أدلى الناخبون المصريون بأصواتهم في المرحلة الثالثة والأخيرة من انتخابات مجلس الشعب وسط إقبال متوسط يوم أمس الثلاثاء. وقال شهود عيان ان العملية الانتخابية في هذه المرحلة شابها مخالفات واشتباكات وان اتسمت بالهدوء غالبا. وأضافوا أن اشتباكات وقعت بين مؤيدين لأحزاب متنافسة أغلبها بسبب التنافس على دعوة الناخبين للاقتراع للمرشحين الذين يولونهم تأييدهم. وتجرى انتخابات المرحلة الثالثة في تسع محافظات هي المنياوالقليوبية والغربية والدقهلية وشمال سيناء وجنوب سيناء والوادي الجديد ومطروح وقنا. وبدأ التصويت في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (0600 بتوقيت جرينتش) وتغلق لجان الانتخاب أبوابها في الساعة السابعة مساء ( 1700 بتوقي جرينتش). ويجرى التصويت على يومين. وقال شهود ان الاقبال كان ضعيفا أو متوسطا بالمقارنة بالمرحلة الاولى التي شهدت اصطفاف الناخبين في طوابير طويلة أمام اللجان قبل موعد الاقتراع بنحو ساعة في بعض المناطق. إلا أن نسبة الاقبال على الانتخابات أعلى كثيرا منها في عهد الرئيس السابق حسني مبارك عندما كان يشوب الانتخابات حشو لصناديق الاقتراع وأعمال بلطجة وتلاعب مما كان يضمن الفوز الساحق للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سابقا. وهذه أول انتخابات في البلاد منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك في فبراير شباط وتقدم في مرحلتيها الاولى والثانية حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين التي ظلت محظورة طوال سنوات حكم مبارك الثلاثين. وجاء تاليا له حزب النور وهو حزب سلفي فيما كان مفاجأة السباق الانتخابي تلتهما الكتلة المصرية التي تضم ليبراليين ويساريين وحزب الوفد وهو حزب ليبرالي. وقال الشهود ان العملية الانتخابية علقت في لجنة بمدينة ملوي بمحافظة المنيا بعد اشتباكات بين أنصار حزب النور وحزب الحرية والعدالة بسبب الدعاية الانتخابية. وأضافوا أن لجانا أخرى شهدت اشتباكات بين أنصار الحزبين. وقال شاهد ان القاضي الذي يشرف على الاقتراع في احدى اللجان طرد المندوبين عن المرشحين من اللجنة بعد مشادات بينهم. كما أوقف رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات بالمنيا الاقتراع في أربع لجان بسبب اشتباكات بين أنصار اثنين من المرشحين. وذكر شهود أن أنصارا لحزب النور اعتدوا بالضرب على مراسل قناة مصر 25 التابعة لجماعة الاخوان المسلمين حين حاول التصوير أمام لجنة مدرسة السيدة عائشة بمدينة مرسى مطروح واتهموه بأنه يصور الناخبات. وقال محامي حزب الحرية والعدالة محمد السيد انه حاول منعهم من ضرب المصوره لكني تعرضت للضرب أيضا وتلقيت لكمة شديدة ومؤلمة بالحنجرة». وتجرى جولة الاعادة للمرحلة الثالثة يومي 10 و11 يناير كانون الثاني. وتدور المنافسة في المرحلة الحالية على 150 مقعدا في مجلس الشعب الذي يتكون من 508 مقاعد بينها عشرة بالتعيين. ورغم حدوث بعض المخالفات قال شهود ان الاشكال المختلفة للدعاية الانتخابية التي اتسمت بها المرحلتان الاولى والثانية اختفت في الغالب خلال الفترة المحددة بيومين قبل الجولة الاولى من كل مرحلة. وقال شاهد في مدينة المحلة الكبرى «لا يوجد أثر للدعاية الانتخابية في المدينة خلال يومي الصمت الانتخابي». لكن شاهد عيان في مدينة مرسى مطروح قال ان مؤيدين لأحد الاحزاب وقفوا على مسافة من بعض اللجان لتوجيه الناخبين. وفي مدينة ملوي انتهك مؤيدون لاحزاب قواعد الدعاية الانتخابية بأن وزعوا أوراقا على الناخبين بها أسماء ورموز مرشحين يؤيدونهم. وقال شاهد ان أغلب النشطاء الذين وقفوا بالقرب من لجان الانتخاب وقاموا بالدعاية المحظورة في المدينة ينتمون لحزب الحرية والعدالة وحزب النور. كما رصد مراسل رويترز في مدينة قها بالقليوبية انتهاك العديد من مندوبي المرشحين بمختلف انتماءاتهم لقاعدة الصمت الانتخابي. وذكر أن اقبال الناخبين كان متوسطا. وقال شاهد في مدينة بنها عاصمة محافظة القليوبية التي تجاور القاهرة «الاقبال في كثير من اللجان أقل من المتوسط». وأرجع البعض هذا الى برودة الطقس لكن مراقبين قالوا أيضا ان امتناع جماعة الاخوان المسلمين عن تدعيم معتصمين في ميدان التحرير يطالبون بنهاية فورية للادارة العسكرية لشؤون البلاد وتقارير عن قيام سلفيين بمحاولات لفصل الرجال عن النساء في حافلات للنقل العام في احدى المحافظات تسبب في الحد من حماس الناخبين. ويتولى المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون مصر منذ أطاحت الانتفاضة الشعبية بمبارك في الحادي عشر من فبراير شباط. وقال مصطفى محمد علي وهو عامل في مصنع بالمحلة الكبرى الى الشمال من القاهرة والتي شهدت اضطرابات عمالية كانت إيذانا بالاحتجاجات الاوسع التي أسقطت مبارك «صحوت مبكرا للتوجه للانتخابات في قريتي قبل الذهاب الى أي مكان آخر». وأضاف «هذا بالتأكيد أهم شيء بالنسبة لي الان ولكل البلاد أيضا». وتناثرت في شوارع المحلة ملصقات لعدد من الاحزاب خاصة حزب النور الذي يعد بانهاء الفساد. وقال فكري فؤاد عبد المجيد (67 عاما) وهو مدير عام سابق في هيئة البريد هذه أول مرة أصوت. أعطيت صوتي لحزب الحرية والعدالة. وقال محمود مصطفى (70 عاما) وهو عامل متقاعد هذه أفضل انتخابات رأيتها في حياتي. أعطيت صوتي للحرية والعدالة. بينما رفضت سعاد أحمد (41 عاما) أن تفصح عن الحزب الذي انتخبت مرشحيه وقالت الانتخابات التي سبقت هذه الانتخابات سادها القلق والشجار والضرب. هذه المرة أفضل بكثير». وفي محافظة قنا قال شهود ان الانتخابات تجرى على أساس قبائلي وان الاقبال فوق المتوسط بسبب حماس أبناء القبائل للمرشحين من قبائلهم. وقال شاهد ان كثيرا من المرشحين على القوائم الحزبية ينتمون في الاساس الى قبائل وليس الى الاحزاب التي ضمتهم لقوائمها. وقال الشهود في محافظة شمال سيناء وفي محافظة مطروح في أقصى غرب مصر ان الانتخابات تجرى بصورة كبيرة على أساس قبلي أيضا. وفي محافظة المنيا احتدمت المنافسة بين قوائم حزب الحرية والعدالة وحزب النور وحزب الوسط وهو حزب اسلامي أيضا وثلاثة أحزاب يتصدر قائمة كل منها مرشح قبطي. وقال سائق سيارة أجرة لرويترز انه سينتخب مرشحي حزب النور. وتابع «الناس انتخبت الاسلاميين في المرحلتين الاولى والثانية.. لا يعقل أنهم كانوا على خطأ». وأشاد المراقبون بالانتخابات باعتبارها نزيهة بصورة كبيرة. لكن شاب العملية الانتخابية سقوط 17 قتيلا الشهر الماضي في اشتباكات بين الجيش والمحتجين الذين يطالبون المجلس العكسري بنقل السلطة لمدنيين فورا. كما اقتحمت الشرطة مكاتب جماعات داعية للديمقراطية ومنظمات لحقوق الانسان في الاسبوع الماضي مما يعطل عمل مراقبي الانتخابات الرئيسيين المدعومين من الغرب على نحو أثار اتهامات بأن الجيش تعمد محاولة اضعاف الاشراف على الانتخابات واسكات الاصوات المنتقدة. وتقول الحكومة ان هذه المداهمات تمت في اطار تحقيق في تمويل غير مشروع لاحزاب سياسية ولا يهدف الى اضعاف منظمات حقوق الانسان التي كانت من أكبر منتقدي الحكم العسكري. وطالبت الولاياتالمتحدة السلطات المصرية بالكف عن مضايقة المنظمات المعنية. وقال المعهد الجمهوري الدولي الذي يتلقى تمويلا أمريكيا ان الحكومة المصرية دعته لمراقبة الانتخابات وانه لم يقدم تمويلا لاي حزب أو منظمة من منظمات المجتمع المدني. وحث المعهد الحكومة على السماح بعودة العاملين الى مكاتبهم والحصول على التراخيص الرسمية التي قال انه يطالب بها منذ فترة. وأضاف في بيان له «ليس هناك سبب يدعو لعدم السماح للمعهد الجمهوري الدولي بمراقبة الانتخابات». واتهم اسلاميون بعض من يسيطرون على أجهزة اعلامية بشن حملة تضليل ضدهم. وطالب حزب الحرية والعدالة في بيان له وسائل الاعلام وخاصة المملوكة لبعض رجال الاعمال الذين ارتبطوا وما زالوا بمصالح مع النظام السابق أن تلتزم الموضوعية وتتوقف عن تشويه هذه التجربة التي انتظرها الشعب طويلا وقدم من أجلها تضحيات كثيرة. ومن جانبه أصدر الجيش تحت ضغط للاسراع بتسليم السلطة الى سلطة مدنية مرسوما يوم الاحد لاختصار مدة انتخابات مجلس الشورى المقبلة من ثلاث مراحل الى اثنتين فقط .