لقي 8 نزلاء في السجن المركزي بمحافظة إب مصرعهم السبت الماضي وأصيب 3 آخرين في حريق هائل شب في أحد العنابر في السجن. وقال مسؤول أمني في محافظة إب ل«المصدر أونلاين» أمس الأحد إن النتائج الأولية للجنة التحقيقات التي شكلها محافظ المحافظة إثر نشوب الحريق في السجن تفيد أن «أحد المساجين هو من أشعل النار في السجن». وأوضح أن السجين عبد الكريم عبده مرشد البعداني «هو من أشعل النار في فراشه قبل أن يقوم بإغلاق العنبر الذي يتواجد فيه عدد من السجناء حيث لقي بعضهم حتفهم».
وأضاف أن نزلاء السجن الذين لقوا مصرعهم كان بسبب الاختناق نتيجة الدخان الكثيف. وتابع: «صدر بحق البعداني حكم بالإعدام كما أن سبعة من الذين لقوا حتفهم محكومون بالإعدام أيضاً».
وفي السياق ذاته وجه النائب العام الدكتور على الاعوش أمس الأحد رئيس استئناف محافظة إب بالانتقال إلى سجن المحافظة لمباشرة التحقيق في واقعة الحريق الذي نشب فيه، وتحديد المسؤولين عن الحادث واتخاذ ما يلزم تجاههم وفقاً للقانون.
ويعيش معظم نزلاء السجن المركزي في إب أوضاعاً إنسانية صعبة، إذ ينزل فيه أكثر من 1200 سجين بينما طاقته الاستيعابية الفعلية لا تتسع لأكثر من 700 سجين بحسب مدير السجن الجديد العقيد نعمان تالبة.
وشهد السجن أكثر من 8 حالات شغب وفوضى ومحاولات هروب للسجناء، أربع حالات منها منذ أكتوبر الماضي، وسبق أن اشتكى نزلاء السجن المركزي من تعامل إدارة السجن معهم إبان عهد الإدارات السابقة.
ووصف سجناء تعامل الإدارات السابقة بالوحشي، وأقدم عدد منهم على بتر آذانهم وأصابعهم احتجاجاً على سوء المعاملة.
وقالت إدارة السجن إنها شكّلت لجنة للتحقيق في شكاوى السجناء، وباشرت النيابة العامة التحقيق في قطع بعض نزلاء السجن أصابعهم وآذانهم.
وعقب تشكيل لجنة التحقيق، أقال مدير أمن المحافظة العقيد فؤاد العطاب مدير السجن علي صالح الغني، وعين العقيد نعمان تالبه مديرا جديدا للسجن - أي قبل أسبوعين من حادثة يوم أمس الأول.
وعقب حادثة حريق السجن، منعت إدارة إصلاحية السجن دخول الصحفيين ونشطاء في حقوق الإنسان إلى السجن.
وقال فريق صحفي وحقوقي إنه زار صباح أمس الأحد السجن المركزي، ووجه أسئلة لمدير السجن، وأجاب بالقول إن أحد السجناء والمحكوم عليه بالإعدام، وهو من أصحاب السوابق أقدم على حرق بعض الفرش والبطانيات في العنبر تحت الأرض مما تسبب بوفاة 8 سجناء وإصابة ثلاثة آخرين بحروق طفيفة.
وأضاف أنه تم تشكيل لجنة لمعرفة الحقائق والتحقيق مع الجاني، وأن ما حدث كان غرضه محاولة للهروب، لكن الإدارة تمكنت من السيطرة على الوضع بعد الحادثة.
وناشد مدير السجين الرئيس والحكومة بإنشاء سجن بديل عن الحالي، وتغيير مكانه، إذ يقع وسط أحياء سكنية كبيرة في قلب المدينة. وقال إن المخصصات المالية المرصودة للسجن لا تكفي احتياجات السجناء، «فهي لا تكفي حتى للقرطاسية أو حتى قيمة الديزل للسيارات التي تنقل السجناء للمحاكم».
واستغرب تالبه كيف وصلت الهواتف والانترنت للسجناء «ولا ندري كيف وصلت إليهم هذه الخدمات بدون معرفة الإدارة».
واختتم حديثه بالقول إن السجن يعاني من دمج السجناء رغم تباين أسباب إيداعهم في السجن، وينبغي أن يكونوا في غرف انفرادية ومعزولين حتى لا تتكرر محاولات الشغب الذي حدث مراراً. حسب قوله.
وقال مدير أمن محافظة إب العقيد فؤاد العطاب إن إدارة أمن والسلطات المحلية بصدد إنشاء سجن جديد «يراعي حقوق الإنسان وآدمية السجناء وكذا تأمين أي حوادث يمكن أن تنجم مستقبلاً»، حسب قوله.
وأضاف العطاب إن من قام بالحادثة يوم أمس الأول هو نفس الشخص الذي تسبب بحوادث سابقة داخل السجن، «وقد اتخذت إجراءات عقابية بحقه وستجرى له محاكمة مستعجلة».
ونفى العطاب أن ضحايا الحادثة نزلاء في المصحة النفسية للسجن، وإنما سجناء محكومون بسوابق جنائية ومات أغلبهم بالاختناق. لكنه أشار إلى ضرورة تصحيح وضع المصحة النفسية، مناشداً الرئيس والحكومة بسرعة التعاون لإنشاء سجن جديد بديلاً عن السجن الحالي.
وقال عدد من السجناء الذين تحدثوا من خلف القضبان إن ما جرى كان مخططاً ومدبراً له من قبل أشخاص لهم سوابق جنائية، وأن الحادثة كانت أثناء صلاة العصر والسجناء أغلبهم في المسجد التابع للسجن، وهو ما سهل لمثيري الشغب تنفيذ مهمتهم». وناشد السجناء رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق تشكيل لجنة للتحقيق فيما جرى وسرعة انزال أقسى العقوبات بحق من قام بالحادثة.
وقال أحد السجناء إن القضاء يتحمل وزراً وهو وراء ما يجرى داخل السجن، من خلال إطالة المقاضاة في المحاكم وهو يتسبب بحالات نفسية لبعض السجناء الذين يبدأون بالانتقام ممن حولهم.
وأطلق عدد من نشطاء الفيس بوك حملة «أنا نازل» للتضامن مع نزلاء السجن، والذين يعيشون أوضاعا إنسانية صعبة، ولم يعلن منظمو الحملة موعد محدداً للنزول حتى اللحظة.
وخلصت توصيات أصدرتها منظمة شباب التنمية للنهضة والتنمية بعد زيارتها أمس الأحد للسجن بتشكيل فريق من منظمات المجتمع المدني وإدارة السجن والجهات المعنية لإعداد دراسة شاملة لإعادة تأهيل السجن المركزي. وأشارت إلى ضرورة الفصل بين السجناء، بحسب القضايا والحالات حتى لا تتكرر مثل هذه التصرفات مستقبلاً.