الموقف، فنحن لم نخض حربا طويلة الأمد للخلاص من الاستعمار البريطاني، لكي نتخلى عن شخصيتنا وتاريخنا ونلتحق بأي طرف ونصبح تابعين له، بل لكي نحافظ على هويتنا ونعيش بحرية وكرامة وفي حرية ومساواة ومن دون أي تعسف أو اضطهاد، وأن نقيم شراكة قائمة على التكافؤ في كل شيء. ومن هنا نعاهد الله والشعب أننا لن نتراجع عن هدف تحقيق استقلالنا الثاني مهما كلف ذلك من تضحيات ومهما طال الوقت. واختتم البيض رسالته بالدعوة إلى توحيد الصفوف وتعزيزها، من أجل تحقيق ما سماه "الاستقلال الثاني"، كما دعا "أبناء شعبنا الجنوبي" إلى الوقوف دقيقة صمت في كافة أنحاء الجنوب للترحم على أرواح شهداء ثورة أكتوبر المجيدة، وشهداء الجنوب عبر تاريخه الطويل وصولاً إلى الوقت الحاضر.