لن يستطيع صالح أن ينكث بالمبادرة الخليجية مهما أوتي من قوة ومن مرواغة يعرفها الجميع كطبع متأصل بين خبايا نفسه. ومع أنه عندما وقع هذه المبادرة كانت نيته عدم الوفاء بها، إلا أنه كما أسلفت لن يستطيع التنصل عنها، وهذا عائد للنقاط التالية، التي يجب على المجلس الوطني والوزراء الممثلين عنه أن ينتبهوا لها ويدعموها بقوة، وهي الآتي: أولاً: ضغط المجتمع الدول المتمثل في دول الخليج العربي، وأمريكا وأوروبا، لأنهم من أتوا بهذه المبادرة وضغطوا على علي صالح من أجل أن يوقع عليها وهددوا بعقوبات من أهمها مصادرة أرصدته وملاحقته قانونياً، وبالتالي من الطبيعي أن تستمر ضغوطاتهم حتى يفي صلاح بما تعهد به، لذلك على المجلس الوطني أن يستمر تواصله مع المجتمع الدولي حتى يضمن استمرار المد الثوري. ثانياً: إن استمرار الثوار في ساحاتهم ومسيراتهم اليومية هو الضاغط الرئيس الذي يجعل صالح يفي بما التزم به في المبادرة، هذا من جهة ومن جهة أخرى يجعل المجتمع الدولي والمجلس الوطني يستمران بالضغط على صالح ونظامه، لأن استمرار الثوار في ثورتهم يعني أن الشعب غير راضٍ أصلاً بالمبادرة، وبالتالي فإن المجتمع الدول والمجلس الوطني سيكون ضغطهم وتضييقهم على علي صالح أقل ما يقدمونه للشعب اليمني.
ثالثاً: زوال الشرعية الدستورية عن صالح ونظامه بصورة جليه لن ينكرها أحد، لأنه وبمجرد توقيعه على المبادرة أصبح فرداً عادياً، وهذا أكسب الثوار والشعب الصفة القانونية التي تتمثل بوجوب إزاحة صالح عن حكم اليمن، وحتى الذين كانوا يرونه ولي أمر أصبحوا لا يرونه ولي أمر بعد التوقيع، ومن جانب آخر فإنه فقد كثيراً من أنصاره، وهذا كله له دور في زعزعة معنوية صالح ومن ثم سيسير إلى التنحي من تلقاء نفسه. رابعاً: من الضروري التزام المجلس الوطني المتمثل بالمعارضة والمشترك ببنود المبادرة الخليجية، إذ سيحاول صالح ونظامه استفزازهم بخروقات يصنعونها هنا وهناك، ولكن التزام المعارضة والمشترك بالمبادرة سيعري النظام، ويجعل المجتمع الدولي يستمر بمحاصرة صالح ونظامه حتى يفي ببنود المبادرة كاملة. مجمل القول في النقاط الأربع السابقة هي الضمانات الرئيسية التي تجعل من صالح يفي بالتزاماته الواردة في المبادرة الخليجية، لذلك على المجلس الوطني والوزراء الممثلين له في الحكومة الجديدة أن يدعموها بقوة ولا يغفلوا عنها غمضة عين حتى يخرج الشعب من هذا النفق المظلم الذي وضعنا فيه صالح لمدة ثلاثة عقود، وأهم أمر هو استمرار الثوار في ساحاتهم واعتصاماتهم ومسيراتهم.