لقد خرجنا لإسقاط الطغاة، وثرنا ضد نظامٍ سياسي بُغية تغييره نحو الأفضل، مع بقاء الدولة اليمنية موحدة، مُسيجة بالحق والعدل والحرية المساواة، بينما فهم البعض الخروج على أنه ثأرٌ على الجغرافيا، وثورةٌ على الهُوية اليمانية المشتركة، والجامعة! لقد خرج شبابنا وأغلبية شعبنا ونحن معهم، ضد الظلم والفساد والاستبداد.
إنها ثورةٌ ضد النظام السياسي، لا خروجٌ ضد الدولة، أو محاولة تفكيكها وتجزئتها!
لقد كان الحاكمُ الطاغية "شماليًا" ونائبه "جنوبيًا"، ورئيس الوزراء "جنوبيًا" والوزراء بين "شمالي" و"جنوبي". صحيحٌ أنَّ السلطات كانت مركزةً بيد علي صالح وقلةٍ من عائلته ومتملقيه ومريديه (شماليين وجنوبيين).
لكن من الصحيح أيضًا، أن المعاناة والظلم قد وقع على اليمنيين (جنوبيين وشماليين)، (شرقيين وغربيين)، وإن كانت معاناة إخوتنا في المحافظات الجنوبية أشد وطأة، وأكثر وضوحًا!
وبالرغم مما سبق، فليس مبررًا للمناداة بتجزئة الدولة، والتفريط بالوطن.
مع التأكيد على أن الوطن ليس جغرافيا، وموقع وثروات فحسب، بل إن الوطن ذلك المكان الذي تُمارس فيه الحقوق والحريات، وأداء الواجبات.
إنَّ ما يحز في النفس أن تسمع الآن وزيراً أو مسؤولاً من المحافظات الجنوبية، شارك علي صالح ظلمه وفساده واستبداده؛ يطالب بالانفصال وفك الارتباط!
يا هذا: لماذا لذت بصمتك على الظلم وانتهاك الحقوق والحريات، ونسيت مواطنيك في الجنوب قبل الشمال، وفي الشرق قبل الغرب!
يا هذا: إنك انتهازيٌ فصيح؛ حينما تستحضر الآن "مناطقيتك"، ومكان ميلادك لتجعل منهما مبررًا للمناداة بفك الارتباط!
على الرغم أننا نمر بمرحلة انتقالية، فهاهو الآن الرئيس "جنوبي" ورئيس الوزراء "جنوبي" ونحن سعداء بذلك.
فلا ضير أن يكون رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء من الجنوب، كما هو حاصلٌ الآن، وكما قد يحدث في المستقبل القريب.
المهم الحفاظ على اليمن (مجتمعاً ودولة ووطن)، في ظل دولة الحقوق والحريات وأداء الواجبات، لا سلطة القهر والفيد والإتاوات!
لقد صرخت منذ سنوات، عبر الفضائيات وبعض الكتابات، ومازلتُ، منبهًا من الظلم والفساد، ومحذرا من التشطير والتجزئة بقولي: لا وحدة مع فسادٍ واستبداد، ولا ديمقراطية مع تجزئة وتشطير وفك ارتباط.
بمنأى عن تخييرنا بين "الوحدة أو الموت"، أو "الوحدة والخطوط الحمراء" والصفراء والسوداء! نقول: نعم لدولة يمنية مدنية اتحادية عادلة، مؤطرة بهوية يمانية مشتركة. دون تفكيك وتشطير، أو ظلم وتوحيد.