انتقدتُ حزب المؤتمر الشعبي العام حينما عيّن اثنين من ممثليه في لجنة الحوار عن محافظة مارب من مديرية «جبل مراد»، وقلت إن المديرية الأكثر استحقاقاً، على الأقل بممثل واحد، هي مديرية «وادي عبيدة» ذات الثقل الاجتماعي والاقتصادي؛ كون كل حقول النفط والغاز تقع ضمن نطاق هذه المديرية. وتمنيت على المشترك أن يعفينا هذه المرّة من صور ال «أبيض وأسود» في إشارة إلى القيادات القديمة، وأن يعطي الشباب هذه المرّة مكانة تليق بتضحياتهم في الثورة السلمية.
ما لم يكن في الحسبان، أن تتجاهل أحزاب اللقاء المشترك محافظة بحجم مارب، وتحرمها من أي ممثل في لجنة الحوار، وهي الأحزاب التي طالما كالت المديح ل «أصحاب مارب» لما قدموه طوال فترة ثورة 11 فبراير 2011م!
يحضرني الآن صورة الثائر الماربي علي ناصر القردعي، الذي غيّب تماماً في أي حديث عن الثورات اليمنية، وهو الثائر الذي خلّص اليمن من جبروت الإمام يحيى حميد الدين في ال 17 من فبراير 1948م؛ ولا أحد يعرف عن القردعي سوى أن نمراً عربياً جدع أنفه خلال اشتباكه معه، في قصة ذاع صيتها بين القبائل في اليمن.
التاريخ يُعيد نفسه، وإنْ بصور مختلفة، فما يزال الكثيرون ينظرون إلى «الماربي» باعتباره «مشروع قتيل» ورجل «أحمر عين»، لكنه في المقابل لا يصلح لأن يدير حواراً أو يتسنّم منصب وزير أو حتى وكيل!
ربما، تنطلق أحزاب المشترك وغيرها من القوى السياسية من هذا المنطلق، وتعتبره حكماً صالحاً لكل زمان ومكان، رغم أن التفسير الحقيقي لمثل هذه الآية ليس كما نعتقد من أن الماربيين فقط قوم أولو بأس شديد.. ولا شيء سوى ذلك!
هم فقط أرادوا أن يتكلموا بأدب مع رئيستهم بلقيس، وأرادوا القول: «إننا على أتم الاستعداد؛ فإن أمرتِ بالحرب فنحن أولو قوة وأولو بأس شديد، وإن أمرتِ بالسلام فالأمر إليك ولن نخالفك في أمر»؛ ولم يدروا أن هذا التأدب سيظل يطاردنا بحجة أننا لا نصلح إلا أيام الشدّة.
مارب تستحق الكثير يا أحزاب المشترك، فهي لم تخذلكم يوماً، بينما خذلتموها اليوم، وأيّما خذلان.