في مؤتمره الصحفي الذي عقد يوم 8 يوليو كشف وزير الخارجية عن ترحيل السعودية حوالي 45 ألف عامل غير يمني، وركز على أن اليمن تنفق ما بين مليار إلى مليارين من الدولارات بسبب أعباء تتحملها البلد..!! هي رسالة استثمارية للظروف ورد فعل غير مسؤول لمواجهة الطرد القسري لعمالة غير يمنية من السعودية إلى اليمن..!! هل ينقص اليمن ما تعانيه من مشكلات لتزيدنا السعودية أعباء لغير أبنائها من العائدين المرحلين قصراً من السعودية بسبب سياسات الهدف منها ممارسة المزيد من الضغوط على الحكومة والقيادة اليمنية، وتزيد من تفاقم أزماتها الداخلية وعجزها عن ترتيب أوضاع العائدين من السعودية..؟؟ وللأسف يتضح من تصريح وزير الخارجية المغالطة الساذجة لمسؤولياته كوزير الخارجية وتغييب دور وزارته في مواجهة مثل هذه القضية، التي قد يكون ليس لليمن أي مسؤولية في ذلك..!! ولماذا لا يتم رفض قبول هؤلاء المرحلين قسراً إلى اليمن وجعل السعودية تتحمل مسؤولية ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية..!! لماذا تقبل اليمن بهم.؟ هل اليمن أكثر قدرة في تحمل أعبائهم أم أن الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الخارجية ستعمل على استثمار مأساة هؤلاء الأجانب للتسول وطلب المساعدات لمواجهة مثل هذه القضايا..؟؟ وهو ما بدأه وزير الخارجية من التعبير عن التكاليف التي تتحملها اليمن تجاه المهاجرين الأجانب في اليمن..!!
وبالتالي فإن قبول هؤلاء الأجانب في الأرض اليمنية وبهذا الأسلوب جريمة يفترض ان يحاسب عليها الوزراء المعنيون ووزراء الداخلية والدفاع على تمكينهم من الدخول، ومن ناحية أخرى يبدو ان وزير الخارجية يريد ان يستثمر الظرف بهم مع المانحين والمنظمات الدولية بالتسول على حسابهم ومن ثم يعلم الله اين تذهب عائدات هذا التسول..!! هل إلى خزينة الدولة أم إلى خزائن وحسابات حمران العيون إياهم وبنفس آليات فساد النظام السابق..!!
إن هذا التصريح يعكس الفشل الذريع وتغييب لمسؤوليات وزير الخارجية ليس فقط لاتخاذ موقف جاد تجاه تعنت السعودية وطرد الأجانب إلى اليمن، بل ولسلبية مواجهة هذا الإجراء الذي اتخذته السعودية وتحميل اليمن مزيداً من الاعباء وممارسة الضغوط عليها بل وانتهاك للسيادة اليمنية التي أجبرتها على قبول الأجانب على أراضيها..!! وهي تعمل ذلك لمعرفتها المسبقة لسلبية مواقف الخارجية اليمنية والقيادة اليمنية على وجه الخصوص، ومن أنها أعجز أن تتخذ موقف واضح تجاه هذه القضية..!!
ليس فقط ذلك بل أنه يعدُّ تحدٍ سعودي سافر للقيادة اليمنية وتأكدها من عجز القيادة اليمنية من اتخاذ موقف جاد تجاه ذلك.. حيث وسبق أن الخارجية اليمنية ولا الحكومة اليمنية لم تحرك ساكناً إلا باستحياء تجاه ما تعرضت له العمالة اليمنية المرحلة من السعودية وما اتخذته وزارتي الخارجية والمغتربين من مواقف ومعالجات سلبية بالاتفاق مع القيادة السعودية اكتنفتها الكثير من ممارسات الفساد وابتزاز العمالة اليمنية في السعودية حول كيفية الترحيل فقط..!!، حيث أصبحت الوزارتين مجرد أدوات للمتاجرة واستثمار مأساة العمالة اليمنية في السعودية، من خلال عقد بعض الصفقات مع الفاسدين من بيع تصاريح خروج للعمالة غير الرسمية في السعودية وإجبارهم على الترحيل مع شركات محددة للنقل، وهو ما يعكس وجود اتفاقات سرية للفساد بين هذه الشركات وبعض موظفي السفارة والقنصليات اليمنية في السعودية، وجباية مبالغ عالية لتصاريح الخروج 50 ريال سعودي للتصريح والنقل حوالي 250 ريال سعودي، ولا ندري هل هذه الجبايات من قيمة التصاريح تورد إلى خزينة الدولة أم أنها توجه إلى خزائن حمران العيون الذين ما زالوا يمارسون الفساد بحماية حصانة النظام السابق..!! ليس فقط ذلك بل أن القنصليات اليمنية في السعودية ودل الخليج والعالم تقريباً تمارس بعض الجبايات من المغتربين خارج إطار قوانين الجباية الرسمية من الرسوم والتجديدات للجوازات أو غيرها وهي تجبي مبالغ ضخمة لا تصل إلى خزينة الدولة على الإطلاق..!! بل أن البعض منها دون سندات رسمية..!! وهو ما يعكس حرص قيادات الخارجية والدبلوماسية اليمنية على احتكار وظائف الدبلوماسية اليمنية في مختلف قنصليات اليمن لأشخاص محددين وخارج إطار أي منافسة وظيفية، بل تعد الوظائف الإيرادية على وجه الخصوص محتكرة من قبل مسؤولين نافذين وأبنائهم ومن والاهم من الحشم والخدم..!!
بينما وهو الأكثر أهمية وهو ما كان يجب أن تهتم به الوزارتين وهو كيفية العمل على حماية حقوق العمالة اليمنية التي تحملت الكثير من الأعباء للحصول على اقامات العمل عبر الكفلاء والمتاجرين بعرق العمالة اليمنية والتي تتجاوز قيمتها 20 ألف ريال سعودي، وما تعرضوا له من انتهاكات من الغاء إقامات العمالة التي لا تعمل لدى كفلائها، وهو ما يعرض هذه العمالة للكثير من الخسائر مقابل قيمة الإقامة وتكاليف الكفالة وترتيب الأوضاع في البحث عن تغيير الكفيل وهو ما يعرض العمالة للكثير من الضغوط والابتزاز، حيث وليس هناك أي حماية قانونية لحقوق العمالة الأجنبية، وغياب الدور الرسمي لوزارتي الخارجية والمغتربين في ترتيب الأوضاع لهؤلاء العمالة، وليس هناك من الاتفاقيات الثنائية ما يحفظ للعامل اليمني حقوقه في العمل أو في التقاضي، حيث أن الطرف الأجنبي في أية قضية يكون الطرف الآخر سعودي فالغالب لا ينظر فيها على الإطلاق، وأن تم النظر فيها في بعض الأقسام أو المحاكم فالعامل اليمني يكون الضحية في سلب حقوقه وطرده إن لم يحكم عليه بالسجن لسنوات دون أية تهمه واضحة، سوى أنه تطاول وقدم شكوى ضد مواطن سعودي حاول ابتزازه أو انتهك حق من حقوقه في الاتفاق الشفوي في الغالب، وكل ذلك في غياب أي ممثل للسفارتين الخارجية والمغتربين..!!
بل أن رد الفعل التي أعلنته الخارجية اليمنية تجاه الترحيل القسري للعمالة اليمنية في السعودية هو لجوؤها بالشكوى بل بالأحرى الاستجداء والتسول إلى منظمة العمل الدولية ومن أن اليمن بحاجة إلى مساعدة المنظمة لاستقبال العمالة اليمنية المرحلة من السعودية والبالغة حوالي 200 ألف عامل خلال الثلاثة الأشهر الماضية، وهي بحاجة إلى توفير الإيواء وحاجيات الماء والصحة للعائدين..!! وهي في ذلك تستثمر مأساة العمالة اليمنية ليس لتقديم المساعدة لهم وتقديم الحلول لمشكلاتهم في توفير الفرص العمل المناسبة أو تقديم التعويضات اللازمة لهؤلاء العمالة الذين خسروا الكثير من حقوقهم في العمل والإقامة وانتهاك كرامتهم في الترحيل القصري وضياع حقوقهم في الأعمال التي كانوا يزاولونها هناك..!!
ولم تقم الخارجية برفع قضية طلب تعويضات على السعودية لدى منظمة العمل الدولية أو المنظمات الحقوقية الدولية لمطالبة السعودية باحترام حقوق الإنسان وضمانه حقوق العامل اليمنيين وتعويضهم مما لحق بهم من انتهاك لكرامتهم وضياع لحقوقهم هناك..!!
بالتأكيد أن هناك الكثير من المواثيق وقوانين العمل الدولية التي تجبر الدول على احترام حقوق الإنسان وضمانة حقوقهم في الأعمال والتعويضات اللازمة جراء ما يتعرضوا له من تعسفات وانتهاك لحقوقهم، إلا أن ذلك يتطلب تبني اليمن المطالبة بذلك ورفع القضية إلى هذه المنظمات ومنظمات حقوق الإنسان التي تدعم الحفاظ على حقوق العمالة المهاجرة في العالم..!!