سلط مقتل صحفيين اثنين في تفجير بالعاصمة الصومالية مقديشو الخميس 3-12-2009 الضوء من جديد على المخاطر التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع في العالم، وعلى رأسها القتل الذي نال نحو 65 صحفيا في عام 2009، وتقدمت فيه الفليبين لأول مرة منذ 6 سنوات على العراق في عدد الضحايا، كما ظهرت الصومال كأكثر الدول العربية خطورة على الإطلاق على الصحفيين بعد أن تخطى العراق بنحو خمسة قتلى منهم. وقتل الصحفيان في التفجير الذي وقع في فندق شامو خلال حفل لتخريج طلاب جامعة بنادير بمقديشو؛ مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 19 شخصا، بحسب الإحصاءات المتوافرة حتى عصر اليوم، بينهم عدد من الوزراء وصحفيان؛ هما: مراسل إذاعة شيبلي الصومالية محمد أمن أدن عبد الله، ومصور قناة "العربية" الفضائية حسن زبير حاجي.
وفي التقرير الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود لعام 2009 وصل عدد الصحفيين القتلى في هذا العام إلى 65، وكان اللافت أن الفليبين تصدرت دول العالم في العدد ب32 صحفيا، تليها الصومال ب6 صحفيين، وارتفع إلى 8 بمقتل صحفيي فندق شامو، وهو ارتفاع كبير مقارنة بعام 2008 التي شهدت مقتل صحفيين اثنين بالدولة الإفريقية، هما حسن كافي هارد وزميله ناسته ظاهر فرح، نائب رئيس الاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين.
ومن أبرز قتلى صحفيي الصومال لعام 2009 مختار محمد حرابي، مدير إذاعة "شابيل" الصومالية، وهو المدير الثاني للإذاعة الذي يقتل على يد مجهولين بعد أن قتل سلفه بشير نور قدي، الذي أرداه مسلحون مجهولون قتيلا بالرصاص في منزله بمقديشو عام 2007.
وبات الصحفيون منذ عام 2007 من أكثر الفئات المستهدفة بالقتل والاختطاف من جانب كل الأطراف المتنازعة في الحرب الأهلية الجارية، كل يسعى لإسكات الصحفي المعارض لتوجهه.
وحلت باكستان في المرتبة الثالثة في العام 2009 ب5 صحفيين، ثم تلتها كل من العراق وروسيا والمكسيك ب3، وبقية الدول تراوحت ما بين صحفيين اثنين وصحفي واحد، ومن بينهم فلسطين التي يذكر التقرير أنه قتل فيها صحفيان، فيما يشير الاتحاد الدولي للصحفيين إلى أنهم 4، قتلوا خلال تغطيتهم الحرب الإسرائيلية على غزة.
ومن هؤلاء الصحفيين الفلسطينيين المصور باسل إبراهيم فرج الذي كان ضمن طاقم تلفزيوني من أربعة أفراد، عندما تعرضت سيارتهم في غزة للقصف في 27 ديسمبر الماضي الذي شهد أول أيام الحرب التي استمرت حتى 18-1-2009.
"انخفاض"
ومع هذا العدد الكبير من القتلى الصحفيين في عام 2009 فإنه يظهر تراجعا واضحا لمستوى العنف الذي ضرب الصحفيين في عام 2008، والذي أودى بحياة 109 صحفيين ومعاونين لهم، وكان أيضا أقل من عدد العام السابق له (2007) الذي سجل رقما قياسيا هو 175 قتيلا في ميدان الصحافة، بحسب إحصاءات الاتحاد الدولي للصحفيين.
وفي تقرير أصدره الاتحاد بشأن عام 2008 كان العراق هو الدولة الأكثر خطرا على الصحفيين للعام الخامس على التوالي، أي منذ بدء الغزو الأمريكي للعراق 2003.
وفي تقرير مماثل أصدرته منظمة "مراسلون بلا حدود" وصل عدد الصحفيين القتلى ومساعديهم في العراق لعام 2008 إلى 31، معظمهم استهدفوا بالقتل، على رأسهم نقيب الصحفيين العراقيين شهاب التميمي، الذي أطلق عليه مسلحون مجهولون الرصاص عندما هم بركوب سيارته، وكان التميمي معروفا بمعارضته الواضحة للاحتلال الأمريكي لبلاده.
وتقدر أعداد الصحفيين والإعلاميين ومعاونيهم الذين قتلوا منذ الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003 بنحو 210 صحفيين حتى عام 2008، وفقا لما ذكرته المنظمة، بينما تشير نقابة الصحفيين العراقيين إلى أن العدد أعلى من ذلك.
ولفت بحث أجرته لجنة حماية الصحفيين إلى أن العمال المساعدين للإعلاميين يتعرضون لخطر متزايد أيضا، وقد أعدت لجنة حماية الصحفيين للمرة الأولى قائمة بالعمال المساعدين الإعلاميين الذين قتلوا، فقد قتل خلال عام 2007 في جميع أنحاء العالم 20 من المترجمين والمساعدين والحراس والسائقين، وكان ضمن الضحايا 3 من عمال توصيل الصحف في المكسيك، الذين قتلوا على يد تجار المخدرات؛ سعيا منهم لإسكات الصحيفة التي توظفهم.
"تأمين"
ومن أبرز ما يثير غضب المنظمات المهنية والحقوقية المعنية بالصحفيين هو إفلات القتلة من العقاب في معظم الجرائم التي تقع، وعلق على ذلك أيدين وايت، أمين عام الاتحاد الدولي للصحفيين، بقوله: "كثيرا ما نرى سياسيين، وحتى في دول ديمقراطية، وقد تحجرت عواطفهم ويقفون لا مبالين بالمخاطر التي تسببها الهجمات على الصحفيين والإعلاميين.. يجب وضع حد لهذا".
وأضاف وايت أن: "الحرب الأخيرة في غزة تقدم مثالا قويا للمخاطر التي يواجهها الصحفيون.. لقد تم استهداف إعلاميين ومؤسسات إعلامية من قبل الجيش الإسرائيلي، مسببة خسائر بشرية، من ضمنها خمس حالات وفاة وأضرار بالممتلكات".
وإن كانت الحكومات "تتهاون" -على حد وصف المنظمات المعنية- في القصاص لضحايا العمل الإعلامي من قتلتهم فإن بعض هذه المنظمات يسعى بأدواته المهنية للتقليل من عدد الضحايا قدر الإمكان، ومنها منظمة "مراسلون بلا حدود" التي أصدرت دليلا بعنوان "سلامة الصحفيين".
ومن بين ما يتضمنه هذا الدليل المطالبة بتزويد الصحفيين العاملين في مناطق الخطر بستر واقية من الرصاص وخوذات وأجهزة شخصية للاستغاثة وحقيبة إسعافات أولية وخط ساخن، وذلك بالإضافة إلى عقود تأمين للمراسلين المستقلين وتدريب المراسلين على وسائل وطرق حماية أنفسهم.
ومن جانبه يخصص الاتحاد الدولي للصحفيين صندوقا باسم "صندوق سلامة الصحفيين" الممول من جانب الصحفيين أنفسهم لتقديم مساعدات ومنح إنسانية لعائلات الصحفيين والإعلاميين الذين يقتلون أو يصابون خلال أداء واجبهم.