انتهت المرحلة الأولى لمؤتمر الحوار الوطني ولم يتم التوصل إلى شكل الدولة، اتحادية لامركزية أو بسيطة، وتركز الاهتمام على الجيش والأمن وأخذ حيزاً كبيراً ولم تحظ السلطة المحلية وتجربة المجالس المحلية بنفس الاهتمام وهي بأمس الحاجة إلى الاهتمام، مع ان هنالك تيار يدعو إلى مجالس محلية واسعة الصلاحيات، ولو قارنا بين المجالس المحلية وما تقوم به اللجان الشعبية لوجدنا إن الأخيرة أكثر تلاحما بجماهير الشعب. في الوقت الذي أمامنا تأسيس دولة فتية، فالمجالس المحلية لاتزال تجربة فاشلة من وجهة نظري، لخضوعها للتأثير الحزبي، والى اليوم لم تخضع لمبدأ التقويم والتقييم، وأغلب أعضاء السلطة المحلية غير ملمين بمسؤولياتهم وحتى بقانون السلطة المحلية، والأغلب منهم لايفرق بين قناة سبأ الفضائية ووكالة سبأ للأنباء، بل لايفهمون عن الصحف الرسمية الصادرة في اليمن، وقلما نجد مجلساً محلياً خالياً من الصراعات والمماحكة إلا فيما ندر، وكثيرا ما تنشا الاختلافات بين أعضاء المجالس والمدراء العموم والمحافظين، ولو حصرناها لطال الحديث عنها وما من مديرية أو محافظة في الجمهورية إلا ونجد أعضاء تلك المجالس يتسابقون على الأراضي ويتصارعون فيما بينهم في توظيف أقاربهم ويتسابقون على امتيازات شركات النفط و.. و.. لأن العقلية (عقلية مغنم ونهب) والأخطر أن يترشح عضو مجلس محلي مستقل ونفاجأ فيما بعد انه ينخرط في أحد الأحزاب السياسية المتصارعة صراع الثيران الاسبانية؛ التي تغمض عينها وتهوي باتجاه يافطة المصارع الحمراء.
في المحافظات الجنوبية، قبل قيام الوحدة، هناك تجربة مماثلة للمجالس المحلية مستوحاة من تجربة النظام الكوبي، وهي ما يسمى بمنظمه لجان الدفاع الشعبي حيث يتم انتخاب لجان الأحياء والوحدات السكنية من عامة الشعب دون أن يدفع لهم أي مقابل (عمل تطوعي) وترشيح مباشر دون تكاليف مالية، وبعيداً عن الفئوية والقبلية والمذهبية التي خضعت لها مجالسنا المحلية حتى أصبحنا نرى أعضاء المجالس أكثر تعاليا واستعراضا بحمل السلاح وأكثر تفاخرا بركوب السيارات الضخمة الأمر الذي جعلهم بعيدا عن قضايا المواطنين وتطلعاتهم، ومن هذا المنطلق فان تجربة المجالس المحلية بحاجة الى إعادة نظر وتقييم للعيوب التي رافقتها، وإذا كان التوجه نحو مجالس محلية واسعة الصلاحيات فعلينا الأخذ بعين الاعتبار التركيز على حملة الشهادات (التكنوقراط) من عامة الشعب بعيداً عن الأهواء القبلية والحزبية والجهوية كي نتجنب صراع المصالح وشخصنه المواقف والتسييس والابتعاد عن استقطاع المشاريع على أساس مناطقي ضيق.
وما يوجب التنبيه إن الهيئات الإدارية في المجالس المحلية الوحيدة المخولة بإنزال المناقصات للمشاريع المختلفة الأمر الذي تترتب عليه تبعات غير محمودة من تلاعب وتدليس وعمولات وبالتالي تنفيذ مشاريع تتهالك قبل افتتاحها لأن مبدأ المحاسبة مفقود، وبالتالي من يحاسب من إذا وكما يقال في حضرموت (البائع باخيضر والمشتري باخيضر).