أعلم ..هناك تغييرا في الجملة المتداولة كثيرا ( الرقص على رؤوس الثعابين) ، والتي قالها (صالح ) واصفا حاله في الحكم . ولكنه تغيير متعمد ، وستعلمون أسبابه في السطور القادمة. هذه الجملة، وأقصد الأصلية منها (الرقص على رؤوس الثعابين) ، تحمل الكثير من المعاني والدلالات، حتى لو لم يكن قائلها ، قد فكر فيها حينما قالها ! ولننطلق معا- أنا وأنتم – لنسبر أغوارها ، و نستشف منها ما يمكن من هذه المعاني والدلالات . لا أدعي أنني محللة نفسية ، ولكن وكما اتفقنا سابقا ، فإن صالح ( قائلها) ، قد أصبح كتابا مفتوحا ، يمكن قراءته لمن أراد ، كنوع من خزي الله له في الدنيا! ولنبدأ بالدلالات العامة للكلمات .. الرقص ، يعني حركات وخطوات مدروسة ومتناغمة مع إيقاع معين . والرقص يمثل تسلية ومتعة للممارسة . والرقص يعني المرونة واللياقة، وهو نوع من الرياضة . ولنأت إلى كلمة ( الثعبان) و دلالاتها : الثعبان ، من أكثر الأحياء إخافة للبشر على كوكب الأرض ، لما يمثله من صفات المفاجأة والمباغتة . وهو رغم صغره ، يحمل سما فتاكا، لا يمهل ضحيته ! أما عن رأس الثعبان ، فهو مقتله! الآن وقد انتهينا من الدلالات العامة ، سنأتي للدلالات عند القائل ( صالح): الرقص : المراوغة ، والتحرك بخطوات مدروسة مع الخصم ، تتناسب مع إيقاع التهديدات التي يواجهها، فقد تكون إيقاعات سريعة وتتطلب خطوات سريعة، وقد تكون بطيئة وتتطلب خطوات متمهلة غير متسرعة ! والرقص عنده ، يعني التسلية والمتعة ، في ملاعبة الخصوم ، وتدويخهم ! والرقص عنده ، يمثل رياضة ولياقة ، واكتساب نفس طويل ، لاحتياجات التحديات الكبرى ، والجولات الطويلة . وقد مارس هذه الرياضة بتفان شديد ، ومداومة وإصرار لا يكل . ولابد أنكم قد رأيتم ولمستم، المهارة التي اكتسبها جراء ممارسة هذه الرياضة ، أثناء تعامله مع الثورة العظيمة التي قامت ضده! أما الثعابين، فهم الخصوم بالتأكيد . وهم ثعابين في نظره، لأنه يخاف الثعابين جدا، كما هو معروف عنه!! ولكن من هم خصومه ؟! خصوم صالح : كل الشرفاء والمخلصين لهذا الوطن ! خصومه، كل القوى الوطنية ، التي تقف أمام مخططاته وتفضحها وبالتأكيد خصوم صالح ، من يعلم فيهم طمعا في السلطة ، وإن كان طمعا مشروعا ! خصوم صالح ،كل من يقدمون له النصيحة ، ويثنونه عن مواصلة عبثه بالوطن والمواطنين! من الخصوم الذين يهددون مصالحه ويخافهم، الأقلام الحرة ، وهؤلاء قد ذاقوا في عهده الأمرين ، ومازالوا ! لقد قرر صالح ، أن يحتكر حكم البلاد والعباد له ولأسرته ! ونتيجة لهذا القرار التاريخي، والنية السيئة ، فقد قرر أن يراقص خصومه، لأنه علم أن سياسة التصفيات الجسدية دائما ، قد لا تقوده إلى حيث يؤمل ، وقد تكالب عليه الأعداء أكثر مما تقضي عليهم ! لذلك ، رافق قراره ذلك ، قرارات أخرى وخطط ، تضمن له التنفيذ ، وبطرق ..راقصة! طرق ، لا تخطر على بال الشيطان! كان منها .. شراء الذمم ، وهذه كانت أشهرها وأنجعها على الإطلاق . لا داعي أن تتخلص من عدوك ، أكسبه وضمه إلى جيش من خسروا أنفسهم بثمن بخس ، وستستفيد منه لاحقا ، بكل تأكيد ! وبهذه الطريقة ، تثبت لنفسك – أيضا – أنك لست الرخيص الوحيد ! أتعلمون ، ذلك الأسلوب القذر – هو التسامح، بعينه ، الذي اشتهر به صالح !! من خطواته الراقصة أيضا ، الكذب ومزيدا من الكذب ومزيدا من الكذب ، لدرجة أنه –هو - صدق نفسه!! أما أشهر الحركات فهي الخداع والمراوغة ، وإظهار النعومة .. النعومة التي يعرف بها (الراقص) و قد لا تعبر عن حقيقته وجوهره .. مطلقا !! أيضا ، برع في زرع الفتن بين جميع القوى والأفراد والجماعات .. جذر الشقاق بين الأخوة ، ومعروف أنها أشهر رقصاته ، التي كانت تؤتي أكلها كل حين . ليصبح كلٌ منشغل بكل ، وينسوا قضيتهم الحقيقية المتمثلة في قلعه من أرض هذا الوطن المعذب به ، والمصاب بلعنته !! من أساليب الرقص التي أجادها – أيضا – أنه كلما ظهرت حركة أو أي تهديد من قوة معينة ، فإنه ينشئ ويستحدث قوة مضادة لها ، وبنفس الاسم تأتمر بأمره ، كنوع من التشويه بالقضية الأصلية ، وبالتالي القضاء عليها ، كما فعل مع الحراك الجنوبي السلمي ، القاعدة ، والحوثيين ، وكما حاول - بكل جهده – مع الثورة الشبابية السلمية! ومن الألاعيب التي مارسها، بإتقان نادر، بذل الوعود والعهود ، كنوع من كسب الوقت ، ثم الانقلاب على كل هذه العهود والوعود دون أدنى حياء !!
كما اشتهر صالح ، بارتكاب الجرائم .. أشنع الجرائم ، ومن ثم الصاق التهمة بخصومه ، بالاعتماد على أهم أدواته وأفتكها على الإطلاق ، الإشاعات ، الأمن القومي ، والإعلام الصالحي ، المرئي والمسموع والمقروء ، ولا ننسى العلماء .. ولكنهم علماء الصالح ! مارس كل تلك الفنون والرقصات الشيطانية ، ونجحت إلى حد بعيد ، على مدى عقود ، إلى أن قامت أولى ثورات الربيع العربي ، في تونس ثم في مصر ، وامتدت شرارتها إليه ! هنا فشلت كل فنونه ورقصاته ، عن إنقاذه . هنا كانت نهايته !! وهنا، افتضحت كل أساليبه ، فكان كلما حاول الرقص ، ومحاولة التناغم مع الإيقاع ، كان الإيقاع يزداد سرعة ، وعنفوانا ، فيتعثر ، ويسقط ، فينتصب من جديد ، ويحاول المحافظة على توازنه ،لكن عبثا !! سقط السقوط الأخير ، لم يعد قادرا على الاستمرار أكثر! لكن ، سقوطه المتمثل في تخليه عن السلطة ، لم يثنه عن محاولة الرقص مجددا! صالح ما زال يرقص، ولكن هذه المرة ، ليس على رؤوس الثعابين لكن على رأسه هو !!