أمراض التملك والتفرد والسيطرة التي عانت منها بلادنا وسائر البلاد العربية لعقود خلت نتيجة لانعدام النظام المؤسسي داخل الدول بكافة مؤسساتها، ابتداء من سيطرة وتفرد وتملك رئيس الدولة بالبلد واعتبارها ملك خاص وجزء من املاكه ومتاعه الشخصي، مرورا بالوزراء والمحافظين ورؤوسا المؤسسات وووو... الذين ما ان يعينوا حتى يعتبروا ان الوزارة او المؤسسة التي يعين فيها انها وهبت له من المالك الأكبر للبلد كإقطاع خاص به جزاء إخلاصه وتفانيه في خدمة ملك البلاد ومالكها، ولا يحق لأحد أن يحاسبه او يساءله، ومع الاسف ان هذه العقلية التسلطية التفردية التي حولت البلد بكافة مؤسساته الى اقطاعات، مع الاسف ان هذه العقلية انعكست على قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية بكافة المستويات التنظيمية للحزب او التنظيم السياسي فأصبحت الأحزاب إقطاعا خاصا وملكا شخصيا فانعدمت داخل الأحزاب العمل المؤسسي، واصبح رئيس الحزب او الامين العام يمتلك الحزب وهو صاحب القرار السياسي والتنظيمي والاداري وو... وكان الحزب ملك شخصي له فاللجنة المركزية او الدائمة او الشورى هي شكليه لاتقوم بدورها حسب اللوائح بل ان اختيار أعضائها يتم وفق مواصفات معينه، ورؤساء الدوائر شكليون وقد منحت لهم هذه الدوائر مكافأة لاخلاصهم لولي نعمتهم، والغاء كلمة لا او لماذا او كيف، ولم يبقي في قاموسه الا كلمة واحده (حاضر سيدي)، اما رؤساء الفروع فهم ايضا مالكين شخصيين لمحافظاتهم في إطار المملكة العامة، ولذلك فان قادة الأحزاب يضلوا عشرات السنين ولم يتغيروا، بل ومسئولي المحافظات وكأنه لم يخلق غيرهم ولا يوجد كفاءات الا هم، السؤال المهم، كيف لقادة الأحزاب وهم بنفس عقلية الحكام في التسلط والتفرد والتملك والسيطرة، ان ينقلوا البلد اذا ما وصلوا الى السلطة الى الحرية والديمقراطية، وكيف يمكن ان يكونوا أداة تغيير، فهل يمكن ان يكون الدكتاتور المتسلط المتفرد في حزبه إذا ما وصل الى السلطة قائدا للتغيير نحو الديمقراطية، هل يمكن لمن قاد الحزب بتفرد وبدون أي عمل مؤسسي، ان يقود البلد نحو العمل المؤسسي، القائم على مبدأ الرقابة والشفافية والمحاسبة، ان فاقد الشيء لايعطيه، وان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وبالتالي في ظل الربيع العربي والفرصة التاريخية في التغيير، وفي الانتقال بالبلد نحو الحرية والديمقراطية والعمل المؤسسي، يجب على قادة الأحزاب ان يثبتوا اولا لاحزابهم ثم للشعب انهم قادرين على التغيير وان يكونوا لبنات في بناء ديمقراطيه وحرية حقيقية - لاشكليه كما في تنظيماتهم – وذلك من خلال اجراءات سريعة وعاجله في احزابهم، ليتحول الحزب من مؤسسة فردية الى مؤسسة تضامنية مساهمة يساهم كل قواعد وكوارد الحزب في اختيار مرؤوسيهم واختيار مؤسسات الحزب التي تحاسب وتراقب، كما ان على الشباب الطامحين الى التغيير ان يضغطوا وبكل قوة داخل احزابهم للتغيير والانتقال من الفردية الى العمل الجماعي المؤسسي حتى لاتضيع تضحياتهم وتضيع دماء الشهداء وأنات الجرحى ونستبدل الدكتاتور بدكتاتور سواء كان في صورة حزب او فرد، لأني لا اعتقد بأي حال من الاحوال ان الدكتاتور في حزبه اذا وصل الى السلطة يمكن ان يكون ديمقراطيا ويسعى الى التغيير وبناء المؤسسات، بل سينتقل بعقليته المتسلطة المتفردة من الحزب إلى الدولة والله المستعان.