يتحدث الدكتور طاهر المعمري رئيس أحزاب اللقاء المشترك في محافظة الحديدة في هذا الحوار عن الأوضاع بالمحافظة، وفي اليمن بشكل عام عقب توقيع اتفاق نقل السلطة. ويحكي في اللقاء، الذي أجري قبل إجراء الانتخابات الرئاسية بيوم، عن طبيعة الأوضاع في الحديدة والعلاقة بين المشترك والمؤتمر. المصدر أونلاين يعيد نشر هذا الحوار نقلاً عن صحيفة الناس.
حاوره: ثابت الأحمدي
دكتور طاهر كيف تنظر إلى ما يجري اليوم على الساحة اليمنية أولا؟ ما يجري اليوم على الساحة هو نتيجة لتراكمات سابقة منذ عقود بسبب الحكم الفردي الأسري بصورة مستبدة ألغت الآخر وهمشته بدون وجه حق، اندلعت أولى شرارة هذا الاحتجاج في العام 2006م علي يد رائد التغيير المهندس فيصل بن شملان مرشح اللقاء المشترك حينها رحمه الله ومن يومذاك والساحات متواصلة بالاحتجاجات والانتفاضات السلمية في الشمال والجنوب التي تكللت بساحات التغيير والحرية مطلع العام 2011م وحتى اليوم في آخر مشهد لقلع النظام البائد الذي كان سببا لما لحق باليمن منذ فترة، الحراك السلمي الجنوبي بدأ في العام 2007م بمطالب حقوقية مشروعة وانتهى اليوم كما تعرف بمطالب سياسية، قدم العديد من الشهداء والمعتقلين، ولا يزال.. قال الرئيس السابق علي صالح في يوم ما أن الذين خرجوا اليوم إلى الساحات باحثين عن التغيير هم ممن فقدوا مصالحهم وخسروا رهان الانتخابات في العام 2006م؟ كلام مردود على قائله، الشعب اليمني خرج ثائرا لقيمه وأصالته احتجاجا على ما صرح به رئيس كتلة المؤتمر سلطان البركاني من قلع للعداد نهائيا بصورة استفزت الجميع. ما يتعلق بأبناء تهامة والحديدة بشكل عام نسمع اليوم عن تكتلات جديدة آخرها تقريبا إقليم تهامة.. لماذا هذه التكتلات والمجالس؟ عادة عندما يحدث أي فراغ سياسي في أي بلد تحدث المشاريع الصغيرة، وهو في النهاية نتاج التهميش والظلم الذي لحق بأبناء تهامة منذ عقود وسنوات، لا تقل سوءا عن ما حصل في المحافظات الجنوبية، وقد قال أحد السياسيين قبل فترة أن الجنوب حكم بالاستعمار والشمال بالظلم. وأريد أن أقول لك أن ثمة ما يشبه الحقيقة التاريخية التي يتداولها الكثير أن تهامة عندما تقمع تحتاج إلى ثمانين سنة لاستعادة روح الثورة فيها، فتهامة قمعت ممثلة في انتفاضة الزرانيق ضد الإمام يحي وقمعت حينها وإلى اليوم لها ما يقارب الثمانين عاما مذاك لتثور من جديد ضد الظلم والاستبداد. ألا ترى أن أبناء تهامة أنفسهم وأقصد الوجهاء منهم قد ساهموا في ظلم وقمع المواطنين فيها؟ أتفق معك هنا، كثير من مشايخ تهامة كانوا يد الدولة التي تقمع بها المواطنين والوسطاء الحقيقيين، وكانوا الشرطي المقيم للسلطة في البلاد، والآن بدءوا يبحثون لهم عن مستقبل وقد فقدوا مصالحهم برحيل النظام السابق، فتداعوا إلى تأسيس إقليم تهامة، أغلب أركان النظام القديم هم وراء تأسيس إقليم تهامة من أجل إيجاد موطئ قدم لهم مستقبلا، ناسين أنهم من قدم أراضي البسطاء من الناس ومزارعهم لمتنفذي صنعاء. اليوم كل تهامة ثورة، كل تهامة انتفاضة ضد هذا الظلم والقهر الذي لحق بهم. لماذا هذا التكتيك اليوم؟ وإلى أين يمتد حدود هذا الإقليم؟ الإقليم يحد جبال ملحان من المحويت وكذا بعض مناطق من حجة، وكذا جبال ريمة، والحقيقة أن المشروع فاشل ولن يكتب له النجاح. قلت الإنسان التهامي مظلوم.. ما طبيعة هذا المظالم؟ يا عزيزي المظالم التهامية فوق أن تعد، وسأضرب لك مثلا فحسب، السجون الخاصة مثلا، لا يوجد شيخ وخاصة ممن ينتمون للحزب الحاكم سابقا إلا وله سجن خاص وبه القيود الحديدية التي يقيد بها الناس ويبتزهم أموالهم بدون وجه حق، سجون لا تعلم بها الدولة وإذا علمت فإنها لا تحرك ساكنا، العبيد لا يزالون موجودين اليوم جهة وادي سردود يتبعون المشايخ المتنفذين كإقطاعيي العصور الوسطى في أوربا، الناس يعملون بنظام السخرة، رغم أن الرئيس السلال قد أصدر قرار في العام 63م بإلغاء الرق، هذا موجود في تهامة للأسف، وقد شكلت لجان سابقة عقب نشر الصحافة لهذا الموضوع لكن لم يحدث عنها أي شيء. هم يعتبرون ذلك موروثا اجتماعيا من حقهم أن يمارسوه. طيب أنتم كقوى طلائعية وكنخبة ثقافية وسياسية في المجتمع ما دوركم إزاء ذلك؟ نحن أنشأنا تكتلا لذلك وحاولنا مرارا القضاء على مثل هذا العمل اللا إنساني لكن هذا يحتاج جهد الدولة بالدرجة الأولى، الدولة كانت غائبة ولا تعير مثل هذا الأمر اهتماما، كون من يقوم بممارسة الرق هم متنفذون يتبعون الحزب الحاكم سابقا. ما ذا عن شحنات الأسلحة التي تصل إلى ميناء الحديدة بين الحين والحين خلال الفترة الماضية.. حبذا لو سلطنا الضوء على هذه العملية؟ وصلت حتى الآن وخلال المرحلة السابقة وأقصد منذ قيام الثورة ثلاث شحنات أسلحة عبر ميناء الحديدة على دفعات، الأولى أجبرت على أن تتحول إلى عدن، والثانية استطعت أن تخرج من الميناء وتغادر المحافظة باتجاه صنعاء وقد حوصرت وتصدى لها القبائل من ذمار وريمة وهي في طريقها إلى صنعاء وقد سمع بها الكثير في وسائل الإعلام، أما الثالثة فقد تنبه لها الثوار مبكرا وحاصروها في الميناء وهددوا بنقل المظاهرات إلى بوابة الميناء، وقد منعت من دخول الميناء ويقال أنها تحولت إلى ميناء عدن ليستلمها مهدي مقولة ويقال أن عمال الميناء هناك رفضوا تفريغها.. نحن نفذنا أربعة اعتصامات أمام بوابة الميناء حتى لا تخرج هذه الشحنة لقتل إخواننا الثوار في المحافظة أو في أية محافظة أخرى. من أي جهة جاءت؟ طبعا هي صفقة من الصفقات التي يديرها سماسرة بائعي السلاح في اليمن والقرن الأفريقي ونحن نعرف وكلاء بيع الأسلحة المعروفين ، وقد جاءت من روسيا طبعا. نسمع عن علاقة جيدة بينكم في اللقاء المشترك وبين كثير من القيادات المؤتمرية في المحافظة كانت هي السبب في عدم حدوث مواجهات عنيفة كما حصل في تعز أو صنعاء؟ أولا الاعتصامات بدأت من عهد المحافظ السابق أحمد سالم الجبلي وكان رجلا عاقلا ومتفهما ووطنيا وكان ضد البلطجة وضد عمل مخيمات للبلاطجة، وقد زار المحافظة حمودعباد وإبراهيم حجري وطلبوا منه أن يؤسس مخيما للبلاطجة ويصرف عليهم من ميزانية المجلس المحلي بالمحافظة إلا أنه رفض هذا الأمر رفضا قاطعا وقرر ألا يتسبب في إراقة قطرة دم واحدة يندم عليها هو أو أبناؤه من بعده، وقد أقيل في 15 مارس، وصدر قرار بتعيينه عضوا في مجلس الشورى فرفض دخول المجلس. حصلت مرحلة فراغ بعده من أدار المحافظة خلال هذه المرحلة؟ فعلا حصلت فترة فراغ بين المحافظ السابق والمحافظ الجديد أكرم عطية، أدار المحافظة أمين عام المجلس المحلي وكان متفهما وعاقلا ومعه البعض من قيادة المحافظة الذين كانوا قد أعلنوا انضمامهم للثورة ثم تراجعوا، وقد تعين بعده أيضا أكرم عطية وكان ولا يزال متفهما وجيدا في تعامله معنا ومعه أيضا مدير الأمن العام العميد ناصر الطهيف الذي نعتبره مدير أمن الثورة، المهم نسقنا مع الجميع من يوم 20/ 4/ 2011م، وقد قتل أحد الثوار في الساحة عن طريق أحد البلاطجة وقد كان يستقل دراجة نارية وأطلق الرصاص، فعرف الشباب راكب الدراجة واسمه محمد صغيري فطلعنا إلى إدارة الأمن وثبتنا الواقعة وحضر الشهود، وبجهود مبذولة من الجميع ومن الحاج يوسف عبد الودود الوسيط بين الطرفين حتى مسكوه في المخا، وقد كان على وشك الفرار إلى ارتيريا، إضافة إلى صاحب الدراجة النارية ومن كان معهم والآن يحاكموا امام القضاء العادل بتهمة قتل الشهيد مازن الدبعي، بعده شكلنا غرفة عمليات مشتركة لحراسة الساحة من جنود الأمن الذين حصنوها من كل جوانبها، المسيرات في الحديدة أشبه ما تكون بمارش عسكري وهي المحافظة الوحيدة التي تخرج وقبلها أربعة أطقم عسكرية وخلفها أربعة تحمي المتظاهرين من البلاطجة. صحيح أنه تحصل بعض المناوشات بين الحين والحين هنا أو هناك داخل المدينة أو خارجها لكن بشكل عام الأمن متعقل ويعمل بحياد، نحن لثورتنا خصوصية في الحديدة، الميناء فيها ومصانع الأغذية التي تغذي البلاد معظمها فيها، صوامع الغلال، حرصنا ألا نؤثر على المحافظات الأخرى. ما ذا عن علاقتكم بالمحافظ الجديد أكرم عطية؟ علاقة متميزة، كان لها أثرها الإيجابي في حماية الساحة وفي عدم جرجرة المدينة إلى العنف. ما هي الأعمال التي قام بها حمود عباد هنا في الحديدة؟ في بداية الثورة نزلت ما نسميه نحن هنا في الحديدة لجنة "حمود عباد إبراهيم حجري" والتقوا بالمحافظ السابق ووجهوه بعمل مخيم للبلاطجة ودخل معهم في شد وجذب وقرر أن يغادر منصبه إن أصروا هم على مطالبهم، طبعا حمود عباد جمع عددا من البلاطجة وصلوا في ساحة أخرى وخطب فيهم حمود عباد وأمرهم بالتوجه إلى الساحة فحصلت معركة دامية بين الثوار ومجاميع البلاطجة الذي يقودهم حمود عباد، ونحن موثقون ذلك بالصور، ونرفض أن يتولى وزارة الأوقاف والإرشاد شخص بلطجي تلطخت يده بدم الأبرياء. وقد وجهنا رسالة للنائب العام بأن هذا مجرم وملطخة يده بدم الأبرياء ليأخذ الإجراءات اللازمة بشأنه. على ضوء ما يجري كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقة بينكم في اللقاء المشترك وبين المؤتمر الشعبي العام؟ الإخوة في المؤتمر الشعبي العام تعودوا على الحكم، ونرى أن تظل العلاقة الطيبة بيننا في المستقبل، رئيس فرع المؤتمرالحاج عبد الجليل ثابت كان له موقف مشرف وجميل في حماية الساحة من أول يوم، حين اعتدى البلاطجة بقيادة حمود عباد على الساحة حضر المحافظ ومدير الأمن والحاج عبد الجليل ثابت والحاج يوسف عبدالودود إلى الساحة وعملوا على ايقاف البلاطجة. ونحن الآن نعمل في لجنة واحدة مشتركة في العملية الانتخابية الرئاسية المبكرة 2012م. نحن على بعد ساعات تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية القادمة كيف تقيم المشهد؟ الحمدلله أن عجلة التاريخ قد دارت وبدأنا نستشرف مرحلة جديدة، وهي تجري بوتيرة عالية وإن كان يشوبها بعض القصور إلا أن ذلك لا يؤثر عليها أبدا، وهي قصور في الجوانب الفنية الإجرائية السهلة. ونعمل على تجاوزها إن شاء الله. إلى أي حد تعاون معكم التجار والشخصيات الاجتماعية في المحافظة؟ تجار الحديدة والشخصيات الاجتماعية أبدوا استعدادا منقطع النظير للتعاون معنا وقد سجلوا مواقف وطنية رائعة حتى الآن، عندهم روح تنافسية جيدة باتجاه البناء الوطني. الكلمة الأخيرة مفتوحة؟ أتوجه إلى كل أطياف المجتمع اليمني برجاله ونسائه وشبابه بالدعوة إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع وكذا أدعو الحراك الجنوبي والحوثيين وأقول لهم أن حل مشاكل اليمن تبدأ بيوم 21 فبراير القادم حتى نطوي الصفحة السوداء من تاريخنا وعلينا أن نمد أيدينا للحوار في المرحلة القادمة فهو رهان الحل لكل مشاكلنا، ولا نريد إراقة المزيد من الدماء، السلاح ليس حلا ولن يكون، ثورة الربيع العربي أثبتت قوة الصدور العارية على مختلف الأسلحة المدمرة وشكرا.