اصبحنا نراهم بكثرة في مناطق لم يتجهوا نحوها من قبل او يمروا بها ربما لأنها غير مزدهرة اقتصاديا او أن فرص العمل بها غير ممكنة. يسيرون لمسافات شاسعة سيرا على الاقدام العارية تكويهم الشمس تارة ويلفهم البرد اخرى تلمح في عيونهم الذل والانكسار واللهفة للانعتاق من معاناتهم. انهم اللاجئون الصوماليون والذي انطبق عليهم المثل القائل (بطري نطل فوق مخلوس) فلا اعتقد أنهم يتهافتون على اليمن لأنها امريكا بلاد الفرص والعالم المتحضر بل هم كالمستجير بالنار من الرمضاء. او ربما يرون في اليمن معبرا لدول الجوار وهم بذلك يزاحموننا حتى في الفرار من وطننا من خلال حدودنا. هؤلاء البشر المنكوبين تحاصرهم نظرات القرف من ضيف ثقيل جاء من وراء البحر يشاطرنا الفقر والعوز وتلاحقهم حكايات القرويين البسطاء التي تحكي عن الاسود الدخيل والذي يسرق الاطفال ويخطف البنات ولا يمكن الوثوق بأمانته. يتعرضون عبر مسيرتهم البائسة للكثير من انواع الاحتقار والمعاملة السيئة ويتم استغلالهم من اجل اللقمة بكثير من القسوة وعدم الرحمة وما نراه احيانا يذكرنا بعنصرية الرجل الابيض ضد المهجرين الافارقة ابان اكتشاف امريكا كعالم جديد إلا أن الرجل الابيض هنا قد يكون فلاح او رعوي بسيط يستغل هؤلاء البؤساء في القيام بأعمال الزراعة والحصاد الشاقة مقابل قوتهم اليومي أو لعله رب عمل ما يرى ان في هذا اللاجئ صيد ثمين يقبل بالفتات مقابل اشق الاعمال واحطها. ولعل الشبه الوحيد بيننا وامريكا هو ذلك العهد العنصري الظالم حين كان يضطهد الافارقة ويعاملون معامله وحشيه كخدم للسيد الابيض. لقد تركت امريكا العنصرية واختارت اوباما الأسود رئيسا للمرة الثانية كما نبذت أوروبا العنصرية وانتهت بزوال هتلر. فلماذا اهل اليمن ما يزالون يرون في اللون الاسود مشكله ويعاملون كل افريقي وافد على انه (خادم) ينتمي الى فئة الاخدام المضطهدة وانه اقل شأنا ممن سواه. ان بلدنا الكادح لن يغير من قبيلته العقيمة وعنصريته المبطنة والتي تفوح من كل عاداتنا وتقاليدنا وتعاملنا مع فئات المجتمع المختلفة. حسب تقرير لمنظمة دولية ان اكثر من 90 الف لاجئ افريقي دخلوا اليمن خلال العام الجاري وان بعضهم تعرضوا للاحتجاز والتعذيب الوحشي. حقا ان اليمن يوجد بها 27 مليون لاجئ يمني يعيشون حياة الكفاف وضيق الحال وانهم ليسوا بحاجه لأمدادهم بسبعين الف افريقي فوقهم يقاسمونهم البطالة والشقاء. إلا ان الرأفة بهذا الشعب المنكوب هو من اخلاق المسلمين ومن حقوق الجوار. ولنعتبر بهم لو اننا لا قدر الله صرنا الى ما صاروا اليه من خراب ودمار وتقتيل ومما يؤسف له ان في هؤلاء المهاجرين اشخاصا كانوا في قومهم لهم من العلم والجاه ما كان لهم فلجأوا إلينا فزدناهم مهانة وتشريد واخير قتل على الحواجز الامنية كما حدث في لحج مؤخرا بالاشتباه فقط. ولترحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.