عبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن تزايد قلقها بشأن الأوضاع التي يعانيها المدنيون مع توسع النزاع المسلح في شمال اليمن وامتداده إلى الأراضي السعودية. وأوضحت اللجنة في نشرتها الدورية بأن معاناة المدنيين تفاقمت مع امتداد النزاع نحو الحدود اليمنية السعودية، وتزايد حدته، وناشدت جميع الأطراف المشاركة في النزاع الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، واتخاذ كل التدابير اللازمة لتجنب إصابة السكان المدنيين والسماح بمرور المساعدات الإنسانية دون أي عائق.
وقالت اللجنة بأنه يجب أن يعامل جميع الأشخاص المحتجزين معاملة إنسانية، وأعربت عن استعدادها لزيارة أي شخص من المحتجزين وتوفير أي خدمات أخرى بوصفها منظمة إنسانية محايدة وغير منحازة.
ولازال النازحون والسكان المقيمون في محافظتي صعدة وعمران يعانون من الآثار الناجمة عن النزاع المسلح، حيث ترك العديد من الأشخاص ديارهم منذ الأسابيع الأولى من النزاع وباتوا الآن يعتمدون كلياً على اللجنة الدولية والهلال الأحمر اليمني للحصول على المياه والمواد الغذائية والمستلزمات الأساسية الأخرى.
أما في الجزء الشمالي الغربي من محافظة صعدة، في المناطق الواقعة على الحدود مع المملكة العربية السعودية (مديرية باقم)، فأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن عدد الأشخاص الذين يلجئون إلى قرية مندبة آخذ في الارتفاع، إذ تسجل اللجنة الدولية والهلال الأحمر اليمني يوميا ما يتراوح بين 140 و280 شخصا. وقد تطلب التدفق المستمر للنازحين إنشاء مخيم جديد في مندبة فتح أبوابه منذ شهر أمام 2500 شخص وبات الآن يضم حوالي 6000 شخص. وسبق للجنة الدولية والهلال الأحمر اليمني أن توليا إدارة ثلاثة مخيمات في صعدة والمناطق المجاورة لها. وتستضيف المخيمات الأربعة في الوقت الحالي قرابة 11.000 شخص.
ويقول السيد عبد المجيد الشاعر، رئيس البعثة الفرعية للجنة الدولية بالنيابة في صعدة: "إن ضرورة إنشاء مخيم جديد بالقرب من باقم دليل على أن الوضع السائد في الميدان لا يتحسن من الناحية الإنسانية. فالناس يسافرون مسافات طويلة للوصول إلى منطقة مندبة الآمنة نسبيا ويصلون إلى هناك منهكين. وهم يحتاجون إلى المياه والأغذية والمأوى التي تقدمها حاليا اللجنة الدولية والهلال الأحمر اليمني".
ورغم الجهود الدؤوبة التي تبذلها اللجنة الدولية والهلال الأحمر اليمني اللذان قدما على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة أنواعاً مختلفة من المساعدات إلى حوالي 140.000 شخص، تتزايد أكثر من أي وقت مضى صعوبة توفير خدمات الرعاية الصحية أو الحصول عليها في شمال البلاد.
ويقول السيد "جان نيكولا مارتي"، رئيس بعثة اللجنة الدولية في اليمن: "من الصعب جدا بالنسبة للسكان الذين يحتاجون إلى الرعاية الطبية الأساسية أو العاجلة الوصول إلى أية مرافق للرعاية الصحية". ففي مدينة صعدة والمناطق المجاورة لها، لا زال مستشفى واحد فحسب من أصل المستشفيات الرئيسية الثلاثة يقدم خدماته بشكل كامل؛ ويتعذر على المستشفيين الآخرين توفير خدمات عادية بسبب الوضع الأمني. ونتيجة لذلك، يصعب على المرضى الحصول على المساعدة كما يصعب على اللجنة الدولية توزيع الأدوية والمعدات.
ويضيف السيد "مارتي" قائلا: "إن اللجنة الدولية والهلال الأحمر اليمني يحيلان قدر الإمكان المرضى إلى المرافق في مناطق أخرى ولكن يتعذر علينا في بعض الأوقات القيام بذلك بسبب القتال الدائر. ونحث بشدة أطراف النزاع على السماح بتوزيع المساعدات الإنسانية والسماح للعاملين في المجال الطبي والسيارات الطبية بتقديم المساعدة الهادفة إلى إنقاذ الأرواح".
قوامت اللجنة الدولية والهلال الأحمر اليمني على مدى الأسبوعين الماضيين بتوزيع حصص غذائية تكفي لمدة شهر (القمح والفاصوليا والسكر والملح وزيت الطبخ والبسكويت الغني بالبروتين) على أكثر من 9500 شخص في مخيم مندبة أو بالقرب منه، وفي مديرية باقم في شمال غرب محافظة صعدة بالقرب من الحدود السعودية. وقام برنامج الأغذية العالمي بتأمين المواد الغذائية في المنطقة وسلمها إلى اللجنة الدولية والهلال الأحمر اليمني.
كما واصلت اللجنة توزيع المياه بواسطة الشاحنات على حوالي 6000 شخص في مخيم مندبة؛ وتأمين الخيم لحوالي 6000 نازح في مخيم مندبة والانتهاء من بناء 20 مرحاضا آخر هناك تحسيناً لخدمات الصرف الصحي، ليصل مجموع المراحيض إلى40 مرحاضا.
وزودت اللجنة قرابة 7000 نازح والأشخاص الذين يستضيفونهم في مدينة صعدة والمناطق المجاورة بالبطانيات والفرش وصفائح المياه والصابون ومسحوق الغسيل، وتسجيل 7000 شخص آخر في المدينة يمكن أن يكونوا بحاجة إلى المساعدة؛ كما واصلت إمداد مدنية صعدة بالمياه لتغطية احتياجات أكثر من 85.000 شخص مقيم وأزيد من 18.000 نازح داخل المخيمات وخارجها في المدينة والمناطق المجاورة لها؛ وعملت على توزيع المياه بواسطة الشاحنات وعبر إصلاح الآبار في وادي خيوان وبني صريم وخمر في محافظة عمران لصالح ما يزيد عن 11 ألف نازح ومقيم.
ولا زالت الرعاية الطبية العاجلة اللازمة تقدم إلى آلاف الأشخاص على الرغم من أن اللجنة الدولية والهلال الأحمر اليمني اضطرا إلى تعليق بعض الأنشطة في مناطق معينة بسبب القتال. وتوفر اللجنة الدولية الدعم إلى عدة وحدات للرعاية الصحية تابعة للهلال الأحمر اليمني وإلى مرافق وزارة الصحة العامة والسكان في محافظة صعدة، ولا زالت توفر الدعم الذي تمس الحاجة إليه إلى وحدتين تابعتين للوزارة في محافظة عمران. وعلاوة على ذلك، تواصل رصد احتياجات مستشفيات صعدة الرئيسية الثلاثة.
وتستمر وحدات الرعاية الصحية التابعة للهلال الأحمر اليمني ووزارة الصحة العامة والسكان في توفير الخدمات الأساسية في مخيمات النازحين الثلاثة في مدينة صعدة والمناطق المحيطة بها بدعم من اللجنة الدولية. ويقدم العلاج يوميا إلى ما بين 50 و80 مريضا، معظمهم من النساء والأطفال، في الطلح، شمال مدينة صعدة، وفي مخيمات سام جنوبالمدينة. ويتلقى عدد أقل من الأشخاص العلاج في مخيم الإحصاء الأصغر حجماً. وأنجزت إلى حد كبير عملية تطعيم حوالي 4000 طفل تقل أعمارهم عن خمس سنوات.
وعززت عيادة الطوارئ التابعة للهلال الأحمر اليمني في مدينة صعدة قدراتها نظرا لنقص المرافق الصحية في أماكن أخرى في المحافظة. وقد أجرت،خلال الأسبوع الماضي وحده، أكثر من 1700 استشارة علاجية.
وقامت اللجنة الدولية بالتعاون مع الهلال الأحمر اليمني بإمداد مدينة صعدة بأدوية تكفي لمدة شهرين. وتم توفير إمدادات تكفي لشهر واحد لدعم عيادة وزارة الصحة العامة والسكان في جبل مران، غرب مدينة صعدة؛ كما أجرت ما بين 70 و90 استشارة يوميا لحوالي 6000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، وعملت على دعم خمس وحدات ميدانية للرعاية الصحية تابعة للهلال الأحمر اليمني في الحصن والأزقول والقزحة والحدب والغربي جنوب مدينة صعدة، وأجرت قرابة 2500 استشارة خلال الشهر الماضي. كما واصلت اللجنة إمداد مركز الرعاية الصحية في وادي خيوان محافظة عمران بأدوية أساسية تغطي احتياجات 250 مريضا يوميا في المتوسط، وبالخيم والأثاث لتعزيز إمكانيات إجراء الاستشارات الطبية.