لا أعتقد أن إعلان ما يسمى بتنظيم القاعدة مسؤوليته عن الهجوم على مجمع الدفاع سيكون الإجابة الشافية الكافية والنهائية للسؤال الكبير عن هوية المعتدي، ذلك أن الإعلان المتأخر بعد ظهور إعلامي مرتبك ومتردد –في وقت سابق- يوحي بأن إعلان المسؤولية جاء للتغطية على شركاء آخرين، قدموا الخدمات الأساسية واللوجستية التي لولاها لما حدث الهجوم الغاشم الآثم، وهذا واضح عند محاولة البحث عن إجابات لأسئلة بسيطة وعادية يمكن أن يتركها دخان أي عمل إجرامي كالذي حدث في مجمع الدفاع مطلع الشهر الجاري، فمثلا: كيف عرف القتلة المباشرون للجريمة بأن مجمع الدفاع يتضمن غرفة للتحكم بالطائرات الأميركية بدون طيار؟، رغم المعلومات المتداولة إعلاميا على نطاق عالمي وعربي ومحلي التي تنفي وجود هذه الغرفة على الأراضي اليمنية؟!، ولماذا تم توقيت الهجوم في يوم الخميس الذي يتزامن –عادة- مع وجود رئيس الجمهورية في المجمع سواءً في مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أو لإجراء فحوصات طبية روتينية كما تردد؟!. من الأسئلة المثيرة أيضاً: كيف حصل القتلة على مخطط فني لتفاصيل مباني المجمع، للوصول إلى الأهداف المحددة، وقبل ذلك: لماذا ارتبكت إجراءات الحراسة المشددة على واحدة من أهم المنشآت العسكرية في البلاد، مما سهل دخول القتلة إلى المجمع، وتحركهم بحرية وجرأة كما ظهر في التسجيلات المصورة التي عرضها الإعلام الرسمي نقلاً عن كاميرا المراقبة داخل المجمع؟!.
لا يمكن التصديق بالقُدرات الخارقة لإرهابيي القاعدة في أغلب ما أقدموا عليه من عمليات قتل وتفجير وتدمير، سواءً في حادثة المدمرة كول في خليج عدن عام 2000م، أو تفجيرات 11 سبتمبر في نيويورك عام 2001م، أو السيطرة على محافظة أبين عام 2011م، وغيرها من الحوادث التي تصدروها، حتى الحادثة الأخيرة في مجمع الدفاع، ذلك أنهم بهذه القدرات الخارقة يستطيعون حكم أجزاء مهمة من العالم، دون الحاجة إلى المحاكاة البائسة للمسلسل الكرتوني «توم وجيري» مع أميركا وغيرها!.
يتوجب على جهات التحقيق في جريمة مجمع الدفاع أن يتركوا ما قيل ويقال من تصريحات وتسريبات جانباً، وأن يصلوا بأنفسهم إلى الحقيقة بكل تفاصيلها وأبعادها، وألا يفرطوا بحق الشعب في معرفتها.
أما ما يخص الاعتذار الهزيل الذي قُرن به الاعتراف بالجريمة الشنعاء، فأعتقد أنه ضاعف الاستياء مما حدث، ولا يمكن قبوله إلا بالقصاص من جميع القتلة، فبشاعة الجريمة وما تم توثيقه من تفاصيل مصورة يؤكدان خطأ التفكير والتصور قبل خطأ التحرك والتنفيذ، و لعلها فرصة مناسبة لمن لا يزال يتعامى بالحياد أمام جرائم القاعدة أن يفيق ويدرك استحالة أن يجتمع خير اليمن وسعادته بهذا العبث المتلفع بالدين، والمتهور بمعالجات لا تمت للأسباب بِصِلة، ويكفي ما حدث من جرائم وما سقط من ضحايا لفهم ذلك، والتحرك بوعي جمعي لمواجهة هذا الخطر!.