عاش الشعب اليمني الشقيق حقبا من الصراعات خلفت في ثناياه مآسي وآلاما كما خلفت اضطرابا اقتصاديا مزمنا وجعل من بلاد سد مأرب واصحاب الحضارة الموغلة في القدم في وضع شديد الحرج امام العالم ، حتى صار محل اتهام دائم بانه يعاني من حالات فقر تتولد في جنباتها حالات إرهاب ونزوع نحو العنف. ولا يمكن اسناد هذه الظروف التي مر بها اليمن الشقيق الى الحظ او المقادير فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيرو ما بأنفسهم. وحين توصلت الحكومة اليمنية الى اتفاق وقف اطلاق النار مع الحوثيين في الشمال تنفس الناس داخل اليمن وخارجه الصعداء مع آمال بان يكون هذا الاتفاق قادرا على الصمود في وجه التيارات العاتية التي تهب على الساحة اليمنية من اكثر من اتجاه وتدفع به وبأبنائه الى الخروج من مرحلة صراع للدخول في مرحلة جديدة مع تغيير في الساحات يصاحبه تغيير في الخطاب الإعلامي المصاحب لطلقات الرصاص وانفجارات القذائف. لقد كان من الممكن تلافي الكثير من الخسائر المادية والبشرية لو أن الطرفين أفلحا في التوصل الى هذا الاتفاق من البداية حيث سبق للحكومة ان وضعت النقاط التي قام عليها اتفاق وقف اطلاق النار من قبل لكن الحوثيين رفضوها في حينه ، وهاهم عادوا الى القبول بها دون تعديل ، فمن يدفع ثمن الأخطاء في التوجهات إذن ، ومن يحمل في عنقه دماء الضحايا الذين راحوا على كل الجبهات التي فتحت؟. ان السياسة الناجحة لا تأخذ بالغيب بل بالمطروح من امكانيات تحقيق الاستقرار وتسوية النزاعات ، وها هما الطرفان قد التقطا اول الخيط لتسوية سلمية ومعالجة الندوب الغائرة التي تركها الصراع في صعدة ، والامل كل الامل ألا تكون هذه التسوية مقدمة لفتح جبهة اخرى. فالاشقاء في اليمن بحاجة ماسة الى التقاط الانفاس وعلاج المشكلات الاقتصادية ، والاهم من ذلك علاج الحساسيات التي ترسبت في نفوس شرائح المجتمع اليمني. وبالتأكيد فإن اليمن بحاجة الى مبادرات شجاعة وتنازلات حتمية لرأب هذه الصدوع المتزايدة في جسد بلد عزيز على العالم العربي كله بصفته اصل شعوب هذا العالم الممتد من المحيط الى الخليج. لابد من ايجاد وسيلة ل(تحصين) الساحة اليمنية بشمالها وجنوبها ضد أي نزاع قادم ، استفادة من التوترات السابقة وتداعياتها المؤسفة التي تفتح الباب للتدخلات الاجنبية ، ولا تعطي أبناء اليمن وقياداته الفرصة لتقرير مصيرهم بأنفسهم ، فأيها الأشقاء اليمينون..تداعوا الى كلمة سواء فانتم اهل علم ودين وحكمة موروثة ، وليس من المعقول ان تترك ساحتكم هكذا نهبا للمزايدات والسجالات الدامية. ان كافة الشعوب العربية وفي مقدمتها الشعب العماني تتمنى ان يصمد اتفاق وقف اطلاق النار في اليمن ، وألا تبدأ تلك اللعبة المعروفة حين ينتهك الاتفاق ثم تبدأ الاتهامات المتبادلة بخرق الاتفاق ، ثم ينفتح الباب ليسقط منه ضحايا جدد.