يا رب هبت شعوب من منيّتها ... واستيقظت أمم من رقدة العدم أيام قليلة ويبدأ حوار وطني انتظره اليمنيون طويلا, يعلقون عليه جل آمالهم، ويأملون بأن يضع الأسس والدعائم التي سيبنى عليهما حلمهم (حلم الدولة المدنية الحديثة) الدولة التي يسودها القانون ويعم رحابها العدل.
كم هي كبيرة آمال اليمنيين وكم ضحوا من أجلها وصنعوا التحولات العظيمة التي لم يكتب لها النجاخ المرجو.
في الخمسة العقود الماضية صنع اليمنيون العديد من هذه التحولات كان أبرزها ثورتي سبتمبر وأكتوبر ثم اللقاء المشترك فالثورة الشعبية الشبابية.
يا الله! كم هذا الشعب حيوي وأبيٌ يرفض الذل والاستكانة، كم هو شعب مكافح وكم من التضحيات قدم في طريق المجد لولا سلسلة الانتكاسات التي مُنِيَ بها نضاله، وهو ذنب ولا شك تتحمله النخب التي أفشلت مثل هذه الإنجازات في محطات نضالية عدة. اليوم وبعد الثورة الشعبية الشبابية أتساءل: هل استوعبت النخب هذه الدروس المؤلمة؟ وهل ستكون عند مستوى ثقة الشعب الذي أوكل إليها مصيره؟ أم أنها قد أدمنت الفشل؟
أن تذهب الثورة أدراج الرياح ويوضع الحلم مرة أخرى على حبل المشنقة جريمة لا يغفرها التاريخ.
أنا شخصياً متفائل, ولدي من الثقة ما يكفي أن شعبنا هذه المرة وبكل أطيافه وشرائحه لن يفوّت هذه الفرصة التي سيكون من المستحيل عليه تعويضها خلال فترة حياة هذا الجيل. أعتقد إن لم أكن شبه جازم بأن شعبنا قد استيقظ من رقدته ولن يقبل بغير يمن جديد جِدّة الصبح الوليد . كيف لا وقد استطاع أن يفجر ثورة سلمية في ظروف معقدة راهن كثيرون على أن مصيرها حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.
استطاعت القوى السياسية التي كانت ذات يوم متناحرة أن تنخرط في لقاء مشترك شكل جبهة صلبة تحطم على نضالها كيد نظام علي صالح وجبروته, هذه التجربة الفريدة ربما على مستوى العالم العربي يجب أن تستمر وتتطور، استطاع اللقاء المشترك تخليق الوسائل والآليات التي تضمن بقاءه وتزيد من صلابته في وجه المستبدين رغم الكثير من المشاكل التي كانت تعترض طريقة.
اليوم ونحن وعلى وشك انطلاق مؤتمر الحوار: ألا يجدر باللقاء المشترك ابتكار مزيد من المحددات التي تضمن بقاءه لسنين قادمة كي يتمكن من إصلاح هذا البلد المعطوب تماماً. الأجواء التي سادت مرحلة هذه الشراكة توفر أجواء مشجعه على ترميم اللقاء المشترك وتوسيعه ليزيد متانة وقدرة على اقتحام المستقبل محملاً بحلم الجماهير وتطلعاتهم العظيمة.
الدولة الديمقراطية لم توجد بعد, وعليه فلسنا حسب رأيي في منافسة، اليمن بدولته المرجوة بحاجة إلى شراكة وطنية بين قوى التغيير التي ستجد نفسها يوما مستهدفة أكثر من قبل أعداء التغيير المحليين وغيرهم.
يا مشترك، يا شباب الثورة: لا تدعوا الحلم يضيع كما ضاع ذات يوم .
يا ربّ هبت شعوب من منيّتها ... واستيقظت أمم من رقدة العدم