المبعوث الأممي يناقش في مسقط دعم خفض التصعيد في اليمن بحضور دبلوماسي عماني ايراني    المبعوث الأممي يناقش في مسقط دعم خفض التصعيد في اليمن بحضور دبلوماسي عماني ايراني    المشاط: صواريخنا ستصل لهدفها أو لمجموعة أهداف عشوائية وقادرون على اسقاط إف 35    الأهلي يُتوج بطلًا للدوري المصري بسداسية تاريخية أمام فاركو    دوري المؤتمر الاوروبي: تشيلسي يتوج باللقب بعد اكتساحه ريال بيتيس برباعية    العالمي حسين مسلم يبارك العربي خالد الخليفي    عروض كشفية وفعاليات لطلاب الدورات الصيفية في حجة    إلقاء القبض على شخصين بتهمة انتحال صفة رجال المرور    الماجستير للباحثة خديجة شعفل من جامعة إقليم سبأ في إتقان التجويد باستخدام "مثلث الاستماع"    - رغم دفعهم اكثر من اثنين مليون ريال سعودي مقابل تطبيبهم.. الحجاج اليمنيون يشكون غياب الرعاية الطبية في الأراضي المقدسة     أحمد لملس يقوم بدور مجلسي القيادة ورئيس الوزراء في عدن    صنعاء : حركة قضائية تشمل نقل 95 قاضيا (اسماء)    الصقر يفوز على الصحة في دوري البراعم لأندية تعز    مركز الملك سلمان للإغاثة يكرّم 136 طالباً يتيماً متفوقاً في محافظة حضرموت ضمن مشروع رعاية وكفالة الأيتام الشاملة في حضرموت    حالة نادرة.. ولادة طفل برجل واحدة في أحد مشافي عتق (صور)    حزب الله يدين العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء    نازحون.. حتى وطن آخر    وزارة النقل والأشغال تحمل العدو الإسرائيلي مسؤولية الاعتداء على مطار صنعاء    وزير الإعلام يحمل مليشيا الحوثي مسؤولية تدمير أسطول "اليمنية" في مطار صنعاء    الكثيري يناقش مع عدد من أعضاء جمعية الصرّافين في العاصمة عدن سُبل وقف انهيار العملة    توقيع اتفاقية مشروع إعادة تعشيب نادي التلال الرياضي الثقافي في عدن    تعرف على اهم إحصائية لجريمة الإبادة الجماعية لليوم ال600 من العدوان على غزة    إسرائيل تقصف مطار صنعاء وتدمر "آخر طائرة حوثية"!    الذهب يرتقع مع إقبال المستثمرين على الشراء    إيران تُلمح لإمكانية استقبال مفتشين أمريكيين للمنشآت النووية وتؤكد قبولها القيود مقابل رفع العقوبات    الارصاد يحذر من العواصف الرعدية والحرارة الشديدة وينصح بالابتعاد عن مجاري السيول والاحتماء من أشعة الشمس    غارات تستهدف مطار صنعاء    تقرير دولي صادم.. العالم على أعتاب أخطر 5 أعوام مناخيا في التاريخ    عمرها 2.6 مليون سنة.. العثور على "كبسولة زمن" في الصحراء الإفريقية    برشلونة يجدد عقد لامين جمال حتى 2031    شبوة تحتفي ب30 حافظًا لكتاب الله و179 طالبًا متميزًا في حفل قرآني بهيج    في كارثة اقتصادية..المرتزقة يسعون لرفع سعر الدولار الجمركي الى 1500    مصلحة الجمارك .. جهود متميزة في مكافحة التهريب وحماية الاقتصاد الوطني    تشيلسي يواجه ريال بيتيس بنهائي دوري المؤتمر    الجنوب على صفيح صيف ساخن يفسد فرحة العيد    توزيع "حقائب العرسان" للعرس الجماعي الثامن للمكفوفين    ضبط متهم بقتل شقيقه وإصابة آخر في حجة    المجلس الانتقالي في مواجهة حرب الخدمات.. تحركات مسؤولة لحماية المواطن    الضالع.. من النظرية إلى النصر    من يعبث بمطالب الجياع في الجنوب العربي    وزير كهرباء في صندوق القمامة    25 مليون شخص بالسودان في خطر    مسلحون حوثيون يحاصرون قاضيًا ومقرًا أمنيًا رفضًا لتنفيذ حكم قضائي في إب    فوضى أمنية    فوضى أمنية    فوضى أمنية..    قرار هام من وزارة الصحة    - 900 حاجا وصلوا إلى مكه عبر مطار صنعاء حتى الان منذ يومين    وزارة التخطيط توجه نداء عاجل للشركاء الإقليميين والدوليين والمنظمات الدولية    الاتحاد العام للطلبة اليمنيين في ماليزيا يُحيي الذكرى ال35 للوحدة اليمنية بفعالية وطنية مميزة في كوالالمبور    حادثة غير مسبوقة .. وفاة طفل اثر تعرضه لعضة قطة في الفم    لم يكن مجرد مقهى "محمد الحضرمي".. سنوات الهجرة إلى شبوة    اليمن يحدد بداية عشر ذي الحجة    أكد دعم الحكومة لجهود وزارة الثقافة والسياحة: رئيس مجلس الوزراء يفتتح المعرض التشكيلي "مع غزة أعيادنا انتصارات"    غَزَّةُ.. قَسِيمُ الجَنَّةِ وَالنَّار    التشكيلية الموهوبة "حنان".. جسدت في لوحاتها كفاح فلسطين وصمود اليمن    للمرة الاولى : شغور قرابة 4 الاف مقعد من حصة اليمن للحج هذا العام    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخاض العسير للحوار في اليمن
نشر في المصدر يوم 15 - 12 - 2012

أنهت اللجنة الفنية للتحضير والإعداد لمؤتمر الحوار الوطني تحضيراتها الأساسية لعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي يأتي كأهم استحقاقات التسوية السياسية، التي جاءت بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وشارف معها البلد، المثقل بالأزمات المستعصية، المثخن بالصراعات الدامية، على الاقتتال، بعد أن لاحت نذُره بمواجهات عنيفة في عمق العاصمة صنعاء وأطرافها، وتعز، ومناطق أخرى..

واللجنة إذ قدمت تقريرها النهائي، المتضمن التصورات والآلية المقترحة والنّسب الممكنة للتمثيل، للرئيس عبد ربه منصور هادي، بعد ستة أشهر من العمل المضني، الذي لم يخلُ من الانقطاعات والعقبات، في ظل غياب تمثيل حقيقي ومرضٍ للحراك الجنوبي، كأهم أضلع الحوار المنتظر، لازالت تنتظر من الرئيس وحكومة الوفاق الوطني تنفيذ ما أمكن من مطالب سبق أن أقرّتها نهاية أغسطس الماضي، وأوصت بتنفيذها تهيئة للحوار، وضماناً لإنجاحه.

تلك المطالب أو «النقاط العشرين» ركّزت في معظمها على إجراء مُعالجات جادة ومؤثرة للقضية الجنوبية، وآثار حرب صيف 94، تشمل توجيه اعتذار رسمي للجنوب من شركاء الحرب، ومعالجة أوضاع الموظفين، مدنيين وعسكريين الذي أقصوا على إثرها، وإعادة ممتلكات الدولة، وإطلاق سراح المعتقلين على ذمة احتجاجات الشارع الجنوبي، وإلغاء ثقافة تمجيد الحروب، فضلاً عن اعتذار شركاء حروب صعدة، لأبناء المناطق المتضررة منها، ومعالجة آثارها، وتسريع هيكلة الجيش، والتحقيق في انتهاكات أحداث 2011، ومطالب أخرى.

وإذ كاشف الرئيس هادي مطلع سبتمبر الماضي اللجنة التحضيرية، بأن تنفيذ تلك النقاط فوق طاقته والحكومة، والحكومة في ظل الظروف الصعبة الراهنة، أخذاً في الاعتبار المخاطر الأمنية المتفاقمة. عادت اللجنة التحضيرية لتؤكد منتصف أكتوبر الماضي أن تلك النقاط ليست شروطاً لبدء الحوار، بقدر ما هي عوامل مساعدة من شأنها التهيئة لمناخ إيجابي ملائم للحوار.

وفي أكثر من مقابلة، وتصريح، أكد أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني وعضو اللجنة الفنية الدكتور ياسين سعيد نعمان على ضرورة وأهمية تنفيذ تلك النقاط، أو ما أمكن منها، كتمهيد لعقد الحوار في مناخ صحي..

ومؤخراً، أكدت المتحدثة باسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، أمل الباشا، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي أبلغ اللجنة، في اجتماع الثالث من ديسمبر الجاري، عزمه إصدار عدّة قرارات، قبل انعقاد المؤتمر، وستتبعها أخرى تزامناً مع انعقاده، لصعوبة تنفيذ جميع النقاط دفعة واحدة.

وسبق تقديم تلك النقاط من قبل اللجنة أن تسابقت أطراف عدّة شريكة في اللجنة لوضع شروطها الخاصة، لكنها تماهت لصالح نقاط لجنة الحوار، التي يبدو أنها راعت في توصياتها مطالب مختلف الأطراف الشريكة في قوامها.

غير أن تذّمر بعض القوى السياسية من طريقة تخصيص مقاعد الحوار وتوزيعها على أطراف الحوار، أعاد من جديد إلى الواجهة تأكيد بعض التيارات السياسية على ضرورة تنفيذ النقاط العشرين، كشرط تغلف به استياءها من آلية توزيع الحصص.

أوكلت مهمة توزيع حصص مقاعد المؤتمر - بتوافق أعضاء اللجنة من ممثلي الأحزاب الموقّعة على المبادرة الخليجية- إلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر - في ظل اعتراض عضوين مستقلين في اللجنة، هما: ماجد المذحجي، ورضية المتوكل، اللذين علقا عضويتهما في اللجنة تبعاً لذلك- لتكشف المهمة عن جانب من معضلة تاريخية لازمت تجارب اليمنيين مع الحوار، وكانت تفضي غالباً لمزيد من التأزم لا الانفراج، وفي أحسن الأحوال، كانت تتفق على ترحيل الأزمات إلى أجل.

حالة انعدام الثقة بين مختلف شركاء الحوار استدعى التجارب الماضية من «حوار الطرشان»، لتسعى بعض أطراف الحوار المتهيبة من حوار مختلف لا ترسم مسودة نتائجه سلفاً إلى محاولة الاستعاضة بثقل غالب أو مرجح تأييداً أو إفشالاً.. وتلك الحالة، يضاف لها واقع الخبرة، على ما يبدو حدا بممثلي المؤتمر والمشترك لإيكال المهمة لبن عمر، رغم أنه يدخل في صلب عمل اللجنة، ولم يسبق لها أن ناقشت الموضوع، لتعجز عن حسمه لتبحث عن مخارج أخرى بعيداً عن طاولتها.

تصدى المؤتمر الشعبي العام لمقترحات بن عمر الخاصة بآلية التوزيع، وتصلب على موقفه المطالب ب50 % من المقاعد، أسوة بحصته في الحكومة، وواجه رموز المؤتمر لأول مرة المبعوث الأممي، دونما اكتراث بالتبعات، مستقوين بموقف متخفف من حسابات الأحزاب، بادر إلى اتخاذه مستقلو اللجنة دون ممثلي المؤتمر الشعبي وحلفائه.

بالنسبة لبن عمر، فلم تكن هناك معادلة واحدة مثالية لحسم الأمر، إذ لا توجد وسيلة موثوقة بالكامل يمكن من خلالها قياس ثقل أي مكون أو فعالية، فضلاً عن أن آخر انتخابات جرت في البلاد قبل فترة طويلة جدا (2003)، وليست من النزاهة بما يكفي للبناء على نتائجها.. وأكد المبعوث الأممي أن مبدأ التساوي في تشكيل الحكومة لم يعمم ليشمل مؤتمر الحوار الوطني، كما أن التقليل من استحقاق المؤتمر باعتبار نظرائه من الأحزاب الحاكمة في بلدان الربيع العربي قد تم حلها وصودرت ممتلكاتها، أمر مرفوض، لا ينسجم مع اتفاق التسوية الذي أصبح المؤتمر شريكاً في السلطة بموجبه.

حسمت الحصص بحسب تقديرات بن عمر لها، وأعلنت دون انتظار موافقة، في ظل غياب معايير مُرضية للجميع يمكن البناء عليها، وأقرت من قبل اللجنة، مشفوعةً بحكمة «إرضاء الناس غاية لا تدرك».

وورث المؤتمر تبعات ما بعد الإقرار خلافات في لجنته العامة، وبقي التذمر من نظام التقسيم راسباً إضافياً يضاف إلى رواسب أخرى متراكمة، من شأنها أن تزيد مهمة الحوار تعقيداً، في ظل فسحة زمن ضئيلة للغاية، لا تكاد تسعف المتحاورين لاستعادة الرضى وتقديم قائمة مرشحيهم للحوار العصيب، خصوصاً أن كثيراً من الفئات العُمرية والاجتماعية والنوعية والمهنية، أو الجهوية التي كانت تنتظر نصيباً من مقاعد الحوار، أحيلت جزئياً أو كلياً إلى أطرها الأكثر شمولاً، وستكون تلك المعضلة محط جدل جديد في بنية الأحزاب والجماعات ذاتها، واللجنة الفنية من جهة أخرى.

ووفقا للمذكرة التفسيرية لبن عمر، فسيكون على كل مكوّن أن يمثل شبابه بما لا يقل عن 20%، والنساء ب30%، وعليه أن يمثل الجنوب بما لا يقل عن 50 %، ويراعي مع ذلك الفئات والاعتبارات الأخرى.

وأخذاً بتلك المحددات، سيتعين - مثلاً- على حزب كالإصلاح حظي ب50 مقعداً أن يخصص منها 10 مقاعد للشباب، و 15 معقداً للنساء، توزع بالمناصفة على شباب ونساء الشمال والجنوب، فيما يتحتم عليه أن يوزّع 25 مقعداً على السياسيين والعلماء والأكاديميين، والمهنيين، والمشايخ والمهمّشين وممثلي المُحافظات، وبالموازنة أيضاً بين الشمال والجنوب.

ولن يكون الأمر أقل تعقيداً بالنسبة للمؤتمر وحلفائه، الذي سيتعين عليه توزيع 112 مقعداً على مكونات حزبه، يضاف إليها 12 حليفاً وبذات الآلية السابقة المشار إليها في حالة حزب الإصلاح.

أعاد بن عمر، في مُذكرته التفسيرية المقرّة من قبل اللجنة، تقرير نسبة اعتماد أي قرار في المؤتمر والتي سبق للجنة الفنية أن أقرتها بنسبة 90% (509 مقاعد)، ورأى بن عمر أنها عالية جداً وعصيّة على التحقيق، ليزيد في تقرير نسبة 75 % من المقاعد (424 مقعداً)، وهي النسبة المطلوبة في اعتماد القرار للمرة الثانية، إذا ما تعذر قبوله بالنسبة السابقة، موضحاً أن أياً من المكوِّنات المختلفة غير قادرة على مجرد الاقتراب من هذه النسبة، وهو الأمر الذي لن يتيح لأي طرف القدرة على التحكم بالمؤتمر أو السيطرة عليه، ولذلك فإن اعتماد أي قرار في المؤتمر سوف يتطلب بالضرورة التفاوض وتقديم التنازلات المتبادلة.

هي في المحصلة «لوغاريتمية» صعبة التوزيع، ستكون مرشحة لنيل نصيبها من الجدل والمراوحة في دوائر الحزب، كما الأحزاب الأخرى، وستكون أيضاً قابلة للطعن من قبل الجهة التي تقرر استيفاء محددات التمثيل، وسيكون من الصعوبة التوصل إلى قائمة أقرب للمثالية بما ينسجم مع تلك المحددات، على أن هذا لا يعني بالضرورة أن آلية أخرى سهلة المنال، ستمثل مقاربة متفوِّقة ومُرضية لجمع شتات فرقاء المؤتمر، بقدر أقلّ من التذمّر.

ويبقى التعويل في كل ذلك على حصة الرئيس هادي ممثلة ب62 مقعداً، في إرضاء بعض الأطراف المتذمّرة، أملاً في استعادة قدر من التوازن المستحيل لتلك المعادلة صعبة التحقيق، أخذاً في الاعتبار أن للرئيس معاييره الخاصة لتخصيص حصته في مقاعد الحوار، الذي يبدو أن حظه من تحضيراته زيادة العُقد المتراكمة، وانتقاص مزيد من الثقة بين كثير من أطرافه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.