حذر القيادي في تنظيم القاعدة بجزيرة العرب، قاسم الريمي، الشعب الأمريكي من أنهم ليسوا في مأمن، متوعدا إياهم بمزيدٍ من الهجمات، على غرار تفجيرات بوسطن الأخيرة، التي قال إنها تدلّ على أن زمام أمن الأمريكيين «قد انفلت» وأن العمليات ضد الولاياتالمتحدة وشعبها «قد سارت عجلتها سيراً لا يسيطر عليه أحد». وظهر القائد العسكري الميداني لتنظيم قاعدة الجهاد بجزيرة العرب، قاسم الريمي، في تسجيل صوتي جديد، نشر مؤخراً على موقع اليوتيوب (YOUTUBE)، قبل أن تم إزالته لاحقاً من قبل إدارة الموقع لانتهاكه سياسة النشر، واحتوائه على مادة تحرض على «العنف».
وحصل «المصدر أونلاين» على تسجيل صوتي للريمي، ونص الرسالة من الإصدار الأخير لمجلة «إنسباير» (العدد – 11 - شهر مايو)، التي تصدر باللغتين الإنجليزية والعربية عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وكان أسسها الإمام الأمريكي من أصل يمني أنور العولقي قبل أن يلقى حتفه في 30 سبتمبر2011، بعد قصف سيارته بطائرة أمريكية بدون طيار في إحدى ضواحي محافظة مارب.
وفي نسختها العربية، التي صدرت عن شهر مايو، ووسم على غلافها الخارجي بأنه «عدد خاص»، نشرت المجلة نص رسالة المسؤول العسكري لقاعدة الجهاد في جزيرة العرب، تحت عنوان «رسالة إلى الشعب الأمريكي». وبدأ الريمي في مقدّمة رسالته بمخاطبة الأمريكيين عن أمنهم، قائلا: «أيها الشعبُ الأمريكي: إن أمنكم ليس في سلب أمنِ شعوب أخرى أو الاعتداء عليها أو ظلمها. إن أمنكم في كف سفهائكم الذين يحكمونكم عن الظلمِ والعدوان. واعلموا أن البغي والعدوان يرتد في نحرِ من أتى به».
وربط القيادي في القاعدة، بين مسؤولية الإدارة الأمريكية لما تقوم به من تقتيل للمسلمين في العالم وبين مسؤولية الشعب الأمريكي، الذين اعتبرهم مسؤولين هم أيضا عن كل ما يحدث: «إن حكامكم هم المعتدون الباغون الظالمون وأنتم من ورائهم تصفقون وتدعمون وتصوتون»، مضيفا: «هل تظنون أنه قد يعذركم أحد إذا كان حكامكم يغالطونكم ويقتلون المسلمين ويدعمون من يقتلهم فيما اشتبه عليكم وزعمتم أنه من حقكم في الدفاع عن أنفسكم؟ فكيف بأمورٍ من العدوان لا ينكرها صغاركم ولا تخفى على جهالكم فهل تعذرون عليها؟».
واعتبر الريمي أن الشعب الأمريكي بكامله غير معذور على صمته على ما تقوم به إدارته ضد المسلمين، مستشهداً ببعض تلك الأعمال: من دعم اليهود في فلسطين، وقتل الأطفال والنساء في كابل وبغداد ومقديشو وصنعاء..»، ومضيفاً «وهل التدخل في أمورنا وتنصيب من تريدون من وكلائكم الطواغيت الذين يقتلوننا ويظلموننا مما تعذرون فيه؟».
وخاطب الشعب الأمريكي، متسائلا: «أتظنون أنكم بهذه الاعتداءات ستنجون وتأمنون؟»، مردفاً الإجابة تهديداً ووعيداً: «كلا والله، بل ستأتيكم الدواهي كل يوم ما لم يكن في حسبانكم ولا يستطيع حكامكم ردها عنكم». واستدرك: «فلا تستنكروا إذا وقع بكم ما يسوؤكم وحل بكم جزء بسيط من الدمار الذي تصيبون به غيركم فلا تلوموا إلا أنفسكم، واصبروا على مر الحرب والقتل والدمار وسلب الأمن أيها الظالمون كما صبر غيركم من المظلومين من البشر».
واعتبر القيادي البارز في تنظيم القاعدة بجزيرة العرب، إن الحرب منذ عقدين من الزمن لم تضع أوزارها «بل هي على أشدها بيننا وبينكم ولن تنتهي»، مضيفاً «نألم وتألمون، ونُقتل وتُقتلون، ونرجو من الله ما لا ترجون، ونحن في يسر وإلى يسر وسعة، وأنتم إلى عسر وضعة، ونحن إلى نصر لأننا مظلومون وأنتم إلى هزيمة لأنكم معتدون ظالمون».
وفي هذا السياق، أشار إلى بعض ما يحدث في أمريكا من انهيار في الاقتصاد وقلة في العتاد، ولجنودهم من نفاد لصبرهم في الحرب..، حتى قال: «وكلما دعوناكم إلى خطة رشاد أعرض حكامكم وازدادوا في العناد وعاثوا في أرضنا الفساد؛ فسيهلكونكم وتكونون عبرة للعباد».
وعاد الريمي مجدداً إلى توجيه تساؤلاته التعزيزية لمواقف القاعدة أمام الشعب الأمريكي، مع تضمينه بعض الإجابات في سياقها: «هل انتهت الحرب بمقتل الشيخ أسامة بن لادن -رحمه الله- كما كان يكذب عليكم حكامكم؟ وهل انتهت الدعوة إلى قتالكم بمقتل الشيخ أنور العولقي -رحمه الله- كما استغفلكم حكامكم؟ وهل انتهى عدوانكم على أفغانستانوفلسطين وباقي بلدان المسلمين؟ وهل قضيتم على الجماعات الجهادية التي انتشرت بفضل الله -عز وجل- في كل مكان، فبعد أن كانت في أفغانستان فحسب هي اليوم في دياركم أو قريبا منها».
وعقب تلك التساؤلات، دعا الإدارة والشعب الأمريكي إلى ترك المسلمين ودينهم وشعوبهم وأراضيهم، وأن يهتموا بأمورهم ويدركوا اقتصادهم ويقوموا بشؤونهم «فهو أنفع لكم مما أنتم عليه».
أحداث بوسطن الأخيرة وتطرّق القائد العسكري للقاعدة في الجزيرة العربية إلى أبرز حدث وقع مؤخراً في أمريكا، مستشهداً بأن «ما حدث في بوسطن وحادث الصدام والرسائل المسمومة وغيرها - بغض النظر عن الجهة التي تقف وراءها- يدل على أن زمام أمنكم قد انفلت، وأن العمليات ضدكم قد سارت عجلتها سيراً لا يسيطر عليه أحد، فأدركوا أنفسكم إن كان بأنفسكم حاجة». حسب قوله.
وتأتي هذه الإشارة، فيما يعتقد، كأول ردة فعل معلنة رسمياً من قيادي كبير في تنظيم القاعدة، في سياق تعزيز ضلوع تنظيم القاعدة في تلك الأحداث الأخيرة في أمريكا، التي وقعت في 15 إبريل، ولقي فيها ثلاثة أشخاص مصرعهم، بينهم طفل في الثامنة من العُمر، وأصيب ما لا يقل عن 180 آخرون بجراح، وفق آخر حصيلة للتفجيرين اللذين استهدفا ماراثون بمدينة بوسطن الأمريكية، شارك فيه أكثر من 27 ألف شخص، واحتشد عشرات الآلاف من المتفرجين على جانبي الشارع لمتابعته. ووصفتها الإدارة الأمريكية بأنها «عمل إرهابي»، فيما تمكنت «إف بي آي» لاحقاً من كشف المنفذين، وهما شقيقان شيشانيان، ألقت القبض على أحدهما فيما توفى الآخر في المستشفى متأثراً بجراحه، على إثر تبادل إطلاق نار بالاشتباكات التي دارت مع الشرطة والتي قتل فيها أيضا أحد الجنود.
ومرة أخرى، يضيف الريمي لرسالته تهديداتٍ أخرى موجّهة للأمريكيين، جاءت مباشرة عقب إشارته إلى أحداث بوسطن الأخيرة، محذراً: «فإنه قد أصبح في متناول اليد صنع هذه القنابل فلا يحتاج من يحتج على عدوانكم وظلمكم للبشر إلى عناء، ومع قليل من التفكير في اختيار موقعها الذي ينكي في اقتصادكم ويرعب قلوبكم فتصبحون وتمسون تدعون بالويل والثبور، وتعيد لكم ذكريات الماضي القريب».
وفي السياق، حاول الريمي أن يضفي على رسالته (خطابه للشعب الأمريكي) بعض المعاني الإسلامية، من منطق فهمه هو ومن يقومون بمثل تلك الأعمال، للدين الإسلامي: «نحن أمة العدل نحبه ونؤمن به، وإليه ندعو، والظلم في ديننا محرم وجُرم عظيم، وربنا العظيم جلّ في علاه يقول في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا»، ليخلص من وراء ذلك إلى تعزيز فكرة «القاعدة» في العدل: «فنحن لن نظلمكم بل سنعدل معكم، وإلى العدل ندعوكم، ومن اعتدى علينا فلا يلومنّ إلا نفسه».
أحداث بوسطن في المجلة وإلى جانب تلك الرسالة، تضمن العدد الأخير من مجلة «إنسباير»، الإشارة – في زوايا أخرى منها - إلى تلك التفجيرات في بوسطن.
وفي زاوية «رسالة من المحرر»، استهل كاتبها بالتحذير: «على أمريكا أن تفهم هذه المعادلة البسيطة: كما تَقتُلون ستُقتَلون». وأكد المحرر ما ورد في رسالة الريمي: «إن الحرب لم تنتهِ بعد، بل قد بدأت بالكاد. بالأمس كانت بغداد، واليوم بوسطن».
وحذر بلهجة قوية قائلاً: «إن أسئلة من نوع من؟ ولماذا؟ ينبغي تنحيتها جانباً، وطرح سؤالاً آخر بدلاً منها، هو: أين المرة القادمة؟»، مشيراً: «أيها الأمريكان.. إن الفعل الذي قام به الأخوان العظيمان تامرلان وجوهر، يمثل الصورة الصادقة التي تعكسها أفعال يدك المغطاة بالدماء وسياسات أنظمة حكمك الظالمة المضطهدة للشعوب».
وأضاف مؤكداً: «إن السلام الذي كنتم تنعمون به قبل الحادي عشر من سبتمبر بات مجرد تاريخ»، موضحاً «بمعنى آخر، إنكم لن تنعموا بالسلام حتى نعيشه واقعاً في فلسطين، وحتى تخرج جميع الجيوش الكافرة من جزيرة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وجميع بلاد الإسلام».
كما نشر مقالاً في صفحة «17» من المجلة، تحت عنوان «أيها الأمريكي العزيز»؛ خُصص هو الآخر للحديث عن أحداث بوسطن، وركّز على استخلاص بعض العبر من تلك الحادثة، وصولاً إلى التحريض على مواصلة مثل تلك الأعمال.
واختتم الكاتب «يونس الثائر» مقالته بالنتيجة السابقة ذاتها التي أكدتها رسالتي الريمي والمحرر: «فيجب علينا كشباب مسلم يعيش في الغرب أن نوقظ المواطن الأمريكي من سباته العميق. وأن نذيقه نار الحرب التي تدور في بلداننا الإسلامية، فيتحرك بدوره لإيقافها. لأن المعادلة تقول: إذا أردت أن تعيش بأمان فينبغي لك أن تتركني أعيش في أمان».
واختير لهذه المقالة صوراً وضعت في سياق معادلة حسابية تعزز تلك القاعدة: صورة أوباما كتب أسفلها «قرارات رئاسية»، ثم العلامة الرياضية (+) وصورة لجثث مرمية على الأرض، ثم العلامة الرياضية يساوي (=) فصورة لتفجيرات بوسطن.
إلى جانب ذلك أيضا، ركّزت المجلة في زوايا أخرى على تلك التفجيرات، والإشادة بها وبمنفذيها، والتبرير لها من جهة أن كل تلك الهجمات التي طالت وتطال الغرب إنما هي ردة فعل على ظلمه للمسلمين وقتله لهم ودعمه لقاتليهم... الخ.
أصداء «إنسباير» عقب مقتل الشيخ أنور العولقي، ومعه أعضاء في التنظيم من جنسيات أخرى (بينهم الأمريكي من أصول باكستانية: سمير خان)، توقفت مجلة «أنسباير» عن الصدور، كون العولقي وخان كانا المسؤولين الرئيسيين عن إصدار المجلة، باللغة الانجليزية.
وفي عدد المجلة الأخير، وتحت نافذة «ردود أفعال حكومية وإعلامية» في صفحتها السابعة استهلت المجلة النافذة بالملاحظة التالية: «إصدار العدد الأخير من مجلة إنسباير يظهر أن مركز القاعدة في باكستان ليس منقطعاً عن باقي أفرعه، وأن القاعدة في جزيرة العرب يحتفظ بقدرته على إنتاج المجلة رغم فقدانه لاثنين من الأمريكيين اللذين يُعتقد بأن وجودهما مهم لاستمرارية المجلة».