على مدى ثلاثة أيام (من 10-12 أكتوبر الجاري) ناقش المشاركون في المؤتمر العام الثالث للمغتربين اليمنيين، الكثير من أوراق العمل المقدمة التي شملت جوانب مختلفة تهم المغتربين من جهة والحكومة والدولة من جهة أخرى، كالاستثمار والتنمية والتأمين والتعليم والارتباط بالوطن وغيرها من القضايا. وانعقدت على هامش المؤتمر ورش عمل صدر عنها وعن المؤتمر توصيات وقرارات عدة أغلبها تصب في صالح التنمية والاستثمار في البلاد، إذا وجدت طريقها للتنفيذ والتطبيق، كتلك التي تتعلق بحماية المغتربين المستثمرين من الفساد والجبايات مثل التوصيات التي تدعو إلى إلغاء الشراكة بالحماية، والكف عن السمسرة بالأراضي التي اشتراها المغتربون لإقامة مشاريع استثمارية عليها.
اللافت أن القاسم المشترك بالنسبة للمغتربين المستثمرين والسؤال الذي ظل يطرح بقوة طوال أيام المؤتمر: هل سترقى مثل هذه القرارات إلى مستوى التنفيذ والتطبيق، أم ستلاقي مصير سابقاتها في المؤتمرين الأول والثاني؟! وظل خوف المغتربين من ضياع أموالهم ومستثمراتهم هماً وهاجساً مسيطراً عليهم خلال النقاشات، خاصة وأن بعضهم قد تعرض للابتزاز والسمسرة تحت مسميات الشراكة بالحماية وغيرها.
لذلك لم يكف المغتربون عن المطالبة بإصلاح مثل هكذا اختلالات، و"إتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية لهم وتهيئتها وإزاحة ما يعترضها من معوقات، وتنفيذ توصيات ورشة العمل الخاصة برجال المال والأعمال، وإيجاد الحلول العاجلة لقضايا المغتربين وإنشاء بنك خاص بهم، وإنشاء شركة قابضة يساهم فيها رجال المال والأعمال والمغتربون"، بحسب كلمة المغتربين التي ألقاها محمد العامري، أحد المغتربين في الإمارات. أما رجل الأعمال أحمد محمد العواضي فقد دعا في كلمته هيئة الجاليات ومنتسبيها العمل على خدمة المغتربين، ومقاومة كل من يحوَّل عمل الجاليات عن أهدافها الأساسية المنصوص عليها في اللوائح والقوانين.
أولويات السلطة وبالتوازي مع هذه الهموم والقضايا، ركز منظمو ورعاة المؤتمر في السلطة والحكومة على نقطتين رئيستين: فمن جهة كان الاستقطاب السياسي غير خافٍ على المراقب لأعمال المؤتمر، عبر محاولة ثني المغتربين من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية عن الاستجابة للدعوات التي توجه لهم من قيادات الحراك الجنوبي في الخارج لحثهم على عدم التعامل مع السلطة، ومن جهة أخرى تم التركيز على زيادة استثمارات المغتربين في البلاد، ومحاولة جذب أكثر قدر من حوالات المغتربين إلى الداخل والتي بلغت العام الماضي ملياراً و420 مليون دولار، حسب إحصائيات وزارة المغتربين.
وبدءاً بكلمة الافتتاح لوزير المغتربين أحمد مساعد حسين، التي لخصها بلهجته البدوية بالمثل الشعبي اليمني: "مالك بغير بلدك لا لك ولا لولدك"، وانتهاءً بكلمة الاختتام لنائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور، الذي قال إن اليمن بحاجة ماسة إلى دعم ومساندة أبنائه المغتربين خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية وتدني أسعار النفط، ظل التركيز على هاتين النقطتين؛ إذ انصبت كلمتا رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، الذي لم يحضر الجلسات بكلية الشرطة وإنما استقبل المغتربين بدار الرئاسة، على دعوة المغتربين إلى الاصطفاف ضد دعاة الإمامة والتشطير.
"المصدر أونلاين" التقى عدداً من المغتربين لمعرفة انطباعاتهم عن المؤتمر ورؤاهم: د. منصور القدسي –استشاري الحوادث والطوارئ بمدينة جدة، ورئيس اللجنة الصحية بالجالية اليمنية بالسعودية، قال إن التنظيم كان مقبولاً. وإن الأوراق تتلمس قضايا المغترب وهمومه ومشاكله. ورغم أنه أشاد بكلمة وزير المغتربين وطالب بأن تدرج ضمن قرارات وتوصيات المؤتمر، إلا أنه شكك في إمكانية تطبيق القرارات على أرض الواقع: "نأمل أن ترتقي قرارات وتوصيات المؤتمر إلى مستوى التطبيق ولا تكون كسابقاتها في المؤتمرين السابقين"، قال القدسي.
وشكا من تعدد قيادات الجاليات في كل دولة، وطالب وزارة الخارجية بالعمل على تشكيل قيادة واحدة للجاليات في كل دولة "نريد من وزارة الخارجية أن تشرف على تفعيل اللوائح التي أصدرتها وزارة المغتربين لتشكيل قيادات الجاليات في الدول المختلفة، لا أريد أن أرى أكثر من قيادة في البلد الواحد"، قال القدسي. وأضاف: "هناك تسيب من سفارات بلادنا في الخارج". ودعا إلى إيجاد مكاتب لوزارة المغتربين في كافة البعثات الدبلوماسية للإشراف على عمل الجاليات، والتعامل مع المغترب مباشرة، موضحاً أن ذلك سيخلق قاعدة بيانات دقيقة لمعرفة الكفاءات العلمية المهاجرة: "أريد أن يكون لهذه الكفاءات دور حسب تخصصاتها المختلفة، ولا يكون بحسب الوجاهات والمعرفة الشخصية". ودعا إلى إيجاد نافذة موحدة للتعامل مع المغتربين في قضايا الاستثمار في كل محافظة على حدة.
أما يحيى عبدالله الكثيري، الأردن، قال إن المؤتمر جيد لأنه يخلق علاقات طيبة ونقاشات مثمرة لطرح هموم المغترب ومشاكله. لكنه أوضح أن ما يهم هو التنفيذ للقرارات الصادرة عن المؤتمر. وأضاف أن أحسن فكرة أقرها المؤتمر هو إنشاء بنك خاص بالمغتربين.
وعن المشاكل التي يواجهها المغتربون في الأردن، قال إن أهمها عدم وجود منح الأبناء المغتربين للدراسة في الجامعات الأردنية.
المستثمر (ع. م. ج) أحد المغتربين في الخليج، قال إن المؤتمر جيد لأنه يعرف الجاليات بعضها ببعض في الدول المختلفة، ويخلق حالة من الطمأنينة بين أبناء البلد الواحد. موضحاً أن قرارات المؤتمر جيدة وممتازة على المستوى النظري لكن المشكلة تكمن في تطبيقها على أرض الواقع، وغياب الأمن النظام والقانون في البلاد.
وأوضح: "لدي قضية أرض منذ العام 1995 حيث اشتريت أرضية مساحتها فدانان وربع الفدان بعدن بمبلغ 35 مليون ريال وسورتها فيما بعد ب12 (مليون طول السور 12 ألف متر)، لإقامة مشروع سكني استثماري عليها وعندما ذهبت لأسجلها بمصلحة الأراضي بعدن رفضوا تسجليها بحجة أنها تابعة للمساحة العسكرية".
وتابع (ع. م) قائلاً: "منذ عام 95 وحتى الآن خسرت خمسة أضعاف قيمة الأرضية وأنا أتابع في المحاكم وفي محافظة عدن وقد أصدر محافظ عدن عدة توجيهات بتسجيل أرضيتي إلا أن ذلك لم ينفذ". بحجة أن هذا الأمر يحتاج إلى أمر استثنائي من رئيس الجمهورية.
وأوضح أن لجنة الأراضي التي نزلت إلى عدن عام 96 عرضت عليه أن يأخذ 9 قطع من إجمالي 32 قطعة (مساحة الأرضية) مؤكداً أنهم يساومونه الآن على أساس يعطونه ثلث الأرضية، والباقي تؤخذ كأملاك دولة تابعة للمساحة العسكرية، رغم أنه اشتراها من مواطنين مالكين لها حسب قوله. وأنه ينتظر إنصافاً من رئيس الجمهورية. وقال إن هذه المساومات تجري مع غيره من المغتربين المستثمرين وأن أحد أصدقائه المغتربين في قطر اشترى أرضية بمليار ريال لإقامة مشروع استثماري عليها إلا أنه لم يمكن منها حيث عرضت عليه شراكة (ثلث له وثلثان للمتنفذين مقابل الحماية).
وعلق على ذلك: "كل ذلك يجري في ظل دعاية تقول إن الأراضي تصرف للمستثمرين مجاناً".
لقطات من المؤتمر التنظيم اعتوره بعض القصور: في القاعة عند قراءة ومناقشة الأوراق المقدمة حيث سادت الضوضاء والهرج والمرج مما أثر على سماع صوت قارئ الورقة أو المداخلين. - لم توزع أوراق العمل وأدبيات المؤتمر على الحاضرين بهدوء، حيث لم يحصل عليها أغلب الحاضرين إلا من لديهم معرفة باللجنة الإشرافية، أو بواسطة، أو من يستطيع المزاحمة والصراخ. - الضابط الذي صرف بطاقات الحضور في اللجنة الأمنية تعامل بامتهان مع المشاركين وخاصة الإعلاميين، عند استلام بطاقاتهم. - القاعة كانت مكتظة وغير مهيأة لاستيعاب هذا العدد الكبير من الحضور، إلى جانب كثير من الاختلالات التي لا يتسع المقام لذكرها.