تغلب الحزن على الضحك عندي أثناء سماعي لحقيقة مُرة تشبه النكتة، من قبل طيار عسكري من صقورنا الجوية كما كانت تصفهم البيانات والأخبار وتصم أذاننا، وتتعلق بطائراتنا الحربية اللاتي تتحرك ب«الدهفة» وعن مغامرين طيارين وركاب يستقلون الطائرات وهم يعلمون أن محركاً واحداً يعمل من بين 4 محركات. طبعاً كان الجميع مشغولين بتمرد قائد القوات الجوية السابق محمد صالح الأحمر.. في ذات الوقت، واصلت الشاحنات نقل الأسلحة من مخازن القوات الجوية إلى أماكن مجهولة وربما توزيعها أو بيعها بثمن بخس على جماعات إجرامية وإرهابية لتهدد ليس فقط أمن واستقرار اليمن، ولكن المنطقة والعالم بأسره، سواء باستهداف الطائرات في الجو أو السفن في البحر أو بوصولها إلى دول مجاورة. انشغل الجميع بالحديث حول سلم أم لم يسلم، وتسريبات مستمرة بشأن وساطات واشتراطات جديدة ونوع الوسطاء ولونهم حتى تم التسليم أمس، بعد مرور أسبوعين من قرار اقالته، لكن لا أحد اهتم بما جرى من تسريب ونهب للسلاح بمختلف أنواعه من مخازن القوات الجوية ومثله يحدث من مخازن القوات العسكرية والأمنية الأخرى. مقارنة بمايجري في صنعاء، فإن القليل من السلاح والرديء منه وغير الخطير، هو الذي تسرب إلى بين أيدي الجماعات الارهابية في أبين، وهاهي كادت أن تسيطر على محافظة كاملة وتهدد مدناً يمنية أخرى. فيا ترى كيف سيكون الحال حينما تسيطر جماعات إجرامية وإرهابية على أسلحة متطورة كالصواريخ المحمولة وغيرها من الأسلحة الموجودة في مخازن القوات الجوية والحرس الجمهوري والأمن المركزي؟. باعتقادي أنه يتوجب فتح تحقيق واجراء جرد للأسلحة التي كانت بمعية هذه القوات وفي مخازنها لمعرفة مكانها بعد نهبها أو تسريبها وبأيدي من وإعادتها إلى مخازن وزارة الدفاع أو العمل على تتبع من وصلت إليهم وصارت بحوزتهم وملاحقتهم واستعادتها. وقبل ذلك، يفترض محاسبة الذين حاولوا التمرد على قرارات رئيس الجمهورية، ليس فقط على تمردهم وعدم انصياعهم لقراراته الدستورية، باعتباره يمتلك الشرعية الدستورية التي كانوا يتشدقون بها سابقاً حسب تصريحات صاحبهم سفير الولاياتالمتحدةالامريكية الأحد الماضي. يفترض مساءلتهم ومحاسبتهم على تهديد البلاد اليمنية وحركة الطيران في سمائها والملاحة الدولية والتجارة العالمية في البحار المحيطة بها من خلال تلك المنهوبات من الأسلحة الخطيرة، وإلى جانب ذلك معرفة وضع القوات والوحدات العسكرية والأمنية التي أداروها لعقود وعبثوا بها ونهبوا بدون حسيب أو رقيب. ومن خلال معلومات حصلت عليها قبل أسابيع عن أبرز الاختلالات والكوارث التي شهدتها القوات الجوية خلال 25 عاماً من قيادة محمد صالح الأحمر، نجد حجم المأساة التي كنا نعيشها وطبيعة القادة الذين كانوا يتحكمون بمصائرنا وأموال وطننا وشعبنا. فقد أنفقت الدولة اليمنية حوالي 10 مليارات دولار خلال توليه قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي صارت مجرد «كومة من الخردة لطائرات ومعدات معطلة وخارجة عن الجاهزية»، وصرف 200 مليون دولار على قطع غيار صيانة الطائرات، كان يبعثرها كما يريد بلا رقيب أو حسيب، ويقتصر دور وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان على توقيع الشيكات فقط، وما يتبقى من مبالغ مالية يستلمها مباشرة من وزير المالية والبنك المركزي. مؤخراً طرد محمد صالح جميع المقاولين وتجار الشركات والوسطاء لتوقع جميع العقود والمقاولات بمبالغ كبيرة تصرف على مقاولين وشركات يملكها هو ويديرها أصهاره وأقاربه وليس مهماً سرد الأسماء هنا، وبعد عام 2000م دخل أصهاره الجدد في المقاولات والصفقات وأصبحوا يتولون كل مشتريات الجوية يتم استلام أثمان قطع الغيار ب10 أضعاف السعر الحقيقي، ويتم إنزالها إلى طريق آنس وتعود من طريق الحيمة بعد تغليف الصناديق وتغيير الأغلفة. ظل ذات القائد وصقر صقور الجو لسنوات طويلة يصادر مايسمى «علاوات المستويات» للفنيين وحجزها تحت لافتة (رديات) لإصلاح مبان وهناجر، تصل إلى مابين (80 – 90) مليون شهرياً، ويشرف عليها بنفسه ويمنع سلاح المهندسين أو المؤسسة الاقتصادية عن تنفيذ العمل، إلا إذا أعطي نصيبه مثل (مقاولة الصالة الكبرى، كلية الهندسة العسكرية، وبعض الهناجر الأخرى). كان الأحمر يعبث بالمال العام كيفما أراد ويستخدمه للأغراض الشخصية ك(المحروقات، المواد الغذائية، المهمات العسكرية) ويبيعها عن طريق (....) بشرط أن لا يقل نصيبه عن 10 ملايين ريال شهرياً، ويبيع وقود الطائرات العسكرية عبر موظفين بشركة النفط للطائرات الأجنبية وبالسعر الدولي. إنه مجرد غيض من فيض، فساد وعبث وتدمير واحد منهم، فمابالنا لو تفحصنا في ملفات عبث الآخرين على مدى 33 عاماً؟. غير أن مايهم حاضراً ومستقبلاً هو العمل على استكمال أهداف ثورة شعبنا السلمية وإنهاء سيطرة العائلة على الجيش والأمن وأجهزة الدولة ومنع أي جرائم قد ترتكبها العصابات التي سربوا إليها الأسلحة.