نحن جزء من العالم الذي نعيش فيه ونقع ضمن أرضه.! وبالتأكيد نحن نتأثر ونؤثر فيه وفي مجرى حركته وحراكه ورؤيته قواه الحية والفاعلة فيه. لكننا لن نرقى الى درجة التأثير والحد من القوى المؤثرة فيه الا حين نصل إلى مرحلة امتلاك القرار الذاتي الذي من خلاله نستطيع ان نتعامل معها دون ان يكون ثمة تبعية او انحناء او تنازلات فيما يخص قضايانا الداخلية والخارجية ومجمل شؤون حياتنا على كافة المستويات. بلورة ثورات العربي رؤية جديدة ومتوازنة يمكن ان تؤدي الى تحقيق تماسك داخلي شامل وترسيخ وضعية ديمقراطية مستقرة قادرة على انتاج مخرجات حية وحيوية لها القدرة على تفعيل الاستراتيجيات على المستوى الداخلي تلك التي تهدف الى تحقيق تقدم حقيقي في مستوى حياة شعوبنا، لكن الاشكالية التي نواجهها كما دلت الاحداث الاخيرة في مصر ان قوى التبعية الكمبرادروية ترفض اي شكل من اشكال الاستقرار مالم تكون رؤيتها الجديدة القديمة هي مقود زمام الامور في بلداننا التي جعلت من المنطقة طوال 100عام تقريبا حيزا غير مناسب لتطبيق نظرياتها ونظمها وفسفاتها في مختلف المجالات، تلم التي لم تزد الامة العربية والاسلامية الا تخلفا وتفككا وتمزقا وعملت على تنمية الفقر والجهل وكل أشكال الفساد والاستبداد، وبالتالي فإن المشروع الحقيقي الوحيد اليوم الذي ظل قادرا على تأكيد وجوده فاعلا ومقاوما وبانيا هو المشروع الاسلامي الذي يتم التآمر عليه محليا واقليميا ودوليا، فنحن نشهد مدا اسلاميا واثقا بذاته لديه رؤى حقيقية يمكن اعتمادها كورقة رابحة في مضمار النهوض الذي ظلت شعوبنا تنشده منذ أمد بعيد والذي عجزت عن توفيره القوى الاشتراكية والرأسمالية والقومية بكل تهجيناتها المُستًبغلة وكل موال قديم خرج منها واليها عاد ويريد ان يغير من ترانيمه الخادعة التي إن يقول ذوها تسمع لقولهم.! كما أثبت التاريخ أن الثورة بغير الاسلاميين ما كان لها لتكون ولو بعد أزمنة مديدة، لأن القبضة الاستبدادية الحديدة التي كانت تمارس ضد الشعوب كانت قبضة استعمارية تمارسها أنظمة كمبرادروية عميلة كان اليساريون والليبراليون والقوميون هم أساسها وصناعها، لقد عمل هؤلاء على سحق كل قيمة ثورية ناهضة منبثقة من ضمير الامة وعقيدتها ومجمل تكوينها الروحي، وكانوا شركاء الانظمة المتساقطة في عملية صناعة الاستبداد والفساد والقمع، وكانت لغتهم المعتمدة دائما هي التحذير من ما يسمونه خطر الاسلاميين، وإن مارسوا نوعا من التمثيل المعارض الكاذب على مراقص العمل السياسي أنهم ضد الانظمة التي كانوا أبرز دعائمها الفكرية والتنظيرية التي اضرت لعقود مديدة بشعوبنا وامتنا. لكن الذي يمكن دائما رؤيته بوضوح وإن حاول التخفي احيانا تحت شعارات لا تمت الى واقع الامة في شيء هو ان الخوف من الاسلاميين هو السائد دائما داخليا وخارجيا، لا لشيء إلا أن هؤلاء هم الورقة الحقيقية الرابحة التي يمكن اعتمادها في عملية استعادة الامة العربية والاسلامية لعافيتها التي فقدتها منذ سقوط الخلافة الاسلامية العثمانية عام 1924م، وتشكل حركة الاخوان المسلمون كلبنة اولى مؤسسة في مسار استعادة الفاعلية الحضارية الناهضة للامة وتبليغ رسالتها الانسانية المنبثقة من الاسلام عقيدة وشريعة ومنهاج حياة كريمة وراقية حقا. وكلنا ثقة بالله أن هذه الامة ستنتصر بمجل قواها الحية ومشاريعها الناهضة المنبثقة من صلب عقيدتها وقيما «كتب الله لأغلبن أنا ورسلي» صدق الله العظيم.