في السطر الأخير لأحد الكتاب المستشرقين زعم أن آخر ملوك الحمراء بكى؛ ثم زجرته أمه قائلة: ابكي كما تبكي النساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال! الساعة العاشرة؛ يجتمع كل من في الدار... اليوم هو الثلاثاء؛ الجميع يحب هذا اليوم بالذات كونه اليوم المخصص للاتجاه المعاكس؛ حيث تنتفخ الأودجة؛ وتزجل العبارات، وتسيل الشتائم؛ وقد تتشابك الأيدي.. يبارك البعض ذلك التنافر العجيب، ويتجاهله البعض؛ لكن من منا قرر أن يرى ذلك البرنامج بعين أخرى غير تلك العين التي تبكي في التاسعة، ثم تتقوس ضحكاً أو غضباً في العاشرة! عين قادرة على أن تصبح خارطة.. ترى وجع المقدسي القديم الذي ترك مفاتيحه صدئة في أكف أحفاده؛ لم يقرر بعد هل يجدد المتاح أم أن الصدأ سيختصر الحكاية في أن موعد النصر تأخر طويلاً؛ طويلاً بحيث صار الصدأ جزءاً من المشهد. ستقرأ عن الشيشان القديم الجديد؛ وكيف ابتدأ جرح الأمة من تلك السبابة ليسقط الجسد بكله.. ستقرأ عن العراق الذي جاع حتى الموت باسم العروبة؛ ثم شنق صدامه باسم عدم التدخل في الشؤون الداخلية! عن الربيع الذي لم يزهر حتى اللحظة سوى المزيد من الألم.. وعن الوجع الذي يسمى سوريا.. عن زرقة عين طفلة لن تتمتع بطفولتها في قبر مظلم؛ عن كف سورية تمتد من أقصى إلى أقصى فلا تجد من ينتشلها من وجعها.. بل تجد الكف الثلجية أحن عليها ألف ألف مرة من الكف السمراء التي يجمعها بها قدر واحد ... عن اليمن الذي بدأ يهرول بشكل مخيف نحو الطائفية.. هل الكوفية الفلسطينية؛ أو القبعة الشيشانية؛ أو العين العراقية؛ أو البسمة الشامية، أو السمرة اليمنية ....إلخ تستحق أن نحمل عيوناً ساذجة بهذا القدر! تبكي لمشهد دامٍ؛ ثم لا تلبث أن تغتسل بالضحك بعد خمس دقائق! ألن نكون عرباً إلا إذا اختصمنا! ألن نكون وطنيين إلا إذا تقاتلنا ؟! الأمر ليس بالسهولة التي نتعايش معها إزاء استماعنا للأخبار ثم تلاهينا عنها؛ الأمر برمته أخطر من قنبلة نووية توقيتها بدأ يستشري فينا منذ زمن...وها هو يعرينا تماما من إنسانيتنا. نصيحة: إذا كان لا بد من مشاهدة برامج ناقدة للتسلية فلا بأس شريطة ألا نفتح أعيننا على ألم ما اسمه سورية أو اليمن أو مصر ثم نتبعه بضحكة تقتل شعورنا حتى النهاية.