ما ان يصدر الرئيس هادي قراراً حتى يتم الفرز على أساس ان هذا الشخص محسوب على الثورة ام على عائلة صالح وهذا الفرز يصور الرئيس هادي عبارة عن موظف مراسيم إصدار قرارات وهذا يتنافى مع طموح وخبره الرئيس هادي في إدارة واستثمار الصراعات منذ دولة الحزب في جنوب الوطن وتلك السنوات التي قضاها في نظام صالح مساهما ومتأملاً ومراقباً للصراع السياسي والتي يمكن تلخيصها بما نقل عنه (صالح لم يسمح لنا بالشراكة في الحكم لكننا تعلمنا كيف نحكم) بمعنى ان الرئيس هادي تعلم فن إدارة الصراع في عهد الرفاق وعهد صالح ليتسنى له الآن تطبيق نظريته الخاصة في إدارة الحكم والتي يمكن من خلال مواقعه وقراراته خلال سنتين استخلاص منهجيته في الحكم ب(توظيف الصراعات لصالحه وليس الانغماس فيها) وهي تقترب من مدرسة الرقص على رؤوس الثعابين وان اختلفت عنها بأنها لا تنشئ الصراع لكنها تقوم بتوظيفه، وهي بالمناسبة إحدى النظريات السياسية الشهيرة باستثمار الصراع. أعود للقرارات، ليس صحيحا ان القرارات لصالح عائلة صالح لأن هادي يدرك انه جاء على انقاض الأسرة وان استمراره في الحكم مرهون بالقضاء عليها ولكنه يعيد إنتاج النظام القديم بعد ان يشتري ولاءاتهم ومعروف عن معظم القيادات العسكرية بحكم تربيتها انها تتساوق مع السلطات والقائد وعلى استعداد للتغيير ولاءها.
الرئيس هادي يبني سلطته الخاصة بما يضعف عائلة صالح وآل الاحمر وقوى الثورة والتغيير ويمكن ملاحظة طبيعة القرارات المدنية والعسكرية والاقتصادية لنتبين ان الرجل يبني سلطته الخاصة ويعيد انتاج النظام القديم بعد شراء ولاءاتهم، ونلاحظ سعيه المحموم لاستقطاب من كانوا يدينون بالولاء لصالح أو لعلي محسن ويمكن ملاحظة طريقة تشكيله للجان كيف انه يمهد لبناء ولاء جديد يتبع الرئيس هادي.
خطورة ما يقوم به الرئيس هادي انه يغفل ان البيئة الاجتماعية في الشمال مختلفة عن الجنوب في قضية التصالح والتسامح، فمثلا صراع الزمرة والطغمة يجتر ماساته حتى الآن بينما قبائل الشمال يمكن ان تتجاوز (بالهجر) والزامل اعتى خلافاتها، وإذن، فليس من دواعي الاستقرار ان يقوم هادي باستثمار الصراع بطريقته الخاصة والمتسرعة فيصادر مكتسبات المبادرة الخليجية التي ضمنتها للطرفين لصالحه وفي مدة زمنية وجيزة جدا، فالرئيس هادي يأخذ حصة الموتمر والمشترك والقضية الجنوبية لصالحه كشخص وبعيد عن أي معايير متفق عليها، فلا هو التزم بنصوص المبادرة وروحها ولا التزم بمواصفات الحكم الرشيد ومعيار الكفاءة والمفاضلة.
هادي يراهن على العامل الخارجي واستثمار صراعات الداخل وهو ما قد يفرض على قوى الصراع في الداخل مراجعة حساباتها والاتفاق على صيغة وطنية قاعدتها المبادرة الخليجية.