تصريح هنا وآخر هناك ومنبعه واحد: الاتحاد العام لكرة القدم. ويصب في مجرى البحث عن مدرب عالمي يقود سفينة منتخبنا الوطني الأول نحو بر الأمان بعد أن تخبطت سفينته في بحر الهزائم المريرة خاصة في خليجي 19 بعمان. أربعة أشهر مرت وجهابذة الاتحاد واللجنة الفنية لا يتورعون عن تخدير الشارع الرياضي اليمني باسطوانة المدرب العالمي، ووصل جنونهم لحد طرح اسم المدرب العالمي (سكولاري) بعد طلاقه من ناديه تشيلسي الانجليزي! وبكل سذاجة يطرحون الأسماء واحداً تلو الآخر كمن يسوق الكذبة ويصدقها وتناسوا في الإطار ذاته أن العلة ليست في اسم المدرب بل في العقلية التي تُدار بها كرة القدم اليمنية.
لا يستطيع سكولاري أو السير فيرجسون صنع المعجزات لمنتخب كسيح يعاني الأمراض مجتمعة وتحيط به بيئة ملوثة من الاتجاهات كافة .. فالبنية التحتية معدومة؛ ملاعب ترابية ترفض (الخيول) دخولها تجنباً للإصابات، وأخرى أرادوا تجميلها بعشب أخضر سرعان ما يتصحر، وتشبه هذه العملية إلى حد كبير المرأة الطاعنة في العمر و(مكيجوها) بمساحيق تجميل لم تستطع إخفاء عيوب ما أفسده الدهر!
أندية دكاكينية تنتج بضاعة (فاسدة) لا تقوى على الحركة والظهور القوي. قيادات رياضية لا تعرف عن الرياضة شيئاً سوى أنها وسيلة للتكسب وضمان لمستقبل (العيال) من تبعات زمن أغبر أقفر رديء! فكيف سيأتي (سكولاري) لتلطيخ سمعته في جو (معفن) كهذا.....؟؟!!
الشيخ أحمد العيسي – رئيس الاتحاد العام لكرة القدم، وفي خضم نكسة (الستة) السعودية برسم خليجي 19 بعمان، صرَّح بأن الانتكاسة والظهور المهين والمشين لن يمرا مرور الكرام وستتم محاسبة المقصرين بدءاً من الاتحاد ذاته. لكن لم يحصل من ذاك شيء واتخذ القرار الأول والأخير بالإطاحة ب(الغلبان) وعبد المأمور الكوتش محسن صالح وجهازه المعاون ككبش فداء و(بعير) تضحية لمهازل الاتحاد وأخطائه الكبيرة بعدم الإعداد الأمثل للمنتخب وهو على مشارف مهمة رسمية ترفع من شأن الوطن كروياً في المحافل الرياضية العربية وتزيد من أسهمه وأسهم الاتحاد أيضاً .. الرجل لم يحترم كلمته وأعاد العصا إلى مخبأها بعد أن رفعها لمرة واحدة وعلى رأس واحد غلبان. وأتساءل هنا:
هل الشيخ لا يستطيع تنفيذ أجندته بصرامة؟ أم إن ثقافة (العيب) و (القبيلة) تقفان أمامه بقوة كلما حاول إرساء دعائم النظام والقانون والتضحية بأحد مشايخ الاتحاد أو كلهم (يا لوماااااه.. يا منعاااااااه)؟! وهي قرارات حاسمة تصب في مصلحة الاتحاد ذاته والكرة اليمنية.
وكتأكيد لما ذهبنا إليه، أعود إلى الوراء قليلا، وتحديداً عند خليجي 18 بدولة الإمارات، وحقق المنتخب أفضل العروض لكن الصورة لم تكتمل وأفسد حلاوتها بعض أعضاء الاتحاد من خلال اصطحاب (الغّرامة) أو (البودي الجارد) والأصحاب والخلان ممن لا تربطهم بكرة القدم أي صلة قرابة لا من قريب ولا من بعيد ولا حتى ب(الرضاعة)، وكذلك ظهرت (فضيحة) العضو الاتحادي الذي (التهم) مكافآت التعادل أمام منتخب الكويت، وكل ذلك حدث وسط صمت مريب من شيخ الاتحاد! أما تصرفات بعض الإعلاميين و(دوسهم) على سمعة الوطن ب(الجزمة) من خلال تصرفات لا مسئولة ولا تمت للدين والأخلاق بصلة فهذا شأن آخر! والمصيبة أن الشيخ لم يتعض من تلك الدروس ويحتضن أصحاب القيم والمبادئ وأصحاب السوابق في سلة واحدة، وهذا يعني أن طريق إفسادهم معبدة. هكذا تعلمنا في صفوف الابتدائية.
حتى لا نتوه في الدهاليز المظلمة، نعود لحكاية إعجاب مشايخ الاتحاد بشخصية الكابتن محسن صالح وأعطوه فوق ما يستحق، وعندما ازدادت أمراضه تركوه يرحل. وأتوا بالمدرب البرتغالي جوزيه دي موريس، وفي يقيني أنهم هللوا وفرحوا وأقاموا الأفراح والليالي الملاح وامسكوا (الأسد من ذيله) واكتشفوا لاحقاً أنهم وقعوا في مقلب اختلاط الأسماء فالموجود ليس المدرب الداهية (مانويل جوزيه) مدرب الأهلي القاهري!!
وسرعان ما أعادوه من حيث أتى بفتوى شهيرة من الخبير الكروي الشيخ حسين الشريف الذي حكم عليه بنظرة فنية انه (عديم الفائدة ومدرب مغمور)، وعادوا للحبيب الأول محسن صالح قبيل انطلاق البطولة بفترة وجيزة لم يستطع خلالها ترميم الصفوف وحلحلة الأخطاء الواضحة في عملية الاختيار التي تمت عن طريق مشايخ الاتحاد وليس عن طريق المدرب حسب اعتراف (منّظر) الاتحاد د.حميد شيباني، ولهذا كانت النتائج انتكاسة ومزيداً من الأسى والحزن للجماهير الرياضية وأصابتهم هزيمة السعودية في مقتل ولو فيه ناس يحسوا (لانحاشوا) خجلا!
بعد ذا كله قالوا المدرب الوطني فيه الخير والبركة. وتسلم سامي نعاش القيادة أمام قطر، وحافظ المنتخب على ماء وجهه وخسر بتواطؤ الحكم الكويتي وسمح للنعاش لاستكمال المسيرة بتصفيات كاس آسيا وخرج بنتيجة مشرفة أمام البعبع الياباني. وفي فترة توقف التصفيات أعاد جهابذة الاتحاد البحث عن مدرب عالمي ودخلنا في حلقة مفرغة من الأسماء الكبيرة والوهمية وانتهت جميعها في المشمش إلى أن وقع الاختيار على المدرب (لوكا) وأعتقد أن اسمه سيناسبنا كثيرا لأنه مشتق من (اللوك) ويا بخت أعضاء الاتحاد!
نصيحة أسديها لوجه الله لأعضاء الاتحاد: عندي مدرب عالمي ومعروف وأكيد د.حميد شيباني يعرفه جيداً، وهو يستطيع الوصول بنا إلى العالمية في غمضة عين، إنه (شعبولا) أو شعبان عبدالرحيم. وحتى لا يختلط الأمر عند الشيخ الفاضل حسين الشريف ويأتي لنا ب (بلاتيني) وبالمناسبة هو واحد من أعظم نجوم الكرة العالمية ورئيس الاتحاد الأوربي لكرة القدم أما (شعبولا) فهو فنان الشعب والغلابى كافة...!!.