للأحزاب السياسية دور مهم في تغيير الوعي الجمعي للشعوب باتجاه العمل المنظم الذي يتبنى أدوات مدنية، فالحزبية شكل من أشكال الحداثة، واشتراط للدولة الحديثة اليوم. قبل أيام حلت على اليمنيين الذكرى ال 23 لتأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح. كواحد من الأحزاب التي أثْرَت الساحة الوطنية والعمل السياسي. وهو بتجربته كحزب انبثق من الحركات الإسلامية التي تأسست في الوطن العربي، ونحن بحاجة إلى دراسة توضح نجاحاته وإخفاقاته بإنصاف في إطار تقييم الحركات الحزبية والسياسة في اليمن، ليساعد ذلك في الدفع بها إلى الأفضل.
في مثل هذه المناسبات اعتاد النقاد تقديم النصائح المجردة المُمثلة للرأي الشخصي مركزين على ما ينقصه. لكن تسليط الضوء على ما حققه الحزب وبأي نسبة كانت في تطوير منهجه وفكره هي طريقة مقنعة له النصيحة فلن تقوى حجتنا إلا إذا كنا منصفين في كل الأحوال.
إن الخطاب المُضلل الذي يسود بسبب التنافس السياسي المحموم الذي يشارك فيه الإعلام المرئي والمقروء، وأساليب الإشاعة، قد يحيد بالمشاريع عن أهدافها وينتج تجارب مشوَّهة.
وما يعول عليه في مواجهة ذلك هو خلق بيئة محايدة تسعى للإنصاف بتقديم الحقائق بطريقة علمية مدروسة للمساعدة في تطوير التجارب السياسية في البلاد وإيجاد نخبة تملك مشروعا يساهم في نهضة اليمن.
في ذكرى تأسيس التجمع اليمني للإصلاح التي تذكرنا ببداية التعددية الحزبية في اليمن، لا يمكننا تجاوز ما قدمه الحزب للسياسة من التراكم والمرونة والمبادرات والمراجعات التي لا تتوقف. وباعتقادي هو اليوم بحاجة إلى العمل على توسيع الدائرة الناشئة من نجاحاته ومضاعفة الخطوات التي اتخذها في اتجاه تطوير آلياته الحزبية ومنهجه الفكري. وهذا سيساعده بالتأكيد في جذب مزيد من النجاحات التي تجر بعضها بعضا.
يمكننا وبشكل نسبي، التحدث عن مشروع يملكه الحزب دون عمل علمي تنظيمي، لكنه مبني على التراكم الذي يصقل التجارب ويمنحها المزيد من القدرة والقوة في التطور إلى الأفضل: يحسب للتجمع اليمني للإصلاح كأهم دور وطني أدواره الوطنية في التحالف مع المعارضة في “اللقاء المشترك”.
ويحسب له قطيعته البطيئة عن الأفكار المتشددة. يحسب له تجربته المنفتحة في نظرته للفن للغناء تلقيا وإنتاجا مع تحقيق رؤيته الخاصة، والذي يشجع مبدعيه من الأعضاء ويدعمهم ليشكلوا الجيل الجديد الذين نراهم اليوم في الدراما اليمنية وفي الغناء.
ويحسب له كونه الحزب الوحيد الذي لديه مركز للدراسات الاستراتيجية منذ التسعينيات، كونه أوجد مساحة للاختلاف بداخله أخرج جيلا مثقفا يحاول التصالح مع الزمن ويفهمه ينتقد ويتطور. يحسب له دوره في ثورة فبراير 2011.
كطرف وطني جاذب لأطراف أخرى أثر بها وبالضرورة أثرت عليه. يحسب له تطور نظرته للمرأة والدور الذي قامت به في المشاركة في حماية الثورة، والحشد لها،وفي نقل صورة زاهية عن المرأة اليمنية.
يحسب له أنه تجمع يضم اليمنيين من مختلف الشرائح، على أساس وطني، لا مناطقي ولا قبلي ولا عرقي ولا مذهبي ولا طائفي. كما يحسب له الجانب المشرق فيه الذي يؤسس حضوره على الاختلاف والتعايش السلمي مع جميع الأفكار والتوجهات.