شباب خرجوا إلى الساحات، افترشوا الخيام ليحطموا الأصنام، تحملوا الجوع والبرد في الليالي الطوال، دفعوا ضريبة الوطن إلا وهي الدماء والانتهاكات التي أُرتكبت بحقهم، ووجدوا مصيرهم خلف قضبان السجون يسكنون، يفترشون الأرض، يتجرعون أصنافاً من الآلام والعذاب، لا أعلم كيف هي حياتهم الآن، لكنني أتخيلها بأبشع صورة، شباب يرون أنفسهم في الظلام وهم الذين خرجوا إلى الساحات من أجل أن يرى هذا الشعب النور، يُظلمون وهم الذين سارعوا إلى قول كلمة الحق، فبأي ذنب يعتقلون؟ ما هي جريمتهم؟ وهل حُكم عليهم بأحكام قضائية؟ وهل تم الدفاع عنهم؟ وإلى متى سيظلون خلف قضبان السجون؟ أسئلة تحتاج الإجابة من حكومة الوفاق التي ما كانت سترى النور لولا ثورة الشباب وتضحيات الشهداء والمعتقلون. الشهيد يموت مرة واحدة لكن هؤلاء المعتقلون يموتون مرتين، الأولى عندما يتم اعتقالهم بجريمة حب الوطن وحلم بناء اليمن الجديد، والثانية عند رؤيتهم للحال الذي وصلت إليه ثورتهم، ومكونات ثورتهم التي لم تلتفت إليهم وتدافع عنهم أو تصعد ثورياً لإطلاق المعتقلين، مكونات الثورة تتسابق على حجز مقاعدها في مؤتمر الحوار ونسيت هؤلاء الثوار الأحرار. ينتظر اليمنيون في الأشهر القادمة مؤتمر الحوار الوطني الذي سيناقش فيه العديد من القضايا العالقة، ويُعول اليمنيون على هذا المؤتمر، ونتائج المؤتمر هي المؤشر على مستقبل البلاد، في مؤتمر الحوار لابد أن يتم الحوار مع أولئك الذين اعتقلوا من أجل قضايا وطنية، اعتقلوا لأنهم رفضوا الظلم والاستبداد، أولئك الأبطال الأشاوس، الذين يموتون في السجون كل يوم، لابد من حكومة الوفاق أن تنظر إليهم وأن تعمل على إنصافهم. أيها الثوار.. ثورتنا لم نقم بها من أجل إسقاط رئيس فقط، ثورتنا قمنا بها من أجل إسقاط الظلم أينما وجد، لابد أن نسير على خطاهم وان نقف إلى جانبهم، إن لم نحرك ساكنا فمصير كل حر ثائر السجون، إذا لم تتحرك مكونات الثورة بفعل ثوري قوي لإخراج المعتقلين من السجون فلنترحم على معشوقة تسمى حرية، لا حرية بدون استرجاع الحقوق، لا حرية بدون إنصاف من في السجون، لا حرية ما لم نفي بوعودنا التي عاهدنا الله عليها، على أن السير على خطى شهداء الثورة ومعتقليها في السجون. يبقى السؤال الأهم: هل سنترك من ضحوا بأنفسهم من أجل إسقاط منظومة فساد متكاملة، من أجل بناء يمن جديد، هل سنتركهم خلف قضبان السجون، هل سنتركهم يموتون مرتين؟