ما يربو عن أربعة ألاف يمني يقيم في ماليزيا حالياً يحيون شعائر الشهر الفضيل، فيعيشون نفس الطقوس التي تستقبل الشهر الكريم في اليمن. هنا في ماليزيا للشهر روحانيته ومذاق متفرد لقضائه في العبادة وقراءة القران والصلاة والعمل الدءوب في الأرض. من أبرز الملامح الرمضانية اليمنية لدى الجالية إقامة مأدبة الافطار الجماعي لليمنيين، ففي منطقة «سيردانج»، إحدى ضواحي العاصمة الماليزية كوالالامبور يتواجد المئات من أبناء الجالية اليمنية بين طلاب وعمال وموظفين وعائلات، تقام فيها أكبر المأدبات الرمضانية التي تشارك فيها كل العائلات المقيمة في هذه المدينة (سكي فيلا ). تصنع تلك العائلات الطعام اليمني المتميز الذي بات قبلة للصائمين الذين يأتون من أماكن متفرقة بماليزيا على شرف هذه المأدبات الرمضانية الكبرى ذات التميز بتلك الأكلات المتفردة مثل «السنبوسة والشفوت والسلتة والكبسة»، وكذا المشروبات والعصائر بصحبة الحلويات اليمنية المشهورة «كالرواني والقطيفة والبسبوسة والطوربما» وغير ذلك من المأكولات. «فرصة» تتمثل فائدة هذه المأدبات الرمضانية ليس لإفطار الصائم فحسب، بل جسدت كملتقى اجتماعي يسهل لمعظم أبناء اليمن بماليزيا فرصة الالتقاء والجلوس إلى جانب بعض بإحساس قريب إلى العائلة الواحدة التي يتفرق أبنائها طلبا للرزق وما يلبثوا أن يلتقوا في المناسبات الدينية والاجتماعية، حيث تترك هذه أثراً بين اليمنيين وتقوية للروابط والأواصر للأسرة الواحدة. «ملتقيات» تتحول المطاعم اليمنية إلى ملتقيات أخرى لليمنيين في ماليزيا على شرف موائد الشهر، كما استهوت كثير من الأجانب ومن الماليزيين، بصورة تفوق اليمنيين إلى حد كبير، فما فما أن تلج بقدميك أحدى مطاعم اليمن حتى ترى الناس من أصقاع شتى يتهافتون على طلب الأكل اليمني. «التاريخ اليمني» في سيردانج ثمة مطعم يدعى «باب اليمن» سوف تكون هناك على موعد مع التاريخ، فتشعر حين تلج من «باب اليمن» إلى أزمنة أزال، وتعيش معها متعة أسطورية مع الطعام اليمني و«أزال» بلذة السمك المشوي «وبرم اللحم» والقلابات الصيد. بضعة أمتار من مطعم باب اليمن حتى تكون مع موعد تاريخي أخر أيضا، ولكن هذه المرة ستطير إلى أزمنة من (الشرق الأوسط) الكبير الذي لا تخلو ملامحه من قهوة (العربية السعيدة ) وجمال (الحنيذ) اليماني ذي الارز المبخر والزربيان العدني المتميز فضلا عن قلابات السمك بأنواعه الديرك والزينوب والجمبري إلى جانب الحلويات الأخرى. عشرون دقيقة فقط من (سيردانج ) باتجاه كوالالمبور سيكون الصائم على موعد مع التاريخ اليمني من أرض حضرموت، وبالتحديد عند شارع العرب المعروف (بوكيت بن تانج)، فثمة مطعم بحد ذاته يعده اليمنيون والماليزيون والعرب على حد سواء رمزا للمطاعم اليمنية بماليزيا ككل من حيث أنه أول المطاعم اليمنية التي أسست لانطلاق مطابخ الطعام اليمني بماليزيا.
حضرموت والمكلا والشحر ودوعن ستكون بانتظار الصائم والقادم طلبا للأكل هناك على حد سواء فمأكولات بحرية أصيلة ومأكولات بدوية ضاربة في الأصالة. سيلفتك هناك صور المشاهير التقطت لهم لدى زيارتهم للمطعم وتم عرضها على حيطان المطعم بينها صور لرئيس الوزراء الحالي نجيب عبدالرزاق، وصور أخرى لزعيم النهضة الماليزية مهاتير محمد وكذا رئيس الورزاء الماليزي السابق عبدالله بدوي فضلاً عن صور اخرى لمشاهير عرب وأجانب في الدين و الفن والطرب بينهم الشيخ عبدالرحمن السديس و مشاهير الفن كحسين الجسمي والفنان الانجليزي المسلم ماهر زين و المنشد التركي سعيد كرتس والكندي عرفان مكي.
يقول حمزة محمود وهو رئيس مجلس إدارة مطاعم حضرموت السياحية بماليزيا ل«المصدر أونلاين» إنه منذ زمن ومجموعته تعاني ضغطا شديدا في الطلبيات للأكل اليمني من قبل الحكومة الماليزية والبعثات الدبلوماسية العربية والآسيوية لتغطية مآدبها في رمضان وغيره، ناهيك عن الإقبال الكبير لأبناء الجالية العربية بماليزيا ككل بينهم اليمنيين والخليجيين في الصدارة. وقال «اضطررت إلى فتح أكثر من فرع لتغطية هذه الضغوطات التي أصبحت مقلقة إلى حد كبير بالنسبة لي خاصة طلبيات المأدبات الرسمية للحكومة الماليزية والجهات الدبلوماسية، بحيث أن اعتذاري قد يؤثر على سمعه مطاعمي».
«أجانب» عند زيارتك لمطعم حضرموت ستفاجئ من أول وهلة بوجود الكم الهائل من الأجانب بما يفوق اليمنيين من الزبائن، يتهافتون على الأكل اليمني بشدة خاصة الماليزيين والعرب وبعض من الأتراك والإيرانيين و الافارقه. أكثر ما يشدك في هذا أنك لدى تقليبك لسجل الزوار المدون عليه انطباعاتهم سترى كلام مذهل وانطباع غاية في الفخر عن الأكل اليمني، يدونه عظماء ماليزيا ومشاهير العالم من ضمن ذلك أحدهم يقول «ما ذقت مثل هذا في حياتي قط وسأعود مرارا وتكرارا لتناول هذا الطعام الذي أندم على عدم معرفتي به منذ زمن بعيد». «ثلاث فرحات» للصائم فرحتان، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، لكني سأزيد هنا فرحة ثالثة لليمنيين في ماليزيا لتكون «فرحة عن حصوله على الطعام اليمني اللذيذ من سنبوسة وشفوت وباجية و كبسة وملوح وسحاوق وحلويات ومشروبات كما لو أنه في اليمن بين أهله وذويه».
إفطارا شهيا وصوما مقبولا وسعيا مشكورا لجميع المسلمين في أجزاء الأرض وكل رمضان والجميع بخير.