بدأت يوم الاربعاء جولة الاعادة في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب المصري التي حقق حزبان اسلاميان مكاسب كبيرة فيها الى الان. وألقت خمسة أيام من الاشتباكات العنيفة في القاهرة بظلالها على الانتخابات وهي الاولى منذ الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط في الانتفاضة الشعبية التي اندلعت يوم 25 يناير كانون الثاني.
ووجهت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون لوما شديدا للمجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد على العنف الذي استهدف أيضا محتجات سحل جنود احداهن وتعرت أمام الكاميرات.
وعم الهدوء ميدان التحرير والشوارع المؤدية اليه الليلة الماضية للمرة الاولى منذ نحو أسبوع. وفي الليلة السابقة لاحق جنود من قوات مكافحة الشغب مئات المحتجين المطالبين بانهاء فوري للادارة العسكرية لشؤون البلاد. وقال نشطاء ان العشرات أصيبوا وان الجنود استخدموا الاعيرة الحية وأعيرة الصوت وطلقات الخرطوش لطرد المحتجين من الميدان.
وبحسب مصادر طبية قتل 14 محتجا في الاشتباكات الاخيرة اضافة الى نحو 42 قتلوا في اشتباكات بدأت يوم 19 نوفمبر تشرين الثاني واستمرت نحو أسبوع.
وتجرى انتخابات مجلس الشعب على ثلاث مراحل بدأت أولاها يوم 28 نوفمبر تشرين الثاني وستنتهي الانتخابات قبل منتصف الشهر المقبل.
وبدأت لجان الانتخاب في استقبال الناخبين في الساعة الثامنة صباحا ( 0600 بتوقيت جرينتش) لكن شهودا قالوا ان بدء التصويت تأخر في بعض اللجان.
وتشمل المرحلة الثانية من الانتخابات تسع محافظات هي الجيزة وبني سويف والمنوفية والشرقية والاسماعيلية والسويس والبحيرة وسوهاج وأسوان.
وتجرى جولة الاعادة على يومين ويتنافس فيها 118 مرشحا على 59 مقعدا في 30 دائرة انتخابية للمقاعد الفردية. كما يجري التصويت في ثلاث دوائر لنظام القوائم الحزبية.
ويتنافس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين وحزب النور السلفي على 29 مقعدا. كما ينافس الحزبان على باقي المقاعد باستثناء ثلاثة بحسب صحيفة ألاهرام.
ويبلغ عدد من لهم حق التصويت في جولة الاعادة بالمرحلة الثانية قرابة 18 مليون ناخب. وقال شهود عيان في محافظة البحيرة شمالي القاهرة ان الاقبال ضعيف وان مخالفة قواعد الدعاية الانتخابية استمرت أمام العديد من لجان الانتخاب.
وقال شاهد "لا يوجد اقبال.. لا توجد طوابير.. بعض الافراد ينتخبون."
وأضاف "الواقفون أمام اللجان من الاخوان والسلفيين للدعاية للحرية والعدالة والنور أكثر من الناخبين." وقال رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات المستشار عبد المعز ابراهيم قبل يومين ان نسبة الاقبال في الجولة الاولى من المرحلة الثانية بلغت 67 في المئة.
وكان ابراهيم أعلن أن نسبة الاقبال في المرحلة الاولى بلغت 62 في المئة لكنه عاد وخفض النسبة لاحقا الى 52 في المئة ثم عاد ورفعها الى 60 في المئة.
وهذه أول انتخابات حرة في مصر منذ نحو 60 عاما لكن مراقبين يقولون ان مخالفات شابتها. وقالت اللجنة القضائية العليا للانتخابات ان المخالفات لا تصل الى حد تهديد شرعية النتائج.
وألغى القضاء الاداري الانتخابات في عدد من الدوائر في المرحلتين بينها الدائرة الاولى في القاهرة التي أقرت اللجنة القضائية العليا للانتخابات بأن 90 صندوق اقتراع فيها فقدت أو تلفت.
وقال المجلس الاعلى للقوات المسلحة انه سيسلم السلطة في يوليو تموز لرئيس سينتخب في يونيو حزيران بينما يطالب المحتجون بانهاء الادارة العسكرية فورا.
وقال محمود وهو ناشط عمره 25 عاما طلب ألا ينشر اسمه بالكامل "ان شاء الله سنكمل الثورة يوم 25 يناير باسقاط المجلس العسكري." واستمرت الاحتجاجات التي أسقطت مبارك 18 يوما.
وبالقرب من المكان الذي كان محمود يقف فيه توجد حوائط مكونة من صفوف رأسية من الكتل الخرسانية التي أقامها الجيش في مداخل عدد من الشوارع لفصل ميدان التحرير عن مقار مجلس الوزراء ومجلس الشعب ووزارة الداخلية وهي المقار التي دارت أعنف الاشتباكات بالقرب منها.
وينتشر في الميدان وقريبا منه مئات من المحتجين يمسك بعضهم بفوارغ طلقات يقولون ان القوات أطلقتها صوبهم. وتمرق سيارات في أجزاء أخرى من الميدان الفسيح الذي كان بؤرة الاحتجاجات التي أسقطت مبارك.
وتسببت الاشتباكات في خلافات في الرأي بين من يصرون على البقاء في الشوارع لاسقاط المجلس العسكري ومن يشعرون بخيبة الامل ازاء الاضطرابات التي يقولون انها أضرت بالاقتصاد.
ولا يزال مصريون كثيرون يعتقدون أن الجيش هو المؤسسة الوحيدة القادرة على اصلاح الاقتصاد واعادة الاستقرار.
وقال عريان صليب (64 عاما) الذي يعمل في النشاط السياحي الذي تضرر من بقاء السائحين بعيدا عن البلاد "كل المظاهرات يجب أن توقف لانهاء العنف الى أن ننتهي من الانتخابات وننتخب رئيسا وحينئذ يمكن للمتظاهرين التعبير عن ارائهم من خلال أعضاء البرلمان."
لكن كثيرين صدمتهم صور قوات الجيش والشرطة وهي تضرب المحتجين حتى بعد سقوطهم على الارض. وفي تعنيف شديد للسلطات المصرية وادانة للعنف وصفت كلينتون بعض الاحداث التي تخللت الاشتباكات بأنها "صادمة".
ونقل عن كلينتون قولها في خطاب ألقته بجامعة جورجتاون في واشنطن "هذا الاذلال المنهجي للمرأة يشين الثورة وهو عار على الدولة وعلى الزي العسكري ولا يستحقه شعب عظيم."
وتقدم الولاياتالمتحدة معونات عسكرية سنوية لحليفتها مصر تبلغ 1.3 مليار دولار لكن محللين استبعدوا أن تكون تصريحات كلينتون تلويحا بوقف أو خفض المعونة العسكرية في الوقت الحالي على الاقل.
وقالت كلينتون "المحتجات تم القاء القبض عليهن وتعرضن لانتهاك مرعب. والصحفيات تعرضن لاعتداءات جنسية. والان النساء تتعرضن للهجوم والتجريد من الملابس والضرب في الشوارع."
وشاركت ألوف المحتجات في مسيرة يوم الثلاثاء من ميدان التحرير الى مبنى نقابة الصحفيين القريب الذي بدأ نشطاء اعتصاما أمامه يوم الاثنين.
وحثت المحتجات المواطنين على المشاركة في المظاهرات قائلات في هتاف مدو "انزلوا من بيوتكم طنطاوي عرى بناتكم".
وكانت الناشطات يشرن الى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة. من محمد عبد اللاه (شارك في التغطية ادموند بلير ومها الدهان ورشا الخياط)