لقد عانى هذا الوطن من ويلات الحروب بسبب القيادات التي حكمت اليمن وكان أهمها السلطة والمال، قيادات مريضة تشعر بالقوة والاستعلاء على الناس، وتشعر بالسعادة والرضا عند مشاهدتها للدمار، بل تتلذذ بمشاهدتها للدماء والقتل. ستة حروب في صعدة وعمران تركت آثاراً سلبية مدمرة على الأرض والإنسان، وعلى البنى التحتية من شوارع، ومدارس، وطرقات وجسور، ومساجد، ومنازل، وشردت الناس، وقتل في هذه الحروب آلاف المواطنين من مدنيين وعسكريين ومن خيرة الشباب، وخسرت الدولة مليارات الدولارات، حسب تصريح الإعلام الرسمي. كنا نتوقع بعد التوقيع على المبادرة الخليجية ونجاح الحوار أن يسود الأمن والاستقرار، ويتجه الناس وقيادات محافظتي صعدة وعمران إلى بناء المدارس، لكنهم للأسف توجهوا لبناء المتارس. كنا نتوقع أنهم سيتوجهون لإصلاح التعليم، ومطالبة الدولة بتأسيس جامعة في صعدة، وبناء كلية زراعة، إذ تشتهر به المحافظة بزراعة التفاح، والبرتقال، والرمان، وغيرها من الفواكه. كنا نتوقع أن يبدأ الاهتمام بمطالبة الدولة ببناء المستشفيات والوحدات الصحية، ومراكز لتأهيل وتدريب وتعليم المعاقين الذين تضرروا من هذه الحروب، وتقديم الخدمات الصحية لكل الناس، وتوصيل المياه الصالحة للشرب لكل منزل.. لكن شيئاً من ذلك لم يحدث.
السؤال الذي يطرح نفسه: من المنتصر، ومن المنهزم في هذه الحروب؟ ومن هو المتضرر، ولصالح من تشتعل الحروب؟ أكثر الناس تضرراً هم الأطفال، بسبب اعتمادهم على آبائهم وإخوانهم الكبار، أو أقاربهم. الأطفال أكثر الناس تأثيراً وقابلية للإيحاء، ويصدقون بسرعة ويتأثرون بمشاهدة الآخرين، يتأثرون من مشاهدة القتل، ومن سماع كلام الآخرين.
عانى أطفال صعدة وعمران من الحروب السابقة، ومنهم من عاش في مخيمات للنازحين، وعانوا من ظروف الطقس (برد، شمس، رياح) ومنهم من أصيب بالأمراض النفسية وأخطرها الاكتئاب نتيجة لفقدان الوالدين، أو الأصدقاء، أو الأقارب.
هذه الحروب لا تؤثر على الأطفال في سن مبكر، بل تؤثر على الأجنة وهم في بطون أمهاتهم: سماع أصوات البنادق، والقذائف والصواريخ ومشاهدة القتل كلها تؤثر على حياة الأمهات وبالتالي تتأثر الأجنة وهذه الظروف تؤثر على شخصيات الأطفال، وستبقى لعشرات السنين.
هؤلاء الأطفال يناشدون المنظمات الإنسانية العالمية والمنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، ووزير حقوق الإنسان التواصل مع الرئيس هادي، ومع مجلس النواب، والنخبة السياسية الحاكمة لإيقاف نزيف هذه الحروب، حرصاً على مصلحة الوطن، وتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي، وتقديم المساعدات والعلاجات لمن عانوا من هذه الحروب.