تحمل المبادرة الشبابية لإنشاء «مستشفى 11 فبراير العالمي لأمراض القلب» دلالات قوية في اتجاه دعم وإسناد التغيير. تخيلوا لو أن الجهد الذهني والنقاش الجمعي على مدى أسابيع طويلة في مربعات وقضايا من إنتاج «الثورة المضادة» تم تحويله لصالح مبادرات من نوع مستشفى 11 فبراير..
في الحالة الثانية سيكون دعم التغيير مضاعفا وملموسا..
التحديات كبيرة أمام المشروع (الحلم)، ولا يكفي التعويل على وعود حكومية بالمساندة وصرف أرضية أو تجهيز مكاتب لفريق العمل!
لماذا لا يتم التفكير بالعمل الوقفي؟
في تاريخ الحضارة الإسلامية كان الوقف هو الممول الرئيس لكثير من المرافق التعليمية والصحية والاجتماعية بل وحتى لمنشآت الدفاع والأمن ومؤسسات الفكر والثقافة.
ويتحمل الخطاب الديني والدعوي جزءاً كبيراً من المسؤولية للتوعية بهذا الموضوع، فالوقف الخيري ينبغي أن يتجه أيضاً إلى المؤسسات الصحية والتعليمية. و«أوقاف مستشفى 11 فبراير» يمكن أن تكون بداية جيدة لنجاح المشروع..
بالإمكان استلهام تجارب مؤسسات تعليمية وصحية في المحيط الإقليمي قبل الدولي اعتمدت على الوقف، فجامعة الملك سعود بالرياض مثلا تمتلك محفظة استثمارية عقارية وقفية تتجاوز المليار دولار وتسعى لأن تصل إلى 25 مليار دولار بحلول عام 2040.
وباكورة مشاريع أوقاف الجامعة كانت مشروعاً استثمارياً كبيراً شمل بناء أحد عشر برجاً بعضها لخدمات الضيافة والفندقة مرتبط بمجموعة فندقية عالمية، وأبراج مكتبية وطبية، وخدمات للمؤتمرات والاجتماعات والاحتفالات، إضافة إلى الخدمات التجارية والأسواق، والهدف تعزيز الموارد المالية الذاتية للجامعة.
الدعوة للإسهام في «أوقاف مستشفى 11 فبراير» بالحديدة ينبغي أن توجه لكل القادرين، وفي مقدمتهم أولئك الذين أصبحوا يمتلكون أراضٍ شاسعة في تهامة (وبالكيلو متر). يمكن أن يطرح الموضوع ضمن العدالة الانتقالية، وحتى ضمن استرداد الأموال المنهوبة، وبأسلوب يحفظ ماء الوجه للناهب والمنهوب!
ويمكن النظر للمشروع ليس فقط في بعده الإنساني الذي يوفر علاجاً مجانياً لمرضى القلب، ولكن في بعده الاقتصادي الذي سينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني في المدى البعيد.
فالسياحة العلاجية تعتمد على الاستثمار في المصحات المتخصصة والمستشفيات الحديثة التي يتوافر فيها تجهيزات طبية وكوادر بشرية تمتاز بالكفاءة العالية، بالإضافة إلى السياحة الاستشفائية التي تعتمد على العناصر الطبيعية مثل ينابيع المياه المعدنية والكبريتية.
ويحتل الأردن المركز الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويعتبر من أفضل عشر دول في مجال السياحة العلاجية، بعائدات مالية تجاوزت مبلغ المليار دولار في العام الماضي فقط.
محافظة الحديدة التي تقدم إسهامات كبيرة للاقتصاد الوطني من خلال الإنتاج الزراعي والثروة السمكية، هل يمكن أن نحلم بها أيضا كعاصمة للسياحة العلاجية في اليمن، بحمامات السخنة، والمحمية الطبيعية في جبل بُرع، والتجهيزات الفندفية المناسبة على شواطئ البحر الأحمر، ومستشفى 11 فبراير العالمي لأمراض القلب والأوعية الدموية.