عقد مجلس الأمن الدولي في وقت متأخر من مساء أمس الخميس جلسة خاصة بشأن اليمن بعد أيام من زيارة ممثلي الدول الأعضاء في المجلس إلى صنعاء وعقدهم اجتماعات مع المسؤولين اليمنيين لتقييم سير العملية الانتقالية. وحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، قال مندوب المغرب في مجلس الأمن محمد لوليشكي إن المحادثات التي دارت مع المسؤولين في اليمن تناولت عدة نقاط منها أسباب التأخير في تبني قانون المصالحة والعدالة الانتقالية.. وقال: «بعد ذلك جرى حوار تفاعلي بين مجلس الأمن ومجلس التعاون الخليجي تناول الحصانة الممنوحة للرئيس السابق، وكيفية أداء مجلس التعاون للمساعدات والمنح التي تعهد بها، وخطورة الفشل في وضع دستور جديد لليمن في الوقت المحدد، ومعالجة ملف جنوب اليمن، وكذا رفض مجلس التعاون الخليجي للدعوات المطالبة بوضع مبادرة خليجية خاصة بالجنوب».
ويقول زعماء انفصاليون في جنوب اليمن إن المبادرة الخليجية لنقل السلطة في اليمن لا تعنيهم، ويريدون من دول مجلس التعاون الخليجي التوسط لحل القضية الجنوبية على اساس انفصال جنوب اليمن.
وأعرب لوليشكي عن ارتياح بعثة مجلس الأمن إزاء نجاح الزيارة التي أكد إنها مكنت المجلس من الوقوف على المكاسب المحققة والعراقيل التي يجب تخطيها لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن.
السفير البريطاني مارك لايل غرانت أكد من جانبه إن البعثة حققت أهدافها المتمثلة في تقييم مستوى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2051 والتقدم المحرز على مسار الانتقال السياسي.
وأضاف: «إن اليمن أنقذ من حرب أهلية بفضل مبادرة مجلس التعاون الخليجي والاهتمام الذي أبداه مجلس الأمن والأممالمتحدة للوضع في هذا البلد»، مشددا في ذات الوقت إن اليمن مازال يواجه تحديات كبيرة وشاسعة.
واستعرض السفير البريطاني نتائج لقاء البعثة بالرئيس عبدربه منصور هادي والذي أطلعها على مراحل العملية الانتقالية والخطوات المنفذة على صعيد إعادة هيكلة الجيش فضلا عن النجاحات المحققة في مجال مكافحة «الارهاب» والتصدي للخلايا التابعة لتنظيم القاعدة.
قال «المرحلة الثانية تركز على الحوار الوطني الذي يؤدي إلى إجراء الانتخابات في فبراير شباط عام 2014، وسيبدأ هذا الحوار قريبا».
الرئيس هادي ناشد مجلس الأمن مواصلة الدعم لليمن ودعاه إلى اتخاذ تدابير قوية ضد الأفراد الذين يقوضون العملية واضاف: «ومنذ ذلك الحين أعلن الرئيس هادي بدء الحوار الوطني في الثامن عشر من مارس آذار المقبل». مبينا أن الرئيس ناشد مجلس الأمن بشكل واضح مواصلة الدعم لليمن ودعاه إلى اتخاذ تدابير قوية ضد الأفراد الذين يقوضون العملية.
وأكد السفير البريطاني إن الحاجة تدعو الآن إلى بناء يمن جديد على أساس تطلعات الشباب الذين احتلوا الميادين.. موضحا ان بعثة مجلس الأمن شددت على الحاجة لبقاء الجدول الزمني للعملية الانتقالية على مساره الصحيح.
ولفت إلى أهمية التزام اليمن باتفاقية الشراكة مع المانحين بخصوص المساءلة والمحاسبة وتدشين مؤتمر الحوار وإقرار قانون العدالة الانتقالية.
وتطرق السفير البريطاني إلى ماطرحه فريق الاممالمتحدة في اليمن من بيانات تسلط الضوء على التحديات الانسانية والتنموية التي تواجه اليمن في اليمن.. وقال: «إن نصف سكان اليمن لا يتوفر لهم المياه والصرف الصحي، كما أن عشرة ملايين يمني لا يحصلون على ما يكفيهم من الغذاء و مليون طفل يعانون من سوء التغذية و 6 ملايين يمني بدون خدمات طبية اساسية». مشيرا إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لمساعدة اليمن خلال العام الحالي بحاجة إلى مزيد من الدعم المالي.
وخلص السفير البريطاني إلى التأكيد على ضرورة مواصلة دور مجلس الامن في اليمن ودعمه للعلمية الانتقالية.
وعقب ذلك قدم المستشار الخاص للأمين عام الأممالمتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بنعمر إحاطته الدورية إلى مجلس الأمن حول تطورات الوضع في اليمن والتحضيرات الجارية لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني وسير العلمية الانتقالية السلمية المستندة الى مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقراري مجلس الأمن رقمي 2014 و2051.
واستعرض بنعمر في احاطته نتائج زيارته الثامنة عشرة إلى اليمن فضلا عن المشاورات ذات الصلة التي اجراها مع كبار المسؤولين السعوديين والقطريين خلال زيارتيه الأخيرتين إلى الرياض والدوحة.. وقال: «إن اليمن يمر بمرحلة دقيقة من الانتقال السياسي, فهو في منتصف الطريق من حيث الجدول الزمني للعملية، لكن الاستحقاقات المقبلة كبيرة مع انعقاد مؤتمر الحوار الوطني وعملية صوغ الدستور التي ستقود إلى استفتاء وانتخابات عامة في غضون سنة واحدة».
بنعمر: مجلس الأمن سمع عن العراقيل التي توضع أمام الانتقال في اليمن وعن واضعيها المعروفين وأردف: «أتخذ اليمن إجراءات مهمة منذ إحاطتي الأخيرة إلى مجلس الأمن، حيث أعلن الرئيس عبدربه منصور هادي عن تحديد موعد انطلاق مؤتمر الحوار الوطني في الثامن عشر من آذار (مارس) المقبل».. موضحا أن هذا الاعلان يأتي بعد أن اتخذ الرئيس خطوات مهمة أخرى تمثلت في قرار جريء لإعادة هيكلة القوات المسلحة في كانون الأول اصدره في ديسمبر الماضي وكذا إجراء مهم لبناء الثقة في جنوب اليمن عبر تأسيس لجنتين للتحقيق في المظالم المرفوعة بشأن مصادرة الأراضي والاحالة الى التقاعد بشكل تعسفي لموظفين في وحدات الخدمة المدنية والجيش.
ومضى المبعوث الاممي قائلا: «وفيما يستمر التقدم ويمضي الانتقال في مساره على نطاق واسع، من الواضح أن هناك مقاومة قوية لحصوله».
وتابع: «لقد سمع مجلس الأمن خلال زيارته الأخيرة إلى اليمن عن العراقيل التي توضع أمام الانتقال، وعن واضعيها المعروفين».
وأضاف: «إن حجم الاستحقاقات خلال هذه السنة هائل بالنسبة إلى دولة تواجه تحديات جسيمة».
واستطرد بنعمر قائلا: «وبينما يتباطأ انكماش الاقتصاد، ما يزال اليمنيون ينتظرون رؤية تحسينات ملحوظة في حياتهم اليومية».. وقال: «ينبغي على الحكومة تسريع وضع آليات لاستيعاب البرامج التي تمولها الجهات المانحة، وعلى المانحين في المقابل الوفاء بالتزاماتهم».. معبرا عن أسفه أنه حتى الوقت الراهن لم يصل إلا جزء بسيط من مبلغ الثمانية مليارات دولار التي تعهد المانحون بتقديمها لليمن في مؤتمري الرياض ونيويورك العام الماضي.
بنعمر: الكرة في ملعب مجلس الأمن الآن وعليه سرعة التحرك إذ لم يبق هناك مجال لتضييع الوقت ولفت في ذات الوقت الى استمرار الأزمة الإنسانية في اليمن.. موضحا أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن ارتفعت بنسبة اثنين وعشرين في المئة عن العام الماضي، لتصل إلى 716 مليون دولار. وقال: «ويبقى الوضع في اليمن هشاً، ويتطلب إجراءات حاسمة، ويجب أن نبقى متيقظين للمحاولات المستمرة لعرقلة عملية الانتقال السياسي، من أجل ضمان نجاحها والحؤول دون مزيد من أعمال العنف».
وأكد المبعوث الأممي أنه خلال السنة المقبلة، وفي أقل من اثني عشر شهراً، سوف تتطلب العملية الانتقالية في اليمن الكثير من الجهد، ولن تكون ممكنة من دون استمرار الدعم الواضح من مجلس الأمن. وشدد بنعمر في ختام إحاطته أن الكرة في ملعب مجلس الأمن الآن وعليه سرعة التحرك، إذ لم يبق هناك مجال لتضييع الوقت، فالوقت يمضي بسرعة، ولن تكون هناك فرصة ثانية.