خلال تداولات أعضاء مجلس العموم البريطاني مع رئيس وزرائهم ديفيد كاميرون تساءل نائب لا نعلم اسمه ولا خلفيته عن تداعيات أي عمل عسكري في سوريا على استقرار اليمن. لم يحظَ التساؤل بإجابة من كاميرون مع أن فلتة اللسان هذه ربما جاءت في سياق استدعاء المخاوف البريطانية من إمكانية الانتقام لضرب الأسد عبر زعزعة استقرار أحد أهم ممرات الملاحة الدولية، لا سيما النفط الذي لا يتعلق الأمر بمروره فحسب انما بمنابعه المحاذية للجغرافية اليمنية.
هذه الفلتة تعني ابتداءً السلطات اليمنية المسؤولة عن استقرار البلد وتبعث العديد من الفرضيات المرتبطة بالمشهد الإقليمي والدولي لأن توجيه ضربة لنظام الأسد قد تطيح به ولن تعاقبه فحسب، يُعدُّ في الحالتين مصدر هلع لحلفاء طهران ويُسجِّل خرقاً تاريخياً لتحكم أباطرة المال الغربيين بالقوة العسكرية لبلدانهم، فضلاً عن كونه يحدّ من خيارات الدولة العميقة في بلدان الربيع العربي في مواجهة التيارات الثورية لاسيما الحالة المصرية التي أثقلها الانقلاب بانتهاكات لحقوق الإنسان فتوقيت جريمة الغوطة ينمّ عن رغبة تيارات الدولة العميقة وحلفائهم الغربيين في تصعيد محاولات الإذلال لتتجاوز الشعوب كما حدث في مصر الى محاولة إذلال المجتمع الدولي واختبار جدِّية قادته في مواجهة ذلك، وربما البناء على النتائج إمكانية الشروع في محاولات استعادة السلطة في دول الربيع عبر انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان، وقد يسعى هذا الطيف الخاسر حال فشل محاولاته لوقف للضربة الى رفع كلفتها.
نتوقع ألا رجعة عن معاقبة الأسد ما لم يتنحّ لاعتبارات أمنية وإنسانية تتعلق بوقف استخدام السلاح الكيميائي في جرائم الإبادة الجماعية، ولأن التراجع سيُشجِّع لا محالة على المزيد من إخضاع العالم لنزوات الديكتاتوريات وأطماع تيارات الدولة العميقة وهو ما سماه أوباما تهديداً للأمن القومي الأمريكي ربما مستحضراً تهديدات كوريا الشمالية، كما أن التراجع قد يقلص لا محالة فرص بناء أنظمة عربية ديمقراطية يرغب أحرار العالم بتعزيز أسباب ولادتها المتوفرة اليوم بوتيرة لم يشهدها التاريخ من قبل.
توحي فلتة لسان النائب البريطاني أن فشل تيارات الدولة العميقة في تحريك الديكتاتوريات المثقلة بالفساد باتجاه إنقاذ الأسد قد يجعلها تراهن على نزوات أدوات طهران في اليمن على شاكلة إغراء "حزب الله" بالتورط في سوريا يوم تحول فجأة شعار إزالة "إسرائيل" إلى محاولة بشعة لإزالة مدن سوريا بنسائها وأطفالها من الوجود فعلاً لا قولاً، أشبع "حسن" رغباته الوحشية التي فضحها الربيع متكئاً على تحقيقه شيئاً من أهداف الغرب في بلورة نظام ما بعد الأسد لكن ذلك لم يشفع له في النجاة من قوائم الإرهاب فلم يستحِ "المقاوم" من تريد فضيحة تاريخية قضت بأن قواته حين تُنكِّل بالإنسانية في سوريا انما تُجري مناوراتها الأخيرة في الطريق الى القدس بقيادة لافروف وبوتين والخميني وحسن!
إنه حلف فوضوي مفضوح ترزح كياناته تحت وطأة قيادات مصابة بحمى فقدان امتيازاتها السلطوية كحق إلهي!، يتجلى ذلك في اندفاع جماعة الحوثي نحو تهيئة المشهد اليمني باتجاه رغبتها في رفع كلفة ضرب "الممانع بشار"! عبر موجة جديدة من عنفها المغلف بأكذوبة تلمُّس طريق الى القدس! يفضي فقط للتورط في مغامرة لا محسوبة تترجم تهديد المحطوري ب"حرب البسوس" التي بشّر يوماً بها في تحدِّ صريح لأمن اليمن القومي.