استغرب المحامي المعروف محمد ناجي علاو رئيس منظمة هود للدفاع عن الحقوق والحريات من إدعاء وزير العدل أنه لا يوجد في اليمن أي معتقل سياسي. وقال علاو في تصريح ل"المصدر أونلاين" "نعذر الأخ وزير العدل باعتباره موظفاً لدى السلطة التنفيذية كوزير، ولا يملك إلا أن يدعي ما يدعيه، لأن قوله يصادم الواقع الذي يعيشه الناس جميعاً". مؤكداً إن الاعتقالات السياسية تتم بحق من يمارسون حقهم في الاحتجاج والاعتصامات السلمية، وليس فقط في من يشبته بارتكابه جريمة كما تحدث وزير العدل، كما أن هناك ما هو أكثر من ذلك حيث يتم إخفاء المعتقلين كما حصل للمحامي محمد العقلة رئيس هود بمحافظة الضالع الذي اعتقل لمدة 20 يوماً قبل أن يفرج عنه.
وكان وزير العدل الدكتور غازي شائف الأغبري قال في كلمة له اليوم الأربعاء بصنعاء بمفتتح ندوة حول الإلتزام بالصكوك الدولية والتشريعات المحلية، التي نظمتها نقابة المحامين مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية "إن هذه ميزة نفتخر بها ونرفع أصواتنا بإعجاب بما هو دائر في هذا المجال , اننا في الجمهورية لا يوجد لدينا معتقل سياسي واحد ". وأضاف "ليس من المعقول كما يردد البعض وكما تظهر بعض الأصوات حول بعض المعتقلين المخالفين للقانون والمتهمين بإعمال اجرامية يجرمها القانون ونقول انهم معتقلين سياسيين ,من يرتكب أفعال مجرمة وهو متهم بهذه الأفعال المجرمة لا يمكن أن يكون معتقل سياسي" . حسبما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية.
وخاطب الوزير نقابة المحامين " نقابة المحامين من النقابات الرائدة في اليمن إذا كان لديها أي أسماء حول معتقلين سياسيين بسبب ما يكتبونه من أفكار أو يعتنقونه من مبادئ فليأتوا إلينا ويقول هؤلاء معتقلين سياسيين لديكم ".
لكن رئيس منظمة هود المحامي علاو، أكد أن الوزير يقول كلاماً لا أصل له فيما تمارسه أجهزة الأمن والقضاء، وأضاف في حديثه ل"المصدر أونلاين" الاعتقالات تتم باسم الخروج المسلح، واعتقال الصحفيين في قضايا الرأي، وهذه اعتقالات سياسية، كما أن المعتقل يظل لسنوات عديدة في أقبية الأمن السياسي والقومي وقسم مكافحة الإرهاب بوزارة الدخلية، دون جريمة محددة أو محاكمة".
منتقداً الأوضاع المتدهورة الذي يشهدها اليمن في هذا المجال وانتهاك المؤسسات الرسمية للقوانين والدستور، لافتاً إلى أن "هناك رهائن يسجنوا على ذمة حضور أقاربهم، ويتم إبلاغ أجهزة القضاء ممثلة بالنيابة العامة بهذا الاحتجاز الخارج عن إطار القانون ، ومع ذلك جل ما يعمله النائب العام أن يوجه رسالة استفسار لا يُرد عليها في الغالب، بينما تكتفي النيابة بهذا القدر من تبعية ما يوجبه القانون إزاء تدخل الأجهزة الأمنية وممارستها لعمل أجهزة الضبط القضائي"
وأوضح المحامي علاو أنه حتى إذا أحيل بعض الأشخاص في مثل هكذا قضايا سياسية أو تتعلق بحرية الرأي، يحالوا إلى النيابة الجزائية المتخصصة (محكمة أمن الدولة) في حين أن هذه النيابة في الأساس ليست جزء من السلطة القضائية، وينطوي عملها على تبرير ما تقوم به الأجهزة الأمنية لإضفاء مشروعية على عمل غير مشروع أصلاً".
مضيفاً أن تحقيقات النيابة تجري داخل جهاز الأمن السياسي أو القومي، وهنا لا يوجد فرق بين ضابط الأمن السياسي ووكيل النيابة المتخصصة المكلف بالتحقيق، كون التحقيق هذا يجري في مبنى الأمن السياسي والمعتقل تحت قبضة أجهزة الأمن، وبالتالي فإن تحقيقات النيابة ليست إلا إمتداداً لتحقيق ضباط الأمن. وهذه – بحسب علاو- ممارسات خارجة عن القانون والدستور الذي يفصل عمل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية.
وتابع علاو حديثه حول الانتهاكات التي تمارسها الأجهزة الأمنية والاعتقالات والمحاكمات السياسية وتحاول أن تشرعنها عن طريق النيابة المتخصصة، مضيفاً أن " هذه التحقيقات تجرى دون وجود محامين والنص الدستوري يوجب حضور محامي مع المعتقل، كما أن المعتقلين السياسيين يمكثون بالشهور والسنين دون أن يعلم أهلهم بذلك، وهذه بحد ذاتها جريمة إخفاء قسري ترتكبها أجهزة الأمن بشكل مستمر".
موضحاً أنه كان يفترض بالقضاء أن يحكم ببطلان مثل كل هذه الإجراءات التي يمارسها الأمن والنيابة لأنها تمت بالمخالفة لنص المادة 48 من دستور الجمهورية اليمنية، غير أنه بدلاً من ذلك يتم عرض المتهم على الجزائية المتخصصة الغير دستورية والاستثئنائية، وفي هذا النوع من القضاء – طبقاً لعلاو – لا يحظى أي متهم بالحد الأدني من المحاكمة العادلة، لأن هذه المحكمة بدلاً من أن تبطل إجراءات الأمن والنيابة المخالفة للقانون، فإنها تسعى لتبريرها وإضفاء مشروعية قضائية.
ودعا علاو في ختام تصريحه الأجهزة الأمنية والقضائية أن تلتزم بالمشروعية الدستورية، وأن تكون هناك إجراءات عادلة وشفافة، وحينها يمكن أن يحاكم أي شخص ولكن وفق إجراءات عادلة وإلتزام بالمواثيق والدولية التي وقعت وصادقت عليها اليمن، وبذلك صارت جزءاً من التشريع الوطني، بل أنها مقدمة في تطبيقها على أي تشريع قد يخالفها.