هي درة الدنيا وعبقها الشامخ وأسطورتها المتجددة، إنها تناغم أمجاد في روايات خالدة يفخر بها التاريخ وتتغنى بها الأشعار.. .... هي الجوهرة المصون، فسحرها يغري النسيم فيهب ليعانقها، وتُخجل الهواء العليل فيمكث فيها، تغازلها الأمواج فتسرح حولها زهواً لقربها منها.. .... إنها الحب المتناهي واستفاقة الأصيل، تتراقص الأشجار فيها طرباً وتتنفس الأزهار كل صباحٍ فيها كابتسامة الربيع وجمال الأنوثة.. .... يا درة التاريخ يا مهد الحضارات التليدة، أنتِ يا عامرة يا كريمة يا حنون.. الكل يهواك فالشجر والحجر بل والحيوان يتوددوك إلا بنوكِ.. ما بهم حتى جفوك.. ماذا دهاهم حتى نسوك. .... يا إشراقة المجد الأول يا فخر انتصارات النبوة يا عظيمة.. أُدْنِ مني أحدثك عن أبنائك اليوم.. ألا تسمعينهم وهم موفنبيكيون، مؤتمرون، متحاورون، ومتخاصمون؟ بلى تسمعينهم بل وترقبينهم وهم لا يشعرون بك فلو أحسوا بك وبجمالك لما جرحوك ثم جرحوك والآن يقسّموك.. .... يا أستاذة الحياة علميهم كيف يكتمل المجد بالانتماء والحب لا بالأقاليم والتشرذم، علميهم أنهم هم من فسدوا وأفسدوا وليس أنتِ حتى يمزقوك، ذكريهم بالمآسي التي خلفوها هم والآلام التي زرعوها هم ليس أنتِ.. .... خاطبيهم أنهم ليسوا كل أبنائك، قولي لهم أنهم ليسوا سوى سراب في أمواج من أحبوك قفي في وجوههم لا تجعليهم يكثروا فينا وخز الضمير وانتكاس الفطرة.. .... أخبريهم بأن يأخذوا كل المناصب والمكاسب ويبقوك لنا يا إكسير الحياة وصك غفران المسيح.. قولي بأن أقاليمهم لا تعنينا إن لم تَهَبُ الحياة لنا فليأخذوا كل الأقاليم وليمنحونا إقليم الحياة.. نعم إقليم الحياة فقد جعلوا كل ما حولنا يدعو إلى الموت والشتات.. نحن أحوج ما نحتاجه الآن هي الحياة.... .... سأحكي لك ما عرضوه في أول يوم لتحاورهم وكانت كلمات مغناه للشاعر عجلان ثابت ولعلك ترين جمال هذه الكلمات ومدى الأحلام التي رُسمت فيها.. تقول الكلمات وهم يسمعون: لما أضاء لنا القمر هل كان يقصد بعضنا أم أنه يهب الضياء لجميعنا هل حين ينهمر المطر يستثن سقفاً بيننا؟ أم أنه لبيوتنا وربيعنا
خاطبهم أبنائك الصغار قائلين لهم: سنخاف من أحضانكم إن أضرم الحقد بها هلا اجتمعتم مرة من أجلنا؟ هل تجعلون الرابية مسكونة بقبورنا أم روضة لزهورنا وأماننا
لكن في نفس هذا الأوبريت الذي افتتحوا به مؤتمرهم -كما أخبرتك- مقطع يقول: لكن آباء الصغار لم يسمعوا صوت النشيد الكل أغلق بابه صار الخلاف هو البريد كلٌ يسور أرضه فتمزقت قنواتهم وتراجعت أنهارهم من حولها
فيحزنني أن أخبرك بأن هذا ما تمخض عن كل جولات حواراتهم، واتضح لنا أن الغالبية منهم لم يكونوا يحملون همك كأولوية بقدر ما يبحثون عن مصالحهم الضيقة..
لا تحزني ولا تكترثي لما يقومون به من حماقات صبيانية فقد كان قبلهم أقواما حاولوا إذلالك لكنهم ذهبوا وذهبت مؤامراتهم وبقيتِ أنتِ شامخة مبتسمة.. .... ياااادرة الدنيا ومهد الحضارات العريقة روحي فدائك يا يمن.