حينما تحاصر كتائب ممن يعرفون ب «البلطجية» مؤسسة الجمهورية والثورة الصحافيتين، يقصد أنصار النظام، التابعين لحزب الحصان العجوز حلقة انتقامية جديدة ضمن مسلسل السقوط المدوي، والذريعة إضاءة الرئيس منتهي الصلاحية وأهداف ثورة سبتمبر، وتمنعهما عن صدور المطبوعة. كان يوما السبت والأحد محاولة لإثارة حفيظة من تبقى من مناصري الحزب. شكلت الجماعة المدججة بالسلاح تأهباً نشطاً لمجموعة نصبت الخيام في ساحات هاتين المؤسستين. وفرقة أخرى من القطيع البشري المنيع طوقت المبنيين منذ فجر الخميس. لم يكونوا أكثر من زوار ليل، حالت ممارستهم عن مغادرة طبعات العددين مطابعهما، و بهذا الفعل الهمجي نجحوا. حكايات وقصص تورط الإنسان في ظروف لا تليق بآدميته، نسمعها بمطلع الثورة الشبابية الشعبية، ومع مرور الوقت ونزيف الأيام، لا نقول أننا نسيناها ولكن نحاول تناسيها؛ لأنها تفسد علينا هدوءنا الماثل ربما، وتجنبنا شرّ القتال وشرّ المساءلة وحتى كل شرور التفكير، لو أصبحت هذه القصص خطراً يحظر الاقتراب منه مثلاً أو لمسه. مع أن هذه الأهداف ترفع من ثورة سبتمبر وتتجاهل ثورة 14 أكتوبر والوحدة. و يمكن ل «إضاءة» هذه الصحف أن تصبح واحدة من هذه الفترينات، بحكاياتها العجيبة منحت من تبقى من ثعابين المؤتمر فرصة للظهور. متناسيين أنهم أغرقوا هذا الحزب ورئيسه بل والبلد في مستنقع أفعالهم المستفحلة. وهاهم يصرون على مواصلة السير في مسالكهم المحدقة بما تبقى من أمن وأمان. في حقيقة الأمر انا مع بقاء هذه الإضاءة، فقط من باب ان «الطعن في الميت حرام» والطعن في حزب المؤتمر ورئيسه بإطفاء إضاءته الأخيرة حرام مرتين، ولا يتصور القارئ ان تعاطفي مع «الإضاءة» حباً بها او بصاحبها، ولكن حتى لا يجد البلطجي ضالته المنشودة، في آخر او أول صفحة هذه الصحيفة او تلك. بالإضافة إلي الشيء الأهم والضروري، ويجب على الجميع ان يعرفوا أن البطالة طالت هذا القطيع الواسع من البلطجية؛ لتصبح إضاءة الثورة شيئاً يعلق الأمل عليه مجدداً، ويحاول النيل من التواؤم القائم ومستقبل ما قبل المرحلة الانتقالية ما قبل21 فبراير. يستغرب من يتتبع بعض من حكايات هؤلاء الأغبياء، على سبيل المثال بدلاً من أن يباشروا رفع دعاوى قضائية ضد الفاسدين، ذهبوا إلي إصدار البيانات، وإطلاق بكائياتهم في حق "الإضاءة والأهداف"، تناسوا ان لديهم حزباً بدائرة إعلامية، وكمّ هائل من صحف ومواقع إخبارية، أنفق عليها علي صالح وحزبه في السر والعلن، ويستطيعون من خلالها إطلاق شبكة من الإضاءات والمصابيح وحتى من الشمع، ليعيدوا إقناع الناس بوحدانية هذا الزعيم المتفرد. تبدو هذه الممارسات الأخيرة خطوات مغامرة غير محسوبة. لا نرى بها او من خلالها داعياً لكل هذا التضجيج، والتحشيد الغبي. ولو عدنا قليلا إلى الخلف، بالطبع سنين وليس أشهراً. سنلاحظ أننا تناسينا هذه اللفتات ومن قائلها، لم تشد انتباهنا، ولم نلتفت إليها، ولن تشكل لنا يوماً هذا الاهتمام الصاخب، وتتطلب كل هذه الصيحات. ومع ذلك سأظل شخصياً مع الإضاءة كنهاية خدمة حتى21 فبراير. لم نفكر يوماً بان إطفاء إضاءتكم فعلاً سيكون له نصيب في استدعاء قوانين الخوف، بمجرميها المتمترسين بأسلحتهم جوار أسوار مؤسسات للكلمة. تناسيتم «صالح» كان رئيساً بشحمه ولحمه، وذهبتم تخلدونه فقط بطلاً من ورق، تكافحون لاستعادة استقلال وهيبة «الإضاءة»: كلام مكرر، مستهلك ومعاد. جعلتم منه حائط مبكى. يا للعجب المتدفق في رؤوسكم. هذه الإضاءة؟هل تعرفون ما هي:«اقتباس كلمات قليلة من كلام الرجل» كان الأجدر بكم ان تتخلصوا منها، على الأقل؛ لأن مرشح الانتخابات والرئيس القادم هو من صفوف حزبكم او ينتمي له. تخلوا عنها بعد ان سقطتم في شرك حماقاتكم وتصرفاتكم الرعناء- منذ ثلاثٍ وثلاثين سنه- حولتم حياة الرجل من رئيس للبلاد إلى رئيس لل «إضاءة» ورأيتم اليوم في قليل كلمات لم تعد تخدم البلد ولا الحزب ولا الرجل نفسه، أنشأتم خطة عاجلة لحفظ نظام وسلامة الإضاءة، وجدتم فيها واجباً يتحتم بقاؤه. على القدر الذي ينبئ عن استنفاركم البغيض وإعلاء شططكم بفائض الفجاجة. يا للغرابة يا رجال الضيم، يا صقور حزب الإضاءات والفلاشات والشمع. إنكم تذكروننا-هنا- بواحدة من إحدى رويات وليم بليك، حيث يجعل الكاتب النمر يستعيد حقيقة نمريته، حينما يكتشف انه تائه في القطيع، وهو ينظر إلى صفحة الماء وبالتالي تقوم قيامته على الراعي والغنم. وانتم لم تكونوا أبعد من الغنم والراعي والنمر المتخبط في لحظة كهذه. المصدر أونلاين